أثار مسلسل “فتح الأندلس”، الذي أخرجه الكويتي محمد العنزي، انتقادات من المغاربة والجزائريين لعدم التطرق إلى أصل طارق بن زياد الأمازيغي، ولوجود أخطاء تاريخية في المسلسل على حد قولهم. منذ الإعلان عن تصويره و إلى الآن لبعض ما ورد في المسلسل مما اعتبروها مغالطات تاريخية وإخراجية على حدّ وصفهم ، لأن المسلسل لم يتطرق إلى أصل طارق ابن زياد الأمازيغي قبل توليه إمارة طنجة من قبل موسى بننصير ولإفريقيا في عهد الخليفة الأموي “الوليد بن عبد الملك”؟
فلا زال مسلسل“فتح الأندلس” الذي تعرضه القناة “الأولى” المغربية خلال شهر رمضان، يتثر انتقادات وتوجه لمنتجيه اتهامات بتحريف التاريخ وبث مغالطات حول شخصية طارق ابن زياد، ويوما عن يوما تزداد مطالب مجموعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة، بضرورة وقف بثه وتصحيح أخطائه.
وفتح الأندلس ،مسلسل تاريخي درامي، إنتاج كويتي،رصدت له ميزانية تقدر 3 مليون دولار، و جرى تصويره بين مدينتي بيروت وماردين،ويحكي الصعوبات التي واجهت القائد الإسلامي طارق بن زياد خلال رحلة الفتح الإسلامي للأندلس والذي يجسد دوره الممثل المغربي هشام بهلول.
وعكف على تأليف المسلسل ، ستة كتّاب وهم: مدين الرشيدي،صالح السلتي، إبراهيم كوكي، صابر المناعي، أبو المكارم العربي، محمد يساري و تحت إشراف محمد سامي العنزي.
الانتقادات والمطالب حول المسلسل ، والذي وصل للحلقة السابعة من حلقاته الثلاثين ، وصلت الى البرلمان المغربي ، حيث وجه فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب ، سؤالا الى وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد ن مطالبا بإستوضاح الإجراءات التي سيتمّ اتخاذها “لصيانة وتخليداً التاريخ المغربي، العريق بعيداً عن المغالطات والسرقة وتزوير الحقائق التاريخية”.
وانتقد الفريق البرلماني في سؤاله للوزير اقتناء القناة الأولى المغربية، من المال العام مسلسل فتح الاندلس ، واصفا إياه بكونه :”لايولي أهمية للثرات المغربي، وللحقيقة التاريخية للبطل، لم يشارك فيه سوى ممثل مغربي واحد، ولايعطي تفاصيل شخصية طارق بن زياد الأمازيغي”.
واعتبر فريق الاتحاد الاشتراكي أن: “فتح الأندلس” حدث مغربي بامتياز، إذ تمّ عبر شمال المغرب وبجيوش شمال إفريقية، قوامها المغاربة بالأساس، ولغة القائد طارق ابن زياد وثقافته مغربية أمازيغية بامتداداتها الاقليمية هو وجنوده، لكن المسلسل يحجب كل هذا تقريباً ويجعل المغرب الكبير مجرد طريق جغرافية لجيوش المشرق الأموية، والمغاربة مجرد “كومبارس” تحت قيادة شخصيات شامية؛ بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك”.
وخلص السؤال الى أن المسلسل الذي أنتج خارج المغرب، دون مشاركة المغاربة في التأليف ودون استشارة المؤرخين لتدقيق المعطيات؛ مليء بالمغالطات المعرفية ويحمل في كثير من حلقاته تزويراً لكل ما تتفق عليه المصادر التاريخية الموثقة.”
كان فتح شبه الجزيرة الأيبيرية (التي عرفت بالأندلس لاحقاً) من أبرز إنجازات طارق بن زياد كقائد عسكري.
البداية كانت من مدينة سبتة، فبعد أن سيطر موسى بن نصير على المغرب الأقصى بقيت سبتة فقط خارج حكم المسلمين، وكان يحكمها آنذاك حاكم قوطي يدعى يوليان.
وكان من عادة أشراف القوط إرسال أولادهم إلى بلاط الملك كي يتعلموا هناك، لكن ملك القوط ويدعى لذريق اغتصب ابنة يوليان، التي كانت تعيش في بلاطه، فقرر الأخير الانتقام من الملك بمساعدة المسلمين على غزو أيبيريا.
وهكذا راسل يوليان موسى بن نصير وطارق بن زياد، ودعاهما لعبور المضيق (الذي عرف باسم مضيق جبل طارق) لغزو القوط.
كان لدى ابن زياد حلم باجتياز المياه إلى الضفة المقابلة، ونشر الإسلام في شبه الجزيرة الأيبيرية، ولم يمانع ابن نصير الفكرة، فراسل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك يُبلغه عرض يوليان ويستأذنه في العبور، فأمره باختبار الدفاعات الإسبانية بغارة صغيرة، خوفاً من أن يغرر بالمسلمين هناك، وعندما تأكد المسلمون من ضعف دفاعات العدو أذن الخليفة لطارق بن زياد بالعبور.
كان ذلك عام 711، عندما توجه طارق نحو الأندلس على رأس جيش مكون من قرابة 7 آلاف رجل معظمهم من البربر، فعبروا المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ونزلوا في رأس شبه الجزيرة الأيبيرية في الموقع الذي يعرف اليوم باسم جبل طارق، وتمكنوا من السيطرة على الموقع بعد اصطدامهم مع الحامية القوطية.
بعد ذلك بدأ ابن زياد في التوغل في الأندلس، ونجح في فتح قرطاجنة والجزيرة الخضراء، ثمَّ تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ خندة جنوب غربي إسبانيا، وعندما علم لذريق بعبور جيش طارق، جمع جيشاً بلغ نحو 100 ألف رجل وسار لقتالهم، وبالرغم من كثرة عددهم تمكن طارق من الانتصار عليهم نصراً ساحقاً، وتشير بعض المصادر إلى أن طارق قتل لذريق بنفسه.
وبعد الانتصار في هذه المعركة أرسل طارق قوات لفتح قرطبة وإلبيرة وسار بنفسه لفتح طليطلة عاصمة القوط.
وبفتح الأندلس خلد التاريخ اسم طارق بن زياد، فقد مهد الطريق أمام المسلمين ليحكموا تلك المنطقة زهاء 8 قرون لاحقاً.
يفخر به المغاربيون والمسلمون لكونه أحد أشهر القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي، فهو الذي دخل الأندلس أول مرة، ونسبة إلى اسمه سُمي “جبل طارق” الشهير، لكن الروايات تضاربت حول أصوله الحقيقية، هل هو عربي أم أمازيغي.
بين من اعتبره عربيا قحا ومن نسبه إلى أمازيغ أفريقيا، اختلف المؤرخون الذين تناولوا حياة طارق ابن زياد في كتبهم، كابن عبد الحكم وابن خلدون والطبري وغيرهم، فمعظمهم لم يدلوا بتفاصيل دقيقة حول أصله ونشأته ومكان ولادته، ما خلق تضاربا بينهم حول هذا الموضوع، إذ أن كل واحد منهم اعتمد على معطيات معينة لتحديد أصول هذا القائد العسكري.
حسب المؤرخين، فإن هذا التضارب في نسب طارق بن زياد راجع إلى كون الكتابة التاريخية في المغرب لم تكن قد تبلورت بعد في الحقبة التي عاش فيها هذا القائد، أي في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي).
في هذا الصدد، أورد ابن عذارى المراكشي، في كتابه “البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب”، أن نسب طارق بن زياد هو “طارق بن زياد بن عبد الله بن لغو بن ورقجوم بن نير بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو”، ما يبين أنه ينتمي إلى قبيلة نفزاوة الأمازيغية، وبالضبط إلى عشيرة بني ونمو التي كانت تسكن جبل أوراس شمال شرق الجزائر.
يزيد ابن عذارى موضحا: “كان طويل القامة، ضخم الهامة، أشقر اللون، وتنطبق هذه الصفات على عنصر البربر”.
ورغم التأكيد على أصله الأمازيغي، إلا أن ابن عذارى يؤكد علاقة طارق بن زياد أيضا مع العروبة منذ زمن طويل، والذي يظهر انطلاقا من اسم أبويه، زياد وعبد الله، ما يبين أنه نشأ في بيئة عربية إسلامية مع احتفاظه بلهجة أجداده الأمازيغية.
ابن خلكان أيضا كان واحدا ممن كتبوا عن أصول طارق بن زياد، إذ اعتبر أن هذا الأخير ذو نسب عربي قح، مرجعا أصوله إلى قبائل الصدف في حضر موت باليمن، حسب كتابه “وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان”.
يشكك بعض المؤرخين كأحمد هيكل في كتابه “الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة”، في صحة خطبة طارق بن زياد الشهيرة “البحر أمامكم والعدو وراءكم”، مستندين في ذلك على عدم ورودها في أمهات المصادر المعتمدة في الفتوحات الإسلامية مثل “فتوح مصر والأندلس” لابن عبد الحكم و”الكامل في التاريخ” لابن الأثير و”العبر” لابن خلدون.
وجاء الشك في هذه الخطبة أيضا اعتمادا على طرح قضية أمازيغية طارق بن زياد، إذ اعتبر المؤرخون أن هذه الخطبة تحفة أدبية فريدة لا يمكن لطارق بن زياد، الأمازيغي المنشأ وفقهم، وكما توضح رواية ابن عذارى المراكشي، أن يصوغ مثلها كما لا يمكن لجنوده من الأمازيغ فهمها.
وفي هذا السياق، يرجح المؤرخ عبد الله شعوط في كتابه “أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ” أن لا تكون الخطبة بالعربية، وإنما كانت باللسان الأمازيغي، ثم جاء الكتاب العرب في ما بعد ونقلوها إلى العربية بكثير من الخيال والإضافة والتغيير على عادتهم، فمن غير المعقول، بالنسبة له، أن يخاطب طارق بن زياد جنوده في ساعات الحرب بلغة لم يتعلموها أو يفهموها.
كان فتح شبه الجزيرة الأيبيرية (التي عرفت بالأندلس لاحقاً) من أبرز إنجازات طارق بن زياد كقائد عسكري.
البداية كانت من مدينة سبتة، فبعد أن سيطر موسى بن نصير على المغرب الأقصى بقيت سبتة فقط خارج حكم المسلمين، وكان يحكمها آنذاك حاكم قوطي يدعى يوليان.
وكان من عادة أشراف القوط إرسال أولادهم إلى بلاط الملك كي يتعلموا هناك، لكن ملك القوط ويدعى لذريق اغتصب ابنة يوليان، التي كانت تعيش في بلاطه، فقرر الأخير الانتقام من الملك بمساعدة المسلمين على غزو أيبيريا.
وهكذا راسل يوليان موسى بن نصير وطارق بن زياد، ودعاهما لعبور المضيق (الذي عرف باسم مضيق جبل طارق) لغزو القوط.
كان لدى ابن زياد حلم باجتياز المياه إلى الضفة المقابلة، ونشر الإسلام في شبه الجزيرة الأيبيرية، ولم يمانع ابن نصير الفكرة، فراسل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك يُبلغه عرض يوليان ويستأذنه في العبور، فأمره باختبار الدفاعات الإسبانية بغارة صغيرة، خوفاً من أن يغرر بالمسلمين هناك، وعندما تأكد المسلمون من ضعف دفاعات العدو أذن الخليفة لطارق بن زياد بالعبور.
كان ذلك عام 711، عندما توجه طارق نحو الأندلس على رأس جيش مكون من قرابة 7 آلاف رجل معظمهم من البربر، فعبروا المضيق الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ونزلوا في رأس شبه الجزيرة الأيبيرية في الموقع الذي يعرف اليوم باسم جبل طارق، وتمكنوا من السيطرة على الموقع بعد اصطدامهم مع الحامية القوطية.
بعد ذلك بدأ ابن زياد في التوغل في الأندلس، ونجح في فتح قرطاجنة والجزيرة الخضراء، ثمَّ تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ خندة جنوب غربي إسبانيا، وعندما علم لذريق بعبور جيش طارق، جمع جيشاً بلغ نحو 100 ألف رجل وسار لقتالهم، وبالرغم من كثرة عددهم تمكن طارق من الانتصار عليهم نصراً ساحقاً، وتشير بعض المصادر إلى أن طارق قتل لذريق بنفسه.
وبعد الانتصار في هذه المعركة أرسل طارق قوات لفتح قرطبة وإلبيرة وسار بنفسه لفتح طليطلة عاصمة القوط.
وبفتح الأندلس خلد التاريخ اسم طارق بن زياد، فقد مهد الطريق أمام المسلمين ليحكموا تلك المنطقة زهاء 8 قرون لاحقاً.