محمد أعزوز يقول ابن خلدون: “إن الذين لا يعتبرون من أخطاء الماضي مكتوب عليهم تكرارها مرة أخرى.” هذا القول ينطبق تمامًا على النظام العسكري الجزائري، الذي يبدو اليوم وكأنه عالق في دوامة من الحقد والعداء تجاه المغرب. هذا النظام، المعروف دوليًا بضعف وزنه وهيبته ومواقفه، يستغل كل فرصة لإشعال نار العداء ضد المغرب، نار لا يريد لها أن تنطفئ أبدًا. فإطفاؤها يعني نهايته وتحطم نظرية العدو الكلاسيكي التي أسس لها منذ استقلال الجزائر. يحاول النظام العسكري الجزائري إثارة الفتن الداخلية في المملكة المغربية، ويسعى جاهدًا إلى إضعاف الوحدة الوطنية في المغرب وزعزعة استقراره. فعلى مدى نصف قرن، واصل النظام الجزائري دعمه لجبهة البوليساريو بالمال والسلاح، ولم يكتفِ بذلك، بل ارتكب حماقات أخرى، مثل احتضان ما سُمّي بالإعلان عن “تأسيس جمهورية الريف” وفتح مقر لحركة انفصالية جديدة تضم حفنة من الخونة الذين أغرتهم أموال العسكر السخية. هذه المحاولات البائسة لمعاكسة المملكة المغربية تعكس حالة التخبط التي يعاني منها النظام الجزائري، خاصة بعد فشل أطروحة الانفصال في الأقاليم الجنوبية المغربية. فضلاً عن ذلك، يعيش المحتجزون في مخيمات تندوف في ظروف إنسانية كارثية، حيث يعانون من نقص حاد في الموارد الأساسية وانعدام الأفق. هذه المخيمات، التي تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الضرورية، أصبحت رمزًا لمعاناة مستمرة منذ عقود. يعيش السكان في حالة من اليأس والإحباط، مما يجعل الوضع قابلاً للانفجار في أي لحظة. ورغم هذه المعاناة، يواصل النظام الجزائري تجاهل هذه الأزمة الإنسانية، محاولاً أيضا تحويل انتباه الشعب الجزائري عن فشله في معالجة التحديات الداخلية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال التركيز على المغرب كعدو خارجي. يحاول إعلام النظام الجزائري استغلال الأخبار الكاذبة والتركيز على السلبيات لتشويه صورة المغرب. يشمل ذلك تحريك الذباب الإلكتروني لنشر الإشاعات والمعلومات المضللة بهدف التأثير على الرأي العام. ويستمر النظام الجزائري في استخدام أساليب غير نزيهة لمحاربة المملكة المغربية، حيث يروج لمزاعم كاذبة بوجود 4 آلاف جندي مغربي في صفوف الجيش الإسرائيلي، في محاولة يائسة لتصفية حساباته مع المغرب بطرق غير شريفة، مستغلاً دماء شهداء غزة. هذه الحالة المرضية التي يعاني منها النظام الجزائري، أو ما يمكن تسميته بـ”عقدة المغرب”، تُصور المغرب كعدو تقليدي، وهو ما يُعتبر ضروريًا لاستمرار النظام السياسي في الجزائر في الحكم. بحيث ترك النظام الجزائري كل المشاكل المعيشية والاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الشعب الجزائري، وأصبح شغله الشاغل هو استهداف الوحدة الترابية للمغرب، وهدفه الأسمى هو فشل المغرب. في هذا السياق، أصبح نتنياهو بطلاً قومياً في الجزائر بعد أن عرض خريطة المغرب منقوصة من الصحراء المغربية خلال حوار له مع قنوات فرنسية. لم يتوقع الجزائريون أن يأتي بطلهم من إسرائيل. وفجأة، تحول نتنياهو المجرم المطلوب دوليًا إلى بطل قومي في الجزائر، وتم تداول صوره في وسائل الإعلام الجزائرية. يبالغ النظام العسكري الجزائري في التغني بالشعارات وبالثورة وتاريخها، والتي كان للمغرب الفضل فيها، ويستغل تضحيات المجاهدين ودماء الشهداء لستر عيوبه. ومن خلال سياسته الداخلية والخارجية، يستخدم النظام الجزائري القضية الفلسطينية كوسيلة لتعزيز شرعيته الداخلية وكسب دعم شعبي. ومن جهة أخرى، فالقدرات العسكرية الجزائرية والأسلحة التي تملكها الجزائر ليست متطورة بما يكفي لمواجهة تحديات عسكرية كبيرة، مما يجعل من الصعب على الجزائر تقديم دعم عسكري فعلي للفلسطينيين. وبسبب التضليل الإعلامي والدعاية العسكرية للنظام الجزائري، الذي يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، كان البعض يصدق أن إسرائيل تخاف من الجزائر. وفيما يخص العلاقات الدولية، فإن الجزائر “لا وزن لا هيبة لا مواقف” محدودة في قدرتها على تقديم دعم فعلي بسبب الضغوط الدولية والعلاقات الدبلوماسية. وتقديم دعم عسكري مباشر قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية واقتصادية. وتبقى الشعارات الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها نظام “لا وزن لا هيبة لا مواقف” للتعبير عن التضامن والدعم دون الحاجة إلى اتخاذ خطوات فعلية. وهذا جزء من استراتيجيته السياسية، فالشعارات القوية وسيلة لتوجيه الانتباه بعيدًا عن المشاكل الداخلية. و هكذا، يسعى النظام الجزائري إلى تعزيز الشرعية الداخلية من خلال خلق عدو خارجي، و يحاول بذلك كسب دعم شعبي. هذا التكتيك يُستخدم لتوحيد الشعب حول قضية مشتركة وتبرير السياسات القمعية التي تشهدها الجزائر. ولا ننسى بأن الجزائر تنافس المغرب على النفوذ في المنطقة. ولذلك يسعى النظام الجزائري جاهدًا لتقويض مكانة المغرب الإقليمية والدولية من خلال حملات التشويه. وفي الواقع، يواجه النظام الجزائري تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، مما يجعله يركز على الحفاظ على الاستقرار والسيطرة على السلطة. و تندلع في الجزائر بين الفينة و الأخرى الاحتجاجات بسبب المشاكل الاقتصادية، مثل التي اندلعت مؤخرا في غضون عيد الأضحى و ذلك لانقطاع مياه الشرب. وغالبًا ما تُقابل بالقمع بدلاً من الحلول الجذرية. بحيث يعتمد النظام على القمع بدلاً من معالجة المشاكل الأساسية التي يعاني منها الشعب الجزائري، مثل البطالة والتضخم وانخفاض القدرة الشرائية. لقد أثبت النظام الجزائري أنه عدو حقيقي للمغرب، وأن حربه غير المباشرة لا هوادة فيها. حرب تجاوزت الأخلاق والقيم والمبادئ، واستعملت فيها مرتزقة البوليساريو كأداة لتحقيق أهدافه الوهمية. إن هذه السياسات العدائية لا تخدم سوى تأجيج التوترات وزيادة الفجوة بين الشعبين الشقيقين. ومع ذلك، يبقى المغرب متمسكًا بمبادئه السامية، داعيًا إلى الحوار والتفاهم كسبيل وحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. إن التاريخ سيحكم على هذه التصرفات، وسيظل المغرب دائمًا يسعى نحو مستقبل مشرق يسوده التعاون والاحترام المتبادل.