“محطة تحلية مياه الدار البيضاء: إنجاز متأخر أم صفقة مشبوهة؟”

0
61

أعاد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، الجدل إلى الواجهة بشأن تأخر إنجاز محطة تحلية المياه في الدار البيضاء.

خلال ندوة صحفية عقب اجتماع مجلس الحكومة، أشار بايتاس إلى أن هذا التأخر، الذي يعود إلى عهد الحكومة السابقة، تسبب في خسارة استثمارات وإمكانيات مالية كبيرة. وأوضح أن المشروع لو أنجز في وقته، لأمكن توجيه الموارد نحو مشاريع أخرى مثل الطريق السيار المائي.

هذا التصريح يثير تساؤلات مهمة: ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخر؟ وهل كان بالإمكان تلافي هذه الخسائر من خلال إدارة أكثر كفاءة في مراحل التخطيط والتنفيذ؟

صفقات تحت المجهر: بين الشفافية والانتقاد

ردًا على الانتقادات حول صفقة محطة تحلية المياه، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن الصفقة تمت وفق طلب عروض مفتوح وبأسعار تنافسية تعتبر من بين الأفضل عالميًا. وأضاف أن الشركة التي فازت بالصفقة استحقتها عن جدارة، مشددًا على أن المشاريع المائية لا تحصل على دعم إضافي من الدولة.

لكن هذا الدفاع لا يبدو كافيًا لإسكات المعارضة التي تنتقد “التغليط والتشاؤم”، كما وصفه أخنوش. فهل تعكس هذه الانتقادات مخاوف حقيقية من الفساد أو المحسوبية؟ أم أنها مجرد سجالات سياسية تهدف إلى إحراج الحكومة؟

الإطار القانوني: ضمانة أم عقبة؟

شدد بايتاس على أن كل ما يتعلق بالمشروع يتم في إطار القانون، مع وعد بكشف المزيد من التفاصيل في الوقت المناسب. لكن يبقى السؤال: هل يكفي الامتثال القانوني وحده لضمان شفافية المشاريع الكبرى؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتجنب أي لبس حول مصداقية العروض وضمان ثقة المواطنين؟

تحلية المياه: حل مستدام أم خيار مكلف؟

يمثل مشروع محطة تحلية المياه بالدار البيضاء جزءًا من استراتيجية وطنية لمواجهة ندرة المياه المتفاقمة. لكن بتكلفة تُقدر بـ 650 مليار سنتيم، يُطرح تساؤل حول فعالية هذا الحل مقارنة بالخيارات الأخرى مثل تحسين إدارة الموارد المائية أو الاستثمار في تقنيات إعادة التدوير. فهل تمثل محطات التحلية خيارًا مستدامًا اقتصاديًا وبيئيًا؟

الفرص الضائعة والتخطيط المستقبلي

يشير النقاش حول هذا المشروع إلى فجوة في التخطيط الاستراتيجي الذي أدى إلى خسارة فرص استثمارية ضخمة. ومع تحول المغرب إلى نموذج للتنمية المستدامة، كيف يمكن للحكومة ضمان عدم تكرار مثل هذه الإخفاقات في المشاريع المستقبلية؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبه الجهات الرقابية والمجتمع المدني في تعزيز المساءلة والشفافية؟

نحو حوار وطني حول إدارة الموارد المائية

يُظهر الجدل حول محطة تحلية المياه الحاجة إلى نقاش أوسع حول إدارة الموارد المائية في المغرب. هذا الحوار يجب أن يشمل الحكومة، المعارضة، والخبراء، بهدف تحقيق رؤية متكاملة للتنمية المائية. هل يمكن أن يكون هذا المشروع نقطة انطلاق لحوار وطني يضع سياسات مستدامة تلبي احتياجات الأجيال القادمة؟

خلاصة: دروس مستفادة ومطالب للمستقبل

يكشف ملف محطة تحلية المياه في الدار البيضاء عن تحديات معقدة تواجه المشاريع الاستراتيجية في المغرب، بدءًا من التخطيط والتنفيذ إلى الشفافية والمساءلة.

ومع استمرار النقاش، يبقى على الحكومة تقديم إجابات شافية على الأسئلة المطروحة، وضمان أن تكون مثل هذه المشاريع أداة حقيقية لتعزيز التنمية بدل أن تصبح موضوعًا للجدل السياسي.