الكاتب: ابتسام المهدي
للأسف!! المستثمرون العقاريون يتنصلون من تطبيق القانون رقم 12-107 بشأن بيع عقار في طور الإنجاز، ولا يتم تحرير عقد رسمي ثابت التاريخ “ما يُصطلح عليه بعقد التخصيص”، لكي يضمن الزبون كامل مستحقاته التي قام بدفعها إلى المستثمر ولا يلتزم بتقديم مجموعة من الوثائق ولوازم العقد والتي تتجلى في تحديد الحقوق العينية والتحملات والارتفاقات الواردة على العقار، ورقم العقار، ووصف العقار وعنوانه، وتاريخ ورقم التصريح البناء، والسعر النهائي المتفق عليه من أجل بيع العقار وشروط وكيفية السداد، وتاريخ التسليم النهائي، والتأمين، ومراجع ضمان استرداد المبلغ المؤدى من طرف المشتري في حالة عدم احترام بنود العقد؛
في حين يتوجب على المستثمر أو المقاول العقاري، تقديم نسخة من التصميم المعماري للعقار في طور الإنجاز، مع ذكر “غير قابل للتغيير”، أي أن العقار لن يشمله أي تغيير عند استكماله في البناء، وتصاميم الإسمنت المسلح، ونسخة من دفتر التحملات، ونسخة من الضمان البنكي أو التأمين.
وعندما يطلب المواطن بهذا الحق، يتم رفض المعاملة، وإجباره التعامل بالعرف.. وهو تقديم وصل في ضرب سافر لمقتضيات هذا القانون، أضف إلى ذلك، جشع أغلب المستثمرين الذين يلزمون الزبون بأداء ما يصطلح عليه ب “NOIR”، و”النوار” هو نسبة من المبلغ الإجمالي، الذي يتعين على الراغب في شراء عقار أن يدفعها مقابل حيازة مسكن.
لكن طريقة أدائها تجري “تحت الطاولة”، وهي عبارة تعني أن المشتري (الضحية) يتعين عليه أن يدفعها إلى مالك العقار، خارج إطار المبلغ المصرح به في عقد الشراء.
والجهات المسؤولة لم تضع القوانين والإجراءات الكفيلة بحماية المواطن من هذه المضاربات العقارية.
لذلك ترى بائعي الشقق يتشددون حيال مبلغ “النوار”، ولا يقبلون المساومة بشأنه.. ورغم ما يشكله “النوار” من خطر على الغاية المنشودة من المشاريع السكنية عامة، والسكن الاجتماعي خاصة، ومساسه بالأهداف التي جاء من أجلها، فإن السلطات والجهات المعنية لم تحرك ساكنا لمنعه ومعاقبة الأطراف التي تقف وراءه.
وفي ظل هذه الوضعية يضطر الراغبون في اقتناء سكن اقتصادي أن يلجوا أبواب القروض “الثانوية” إلى جانب القرض “الرئيسي” الخاص بشراء العقار، بهدف توفير مبلغ “النوار”.. وبذلك يتحول سعي المواطن للاستفادة من سكن اقتصادي، إلى عملية جهنمية، تكلفه الغالي والنفيس وتفرض عليه العيش في ضائقة مالية طيلة حياته.
ويبقى لوبي المضاربات العقارية المستفيد الوحيد من هذا الاغتناء السريع، بين المساعدات التي تقدمها الدولة بتوفير وعاء عقاري لهم بأبخس الأثمان، وبين استغلال المواطن البسيط الذي يثقل كاهله بالقروض من أجل الحصول على قبر الحياة.
ويبقى التساؤل المطروح من يحمي المواطن؟ وكيف له أن يتوفر على سكن يحفظ كرامته؟ وما هي التدابير والاحترازات الواجب اتخاذها ليضمن استرجاع أمواله التي تم استغلالها؟
وفي وجهة نظري، يجب المنع الكلي لبيع عقار في طور الإنجاز، ومتابعة كل من طلب “النوار”.
“سماتشو”: ماذا بعد أكبر عملية احتيال عقاري عرفها تاريخ المغرب؟!!