في مقطع الفيديو الأخير الذي بثّه الإعلامي محمد التيجيني عبر قناته “المغرب تيفي”، طرح تساؤلات حول التعديل الحكومي الذي أجرته حكومة عزيز أخنوش مؤخرًا، وتعمّق في تحليل أبعاده ودلالاته.
وعلى الرغم من أن الفيديو بدا تحليليًا وناقدًا، إلا أن المتابع للشأن الإعلامي قد يلتقط ملامح إعادة تموضع محتملة للتيجيني في المشهد الإعلامي، خاصةً بعد تجاربه السابقة في القناة الرسمية بالمغرب، والتي انتهت بسحب برنامجه دون توضيح رسمي للأسباب.
بين المدح والنقد: محاولة للتميز أم تقارب مع أصحاب النفوذ؟
لم يقتصر حديث التيجيني على تسليط الضوء على مكامن النقد المعتادة، بل أبدى في بعض محاوره نوعًا من الثناء على ما وصفه بـ”تفعيل أخنوش لصلاحياته الدستورية” و”اختياره شخصيات حزبية”، مشيرًا إلى أن هذه خطوة تعزز من المساءلة السياسية. غير أن هذه الزاوية التي يتناولها التيجيني قد تثير التساؤل حول نواياه الحقيقية، إذ لم يكن ذلك الأسلوب النبرة المعتادة التي طغت على خطابه النقدي في سنواته السابقة.
فهل يسعى التيجيني إلى الظهور كصوت مختلف في وقت تنتقد فيه الأغلبية التعديل الحكومي؟ أم أن التقارب مع تيار المؤثرين من رجال الأعمال هو جزء من استراتيجية جديدة؟
التعديل الحكومي كفرصة جديدة لإعادة التموضع؟
يرى البعض أن التيجيني قد استغل الزخم الإعلامي حول التعديل الحكومي ليعيد رسم صورته الإعلامية بعد تجربة البرنامج الرسمي. فمن خلال تركيزه على جوانب إيجابية من هذا التعديل، خاصة في ضوء انتقادات متصاعدة من شرائح واسعة، يبدو أن التيجيني يراهن على تقديم نفسه كتحليل “متوازن” و”عقلاني” وسط نقاشات محتدمة حول صلاحيات رئيس الحكومة وعلاقاته مع الشخصيات الحزبية.
فهل يسعى التيجيني بذلك لخلق هوية إعلامية جديدة تعزز حضوره بين النخب السياسية ورجال الأعمال، خاصة في ظل كونه الآن خارج دائرة الإعلام الرسمي؟
ما وراء التركيز على “سياسة الأصدقاء”
في تحليل التيجيني للتعديل، أبدى تقبلًا لفكرة أن الأحزاب الحاكمة قد جلبت شخصيات “موثوقة” من داخلها لتولي المناصب الجديدة، متجنبًا إصدار أي نقد مباشر لهذه الخطوة. هذه المقاربة تطرح تساؤلات حول ما إذا كان التيجيني يقصد، من وراء حديثه، خلق مساحة مشتركة مع حكومة أخنوش، وربما فتح أفقٍ جديد للعلاقات مع الأثرياء ورجال الأعمال. فالتيجيني، الذي انتقد في السابق حكومة أخنوش بشكل مباشر، يظهر اليوم بتناول مختلف يعزز من احتمال رغبته في كسب ثقة طرف ما.
مستقبل التيجيني الإعلامي: هل يقود خطاب التعديل الحكومي لفرص جديدة؟
مع اقتراب المغرب من الانتخابات المقبلة، قد ينظر التيجيني إلى التعديل الحكومي كمدخل لتعزيز حضوره الإعلامي واستعادة التأثير في الرأي العام. عبر إشادته بممارسة أخنوش للصلاحيات الدستورية وتعيينه لوزراء حزبيين، قد يكون التيجيني يختبر طريقًا جديدًا يتيح له الظهور كصوت “معتدل” في التحليل السياسي، في محاولة للتقرب من التيارات الحاكمة أو الأثرياء في المجالين السياسي والاقتصادي.
فهل يستمر التيجيني على هذا النهج في المستقبل، ليحقق إعادة التموضع التي يسعى إليها؟ أم أن خطابه الأخير لا يعدو كونه محاولة لتقديم تحليل مغاير وسط الأصوات المنتقدة؟
الخلاصة
التناول الأخير للتيجيني للتعديل الحكومي يبدو كأنه محاولة لخلق توازن بين النقد والإشادة، بشكل يتلاءم مع المرحلة التي يمر بها. وعلى الرغم من أن تصريحاته تتخذ طابعًا تحليليًا موضوعيًا، يبقى السؤال عن نواياه الحقيقية قائمًا، فهل يسعى بالفعل لإحداث تغيير في موقفه الإعلامي لأسباب تتعلق بالاستقلالية والحيادية، أم أن الأمر يمثل خطوة أولى نحو إعادة تموضعه داخل دائرة تأثير جديدة تحظى بدعم من جهات فاعلة في المشهد السياسي والاقتصادي المغربي؟