الفساد المستشري في المغرب: هل ستأخذ العدالة مجراها؟
في خطوة لافتة، مثل محمد ساجد، العمدة الأسبق لمدينة الدار البيضاء والأمين العام السابق لحزب الاتحاد الدستوري، أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هذا الأسبوع، في إطار تحقيق يتعلق بشبهات سوء تدبير خلال فترة ولايته في مجلس المدينة من 2003 إلى 2015.
وقد استدعي ساجد، الذي كان في قلب جدل كبير حول تسيير شؤون العاصمة الاقتصادية، بناءً على تقرير للمجلس الأعلى للحسابات لعام 2013، الذي سلط الضوء على مجموعة من الخروقات في فترة رئاسته.
التقرير الذي فجر هذه القضية كان قد أشار إلى فساد كبير وتجاوزات في إدارة المدينة، مما أثار تساؤلات حادة حول الفساد المستشري في مختلف القطاعات. وفي حين يُفترض أن يمثل التحقيق خطوة نحو تحقيق العدالة، فإن التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت العدالة ستأخذ مجراها بشكل فعلي، أم أن هذه الإجراءات ستكون مجرد خطوة شكلية.
“الفساد بلا رادع..”تساؤلات حول التدابير الحكومية: لماذا لا تتحرك الدولة لمحاسبة لصوص المال العام؟”
الفساد في المغرب لا يزال يمثل مشكلة عميقة ومزمنة، حيث تُعَدّ التوصيات التي تصدر لمكافحة الفساد في الغالب حبرًا على ورق. الهيئات الرقابية، على الرغم من وجودها، لا تزال غير فعالة إلى حد كبير، والتشريعات الحالية لا تجرم الإثراء غير المشروع بشكل كافٍ. ويعكس هذا التناقض مدى الإخفاق في محاسبة المفسدين الذين يستغلون مواقعهم لتحقيق مصالح شخصية، بينما يُطارد الفقراء والصحفيون والنشطاء الذين يفضحون هذه الممارسات.
في هذا السياق، يبرز تساؤل أساسي: لماذا يظل كبار المسؤولين وصناع القرار بعيدين عن المساءلة الحقيقية، بينما يُلاحق المواطنون البسطاء والنشطاء الإعلاميون بقسوة؟ هل ستتحرك الدولة بحزم لمكافحة الفساد الجسيم الذي يعاني منه المغرب، أم أن الوضع سيظل على حاله، حيث يتعامل المسؤولون مع القضايا الكبيرة بتساهل بينما يُحاكم الآخرون بصرامة؟
هذا التساؤل لا يتعلق فقط بالعدالة والمحاكمة، بل أيضًا بمسؤولية الدولة في ضمان محاسبة فعالة وشاملة. تحتاج البلاد إلى خطوات جادة وحقيقية لإنهاء الفساد المستشري وإعادة الثقة في المؤسسات، وضمان أن تكون المساءلة شاملة لجميع الأطراف، بغض النظر عن مواقعهم ومراكزهم.