مستشفى مولاي عبد الله بسلا… حين تتقاطع شعارات الإصلاح مع واقع الإهمال وسوء التدبير

0
182

النقابة المستقلة لقطاعات الصحة تدق ناقوس الخطر وتدعو إلى فتح تحقيق عاجل

في ظل تصاعد الخطاب الرسمي حول إصلاح المنظومة الصحية وتجويد خدماتها، لا تزال الممارسات الميدانية في عدد من المؤسسات الصحية تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا. هذا ما سجلته النقابة المستقلة لقطاعات الصحة، في اجتماع طارئ عقدته يوم 3 يوليوز 2025 بمقرها المركزي، خصصته لتقييم الأوضاع التدبيرية والإدارية داخل المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بسلا، كنموذج صارخ على التناقض بين إرادة الإصلاح وواقع التسيير اليومي.

البيان الصادر عن المكتب الوطني للنقابة لم يخفِ قلقه العميق من تدهور الأوضاع داخل هذا المرفق الحيوي، الذي يُفترض أن يغطي خدماته الصحية لساكنة تتجاوز المليون نسمة، لكنه تحوّل – بحسب وصف البيان – إلى وحدة لإنتاج الرداءة وساحة للفوضى والزبونية والإهمال.

شهادات من الميدان… الإهمال وغياب الحكامة

تتوالى الشهادات والوقائع القادمة من أروقة المستشفى، لتكشف عن غياب معايير الحكامة، وتردي الخدمات داخل مصالح المستعجلات، وتعثر برمجة العمليات الجراحية، حتى في الحالات المستعجلة، مما يدفع المرضى وأسرهم إلى الهروب نحو مستشفيات مجاورة بحثًا عن العلاج اللائق.

كما أثار البيان حالة من الغضب إزاء انتشار ممارسات مشينة تم توثيقها عبر مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مواطنين يُجبرون على تقديم إكراميات لحراس الأمن الخاص فقط من أجل الولوج إلى المستشفى، في سلوك يمسّ كرامة المواطن، ويطرح أسئلة محرجة حول الرقابة والمساءلة داخل هذه المؤسسة.

إخفاق إداري وتكرار للتجارب الفاشلة

ومن بين أكثر النقاط التي فجّرت استياء النقابة، عودة مدير المستشفى الحالي إلى منصبه، رغم أنه سبق وأن أُعفي مرتين من مهام إدارية بسبب تقارير رسمية واتهامات بتجاوزات خطيرة، أبرزها تسريب معطيات مهنية حساسة، والتقصير في العناية بمريضة كانت في حالة حرجة، ما يُقوّض مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يُفترض أن يكون عماد الإصلاح.

إقحام الأطر الصحية في مهام إدارية… واستنزاف الطاقات

كما لم يفت النقابة أن تثير قضية استغلال الأطر الشبه طبية في مهام إدارية خارج اختصاصها، في وقت تعرف فيه هيئات التمريض خصاصًا واضحًا، ما يؤثر مباشرة على جودة الخدمات ويُجهز على أي مجهودات لتثمين الموارد البشرية.

من الشعارات إلى الممارسة: من يحمي المرضى؟

إن السؤال الحقيقي الذي يطرحه البيان هو: هل ستتدخل وزارة الصحة بجدية لوقف هذا التدهور؟ أم أن المرضى سيظلون يؤدون فاتورة التقاعس والتسيب الإداري؟ فرغم الأوراش الإصلاحية الطموحة، وعلى رأسها مشروع المجموعات الصحية الترابية، والتي يعوّل عليها في تحسين الأداء الصحي، إلا أن واقع مستشفى مولاي عبد الله يُبرز الهوة العميقة بين النصوص والتطبيق، بين الإرادة والخبرة، وبين الخطاب والمساءلة.

دعوة إلى التحقيق والمحاسبة

وفي ختام البيان، تدعو النقابة السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية إلى فتح تحقيق نزيه، شفاف، ومستعجل، لتحديد المسؤوليات، وتشخيص أوجه الخلل، واتخاذ ما يلزم من قرارات لإنقاذ هذا المستشفى من التسيب والتراجع، وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية، بما يليق بكرامة المواطن المغربي.