مداخلة النقيب الجامعي في البرلمان: هل يكشف مشروع القانون الجنائي عن نواقص خطيرة في المسطرة الجنائية؟

0
156

في جلسة برلمانية حامية الوطيس، ألقى النقيب الجامعي كلمة نقدية لاذعة حول مشروع القانون الجنائي الجديد، كاشفًا عن ثغرات خطيرة في المسطرة الجنائية، خاصة فيما يتعلق باستعمال سلطة الحراسة النظرية. المداخلة التي أثارت جدلًا واسعًا سلطت الضوء على إشكالات عميقة في النظام القضائي المغربي، وطرحَت تساؤلات حول مدى توازن السلطات وحماية الحريات الفردية في ظل مشروع قانون يُفترض أن يكون خطوة نحو الإصلاح. فهل نحن أمام محاولة حقيقية لتحديث العدالة الجنائية، أم أن المشروع يكرس ممارسات قمعية تحت غطاء قانوني؟

السياق التاريخي: من سنوات الرصاص إلى إشكالات المسطرة الجنائية

بدأ النقيب الجامعي مداخلته باستحضار السياق التاريخي للمسطرة الجنائية المغربية، مشيرًا إلى أن القانون الحالي يعود إلى سنة 1959، وهو قانون وُصف بأنه “مرآة لتاريخ المغرب المضطرب”. فقد شهدت البلاد فترات مظلمة، خاصة خلال “سنوات الرصاص”، حيث استُخدمت المسطرة الجنائية كأداة لقمع المعارضين وانتهاك حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة كشفت عن ممارسات قمعية تمت تحت غطاء قانوني، مما يضع مشروع القانون الجديد تحت المجهر: هل سيكون أداة للإصلاح أم استمرارًا للأخطاء التاريخية؟

نواقص مشروع القانون الجنائي: أين تكمن المشكلة؟

في تحليله لمشروع القانون، كشف النقيب الجامعي عن عدة نواقص جوهرية، أبرزها:

  1. غياب الدراسة التوقعية:
    لم يُرفق المشروع بدراسة توقعية توضح أهدافه وآثاره المتوقعة على المجتمع. فكيف يمكن تقييم مدى نجاح القانون دون معرفة ما يهدف إلى تحقيقه؟

  2. إشكالية الهندسة القانونية:
    أشار النقيب إلى أن المشروع يفتقر إلى “هندسة قانونية” واضحة، مما يجعل نصوصه غير متناسقة ومليئة بالثغرات. فهل تم إعداد هذا المشروع بعناية، أم أنه مجرد ترقيع لنصوص قديمة؟

  3. أزمة الاعتقال الاحتياطي:
    لا يزال المشروع يحتفظ بصلاحيات واسعة للنيابة العامة في إصدار أوامر الاعتقال الاحتياطي، مما يهدد الحريات الفردية. فهل يتم استعمال هذه الصلاحيات بشكل عادل، أم أنها تُستخدم كأداة للقمع؟

سلطة الحراسة النظرية: أداة للعدالة أم للقمع؟

أحد أبرز النقاط التي أثارها النقيب الجامعي هي إشكالية “سلطة الحراسة النظرية”، التي تمنح الضباط والنيابة العامة صلاحيات واسعة في اعتقال المشتبه بهم لمدة تصل إلى 48 ساعة قابلة للتمديد. وأشار إلى أن هذه السلطة تُستغل في كثير من الأحيان بشكل تعسفي، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق المواطنين.

وتساءل:

  • ما هي الضمانات التي يوفرها المشروع لحماية المواطنين من الاعتقال التعسفي؟

  • هل يتم احترام مبدأ “قرينة البراءة” في تطبيق هذه السلطة؟

  • كيف يمكن تحقيق التوازن بين ضرورات التحقيق وحماية الحريات الفردية؟

النيابة العامة: سلطة مطلقة أم رقيب على العدالة؟

انتقد النقيب الجامعي الدور المتنامي للنيابة العامة في النظام القضائي، مشيرًا إلى أنها أصبحت “سلطة مطلقة” تتحكم في مسار القضايا من البداية إلى النهاية. وأشار إلى أن النيابة العامة تملك صلاحية تكييف الأفعال الجرمية (جناية أم جنحة) وإحالتها إلى المحاكم، مما يحد من سلطة القضاة في إعادة تقييم القضايا بشكل مستقل.

وتساءل:

  • هل يمكن اعتبار النيابة العامة طرفًا محايدًا في العملية القضائية؟

  • ما هي الضمانات التي تحمي المتهمين من التحيز المحتمل للنيابة العامة؟

  • هل حان الوقت لإعادة هيكلة دور النيابة العامة لضمان استقلالية القضاء؟

أزمة التحقيق: هل يتم إسقاط الحقيقة؟

أشار النقيب إلى أن مشروع القانون يضعف دور قضاة التحقيق، مما يهدد بانهيار نظام التحقيق الجنائي. وأكد أن التحقيق يجب أن يكون أداة للكشف عن الحقيقة، وليس مجرد إجراء شكلي.

وتساءل:

  • كيف يمكن ضمان نزاهة التحقيقات في ظل ضعف دور قضاة التحقيق؟

  • هل يتم استغلال ضعف التحقيقات لإخفاء الحقائق أو تبرئة المتهمين؟

  • ما هي الحلول المقترحة لتعزيز دور التحقيق في النظام القضائي؟

خاتمة: نداء للإصلاح الحقيقي

اختتم النقيب الجامعي مداخلته بدعوة البرلمان والحكومة إلى إعادة النظر في مشروع القانون الجنائي، مع التركيز على حماية الحريات الفردية وضمان استقلالية القضاء. وأكد أن الإصلاح الحقيقي يتطلب شجاعة سياسية ومراجعة عميقة للنصوص القانونية، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.

أسئلة للنقاش:

  1. كيف يمكن تحقيق التوازن بين ضرورات التحقيق الجنائي وحماية الحريات الفردية؟

  2. ما هي الضمانات التي يجب أن يوفرها القانون لحماية المتهمين من الاعتقال التعسفي؟

  3. هل حان الوقت لإعادة هيكلة دور النيابة العامة في النظام القضائي المغربي؟

هذه المداخلة ليست مجرد نقد لمشروع قانون، بل هي صرخة تدعو إلى إصلاح حقيقي للنظام القضائي، لضمان عدالة نزيهة تحترم حقوق الإنسان وتحمي الحريات الفردية.