“محمد أوزين: الفاعل السياسي بالمغرب أصبح ‘كومبارس’ و’مول الحوت’ أصدق من المسؤولين”

0
126
صورة : صفحة الأمين العام محمد أوزين

“في تصريح صادم، وزير الشباب والرياضة السابق والأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، يصف الفاعلين السياسيين في المغرب قائلاً: ‘أصبح كومبارس و’مول الحوت’ أكثر صدقًا من الوزراء والبرلمانيين’، مما يثير تساؤلات حول مستوى الشفافية والمصداقية في المشهد السياسي الحالي.”

شهدت الساحة السياسية المغربية لقاءً بارزًا استضافت خلاله مؤسسة الفقيه التطواني محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، في حوار مفتوح مع نخبة من الصحافيين. اللقاء، الذي حظي بمتابعة واسعة، أتاح الفرصة لتقديم قراءة نقدية لمختلف القضايا السياسية الراهنة، في ظل ما وصفه أوزين بـ”أزمة السياسة” في المغرب.

لكن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: إلى أي مدى يعكس هذا التشخيص قدرة فعلية على التغيير، أم أنه مجرد خطاب معارض آخر يتقاطع مع حالة الإحباط العام؟

السياسة بين المبدأ والبراغماتية: هل انتهى زمن الرهانات الكبرى؟

ركز أوزين على ما أسماه “تشييع جثمان السياسة”، معتبرًا أن الفاعلين السياسيين أصبحوا أسرى حسابات ظرفية، بدلًا من الانخراط في مشاريع طويلة الأمد تخدم المصلحة العامة. هذا التوصيف يفتح النقاش حول أزمة العمل الحزبي في المغرب: هل يعود ذلك إلى ضعف الأحزاب نفسها وعدم قدرتها على إنتاج نخب قادرة على التغيير؟ أم أن البيئة السياسية العامة لم تعد تسمح بأي دينامية إصلاحية حقيقية؟

الانتخابات والوعود المتلاشية: أزمة ثقة أم فشل في الحوكمة؟

لم يخف أوزين انتقاده لنتائج انتخابات 8 شتنبر، معتبرًا أن الفجوة بين الخطابات الانتخابية والممارسة الفعلية باتت أكثر وضوحًا، مما عمّق تآكل الثقة بين المواطن والنخبة السياسية.

لكن هذه الإشكالية ليست جديدة، إذ تتكرر مع كل استحقاق انتخابي، مما يطرح أسئلة أعمق:

  • هل العيب في غياب النزاهة السياسية أم في ضعف الأحزاب وعدم قدرتها على تقديم بدائل حقيقية؟

  • هل يكفي تغيير الوجوه السياسية لاستعادة ثقة المواطن، أم أن المطلوب هو إصلاح بنيوي للنظام السياسي نفسه؟

السلطة والاقتصاد: تداخل المصالح وتوجيه الأولويات

من القضايا التي أثارها أوزين أيضًا مسألة العلاقة الملتبسة بين السياسة ورأس المال، حيث أشار إلى أن هذه التقاطعات أسهمت في تكريس سياسات عمومية تفتقر إلى البعد الاجتماعي والإنساني.

إذا كانت هذه الإشكالية معترفًا بها حتى داخل دوائر السلطة، فلماذا لم يتم وضع آليات واضحة للحد من هيمنة المصالح الاقتصادية على القرار السياسي؟

  • هل يمكن تحقيق استقلالية حقيقية للقرار السياسي في ظل استمرار هذه العلاقة غير المتوازنة؟

  • كيف يمكن للمعارضة أن تقدّم بدائل اقتصادية حقيقية بعيدًا عن النقد المجرد؟

وسائل التواصل الاجتماعي: بديل للمؤسسات أم خطر على الديمقراطية؟

أشار أوزين إلى أن ضعف النقاش السياسي داخل المؤسسات المنتخبة أدى إلى انتقاله إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصة بديلة لطرح القضايا.

لكن هل يمثل هذا التحول مؤشرًا على دينامية مجتمعية جديدة، أم أنه يعكس انهيارًا لمنظومة الوساطة السياسية التقليدية؟

  • هل يمكن لوسائل التواصل أن تكون فضاءً جادًا للنقاش السياسي أم أنها تعزز الاستقطاب والاختزال؟

  • كيف يمكن إعادة بناء جسور التواصل بين المؤسسات والمواطنين في ظل هذا التحول الرقمي؟

مستقبل المعارضة: من التشخيص إلى الفعل؟

يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للمعارضة المغربية، بقيادة شخصيات مثل محمد أوزين، أن تلعب دورًا حقيقيًا في إعادة تشكيل المشهد السياسي، أم أن التحديات البنيوية التي تواجهها تجعلها مجرد معارضة شكلية؟

المعارضة الحقيقية لا تُقاس فقط بحدة النقد، بل بقدرتها على تقديم مشاريع بديلة قابلة للتنفيذ. وهنا يبرز تساؤل أساسي: هل لدى المعارضة المغربية برنامج سياسي متكامل قادر على إقناع المواطن بجدوى التغيير؟ أم أنها تكتفي بدور المراقب الناقد دون امتلاك القدرة على التحول إلى بديل حقيقي؟

خاتمة: أي طريق نحو إصلاح حقيقي؟

كشف لقاء محمد أوزين بمؤسسة الفقيه التطواني عن أزمة سياسية عميقة، تتجاوز مجرد أداء الحكومة الحالية لتشمل المنظومة السياسية برمتها. ورغم أن خطابه النقدي لامس هموم المواطن، إلا أن التحدي الحقيقي يبقى في القدرة على تحويل هذا النقد إلى فعل سياسي مؤثر.

هل يمكن أن نشهد في المستقبل معارضة أكثر نضجًا تقدم حلولًا واقعية بدلًا من الاكتفاء بتوصيف الأزمات؟ و “هل سيستطيع الفاعلون السياسيون الحاليون، بما في ذلك محمد أوزين، أن يقدموا حلولًا عملية تخرج عن دائرة النقد إلى التأثير الفعلي على تغيير النظام السياسي؟”

الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل السياسة في المغرب.