لكل متطاول عقاب.. يقوم النظام السياسي في المملكة المغربية، عبر تاريخها الإسلامي، على أن تنعقد البيعة لأمير المؤمنين، وقد نصت البيعات المكتوبة على أن أمير المؤمنين هو حامي الملة والدين، وتأتي هذه المهمة، على رأس المبادئ الكبرى، المعروفة عند الفقهاء بكليات الشرع، وهي حماية الدين والنفس والعقل والمال والعرض.
مراكش – ألغت محكمة الاستئناف في مراكش، الإثنين، حكماً بالسجن ثلاثة أعوام ونصف العام بحق شابة تحمل الجنسيتين المغربية والإيطالية لـ”المس بالدين الإسلامي”، على خلفية نشر مقاطع تحاكي آيات قرآنية على “فيسبوك”.
الشابة التي عنوات منشورها بـ”سورة الويسكي” غادرت المغرب إلى أوروبا للدراسة، وبعد عودتها في يونيو الماضي لقضاء العطلة مع أسرتها، اعتقلتها السلطات ووجهت لها تهمة “المس بالمعتقدات الدينية للشعب المغربي”، وأصدرت المحكمة في حقها حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم (حوالي 5600 دولار أميركي).
واعتبرت المحكمة الابتدائية في مدينة مراكش في وقت سابق أن الشابة “استهزأت بمعتقدات المسلمين، خاصة القرآن الكريم”.
واعتقلت الشابة في مطار الرباط سلا حين دخلت المغرب من فرنسا، حيث تتابع دراستها الجامعية، بدون أن تكون على علم أنها ملاحقة بتهمة “المس بالدين الإسلامي”، وفق ما أوضح والدها في وقت سابق.
Da Marrakech vi do una bellissima notizia. A breve Ikram Nzihi, incarcerata da giugno in Marocco, sarà liberata. In queste settimane abbiamo lavorato insieme all'@italyinmorocco e @ItalyMFA per questo. Ikram sta bene e tra poco la riabbracceremo. Sono molto felice. pic.twitter.com/ACex8gauQ0
— Enzo Amendola 🇮🇹🇪🇺 (@amendolaenzo) August 23, 2021
ويعاقب الفصل 267 من القانون الجنائي المغربي بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين كل من” أساء إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو حرض على الوحدة الترابية”. وقد ترفع العقوبة إلى خمس سنوات إذا ارتكبت “الإساءة” بوسيلة علنية “بما فيها الوسائل الإلكترونية”.
وتبلغ الشابة المغربية 23 عاما وكتبت تدوينتها في 2019 وغادرت المغرب للدراسة قبل أن تقرر السلطات ملاحقتها بعد عودتها في يونيو.
وقال المسؤول في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مراكش عمر أربيب إن المحكمة قضت بإدانة الشابة المعتقلة منذ منتصف يونيو/ حزيران الماضي بـ”السجن شهرين مع وقف التنفيذ وإلغاء الغرامة، ومن المنتظر أن تغادر السجن ليلاً”.
وكانت الشابة قد اعتقلت في مطار الرباط سلا الدولي آتية ضمن رحلة سياحية من فرنسا، حيث تتابع دراستها الجامعية، من دون أن تكون على علم بأنها ملاحقة بتهمة “المس بالدين الإسلامي”، وفق ما أوضح والدها في وقت سابق.
وتبين أنها لوحقت بناء على شكوى قدمتها جمعية دينية في مراكش. وقد حكمت المحكمة الابتدائية بهذه المدينة بسجنها ثلاثة أعوام ونصف العام مع غرامة مالية قدرها نحو خمسة آلاف دولار. وأثار الحكم انتقادات منظمات حقوقية طالبت بالإفراج عن المتهمة.
وقال أربيب: “كنّا ننتظر أن يصدر الحكم ببراءتها، لأنها أكدت جهلها بمضمون المنشور الذي لوحقت بسببه، ولأنه مجرد تناص أدبي، وهو أسلوب وجد تاريخياً في الأدبين العربي والعالمي”.
وكانت المتهمة قد نشرت المقاطع التي أدينت بسببها في إبريل/ نيسان عام 2019 “من دون أن تكون على علم بمحتواها، كونها لا تتقن اللغة العربية”، كما أكد والدها لدى إدانتها ابتدائياً.
ويعاقب الفصل 267 من القانون الجنائي المغربي بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين “كل من أساء إلى الدين الإسلامي”، لكن العقوبة ترفع إلى خمس سنوات إذا ارتكبت “الإساءة” بوسيلة علنية، “بما فيها الوسائل الإلكترونية”.
يثير هذا الفصل، الذي يعاقب أيضاً الإساءة للنظام الملكي والتحريض ضد الوحدة الترابية، انتقادات الحقوقيين في المغرب، باعتبار أن عباراته عامة ولا تحدد بشكل ملموس الأفعال التي يمكن أن تشكل “إساءة”. كما يطالب الحقوقيون بإلغاء عقوبات السجن في كل قضايا النشر والتعبير.
ولا يحتاج الأمر لكثير من العناء لإظهار فظاعة الجريمة المُقترفة، ذلك أن الإهانات الوقحة المتكررة الموجهة لشخص للإسلام و النبي الكريم، تمثل محاولة لاستفزاز المشاعر الراسخة للمسلمين، فالاعتداء على المقدسات الدينية لا يندرج تحت مسمى الحرية، بل هو وجه من وجوه الاعتداء على حقوق الإنسان بالاعتداء على مقدساته.
ومنذ قرن من الزمان شاعت عند الغربيين عبارة للكاتب روبرت هابنلاين (Robert Heinlein) الذي قال “حقك في أرجحة قبضتك ينتهي حيث تبدأ أنفي “. ويصوغها بعضهم في شكل طرفة يصور فيها رجلا يتثاءب ويتمطى على مقعده بحديقة عامة، فيفرد يده بكل قوة لتستقر في أنف جاره الغافل، والذي ما أن رقأ دمعه، وذهب احمرار وجهه، واختفت أصداء صرخته، حتى قال لجاره: يا عزيزي لقد هشمت أنفي ! “. وحتى لا يحدث مثل ذلك، وضع الحقوقيون قوانينهم الوضعية لتكفل عدم المساس ببعض تلك الحريات البدهية، وإن أدى الأمر إلى منع الحرية عن طريق الحبس لأولئك العابثين بالحريات.
فاحترام الإسلام و الأنبياء قضية محل اتفاق، لذلك يمكن تفعيل الاستفادة من القوانين لتقريرها وعقاب من يخالفها. وفي هذا الصدد، قضت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، في حكم تاريخي، بتجريم الإساءة للرسول محمد، ورفضت إدراج الحط من قدر المقدسات بعمومها ومنها العقيدة الإسلامية ضمن حرية التعبير والرأي، لتؤيد بذلك حكم المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا بالنمسا التي كانت صاحبة السبق في رفض السماح بالطعن في النبي محمد، واعتبرته تجاوزا لحدود الحرية المكفولة للأشخاص، ويدخل ضمن نطاق الاستهزاء المجرم.