مسيرات طلابية حاشدة في عدة مدن مغربية تؤكد استمرار الاحتجاجات وما زال “بنموسى” ومعه الحكومة بأسرها متمسكاً بموقفه!؟

0
261

شكيب بنوسى يؤكد أنه ما زال متمسكاً بموقفه ومعه الحكومة بأسرها ـ  الذي يبدو أنه سيعمّم على شروط التوظيف في قطاعات عمومية مختلفة مستقبلاً..

خرج الالاف من الطلبة في عدة مدن مغربية في مظاهرات حاشدة للتنديد بسياسة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، فيما سجلت المسيرات الطلابية، علامة بارزة فيها بعد أن جابت شوارع المدن واكدت الاستمرار في الإحتجاج، خاصة ما تعلق بفرض شروط اقصائية للمشاركة في مسابقات التوظيف بقطاع التربية.

https://www.youtube.com/watch?v=hbxn-qXvPgw

و جاب المحتجون، الذين خرجوا بقوة ليلة الجمعة الى السبت، رغم الاجواء الباردة، شوارع مدينة فاس في مسيرة ليلية، استعانوا فيها بأضواء هواتفهم النقالة للسير مسافات طويلة، مرددين شعارات ترفض القرارات الارتجالية للنظام، و تطالب بحماية الطلبة و البطالين الفلاحين من “التوجهات الراديكالية و الرأسمال”، كما أكدوا على ان القضية الفلسطينية هي قضية وطنية.  

و استجابت الجماهير الطلابية بفاس و وجدة و مكناس و اكادير ومراكش وغيرها من المدن لنداء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، و نظموا مسيرات ضخمة بعد مقاطعة شاملة للدروس، تنديدا بالقرارات التصفوية للنظام القائم في قطاع التعليم، و طالب المحتجون خلال بعض المسيرات، التي تم نقلها على المباشر على موقع التواصل الاجتماعي، بتمكينهم من حقوقهم العادلة والمشروعة (المنح، النقل، السكن …).

و تتوالى احتجاجات الطلبة بالمغرب لليوم السادس على التوالي، حيث نظم طلبة المغرب بالمركبين الجامعيين “ظهر المهراز-سايس”  بمدينة فاس، اول امس الخميس، الى جانب طلبة النهج الديمقراطي، مظاهرات كبيرة ضد السياسات الطبقية المنتهجة في مختلف القطاعات (التعليم، الشغل…)، كما رفعوا شعارات تدين استمرار مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني، آخرها زيارة وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس، وقد جابت المسيرة النضالية مجموعة من شوارع مدينة فاس تحت تعاطف كبير من طرف السكان.

و رفع المحتجون خلال باقي المسيرات التي عرفتها بعض المدن المغربية، شعارات تعبر عن واقع الشعب المغربي بشكل عام، وكذا شعارات تعبر عن مطالبها، خاصة إلغاء الشروط المجحفة لاجتياز مسابقات التعليم، مرددين : “لا سلام، لا استسلام، المعركة إلى الأمام”.




و كانت وزارة التربية المغربية قد أعلنت منذ أيام عن اعتماد شروط جديدة لم يكن معمول بها في السابق، وعلى رأسها تقليص السن الأقصى للتوظيف إلى 30 سنة بدل 45 سنة، و اعتماد الانتقاء الأولي على أساس النتيجة المحصل عليها في البكالوريا والشهادة العليا، وسنة الحصول عليها، بالإضافة إلى حرمان الأساتذة العاملين في مؤسسات التعليم الخاص من الترشح لاجتياز المسابقات.

ولقي هذا القرار رفضا واسعا من قبل الطلبة و مختلف التنظيمات النقابية و الاحزاب بالمغرب، و التي طالبت الوزارة بالتراجع عن هذا القرار المجحف و الذي، حسبها، يشكل “تجاوزا سافرا للقواعد العامة للتوظيف و التي تضمن المساواة وتكافؤ الفرص أمام الجميع في اجتياز مباريات التوظيف”.

خبراء القانون أدلوا بدلوهم في الموضوع، حيث كتب أحدهم أن المغاربة فوجئوا بمضامين إعلان وزير التعليم، شكيب بنموسى، في شأن إجراء مباريات توظيف الكوادر النظامية لمؤسسات التعليم، حينما أكد على إلزامية أن لا يتعدى سن المرشحين للمباريات 30 سنة كحد أقصى 30 سنة، علما أن السن المطلوب عدم تجاوزه لولوج الوظيفة العمومية في النظام الأساسي للوظيفة العمومية لسنة 1958 هو 40 سنة. 

وفي تدوينة له على «فيسبوك» أفاد محمد النويني، باحث في القانون الإنساني الدولي، أن هذا القرار من شأنه أن يعصف بمبدأ المساواة في التشغيل ولولوج الوظيفة العمومية، الذي يعتبر من أهم المبادئ التي نصت عليه بيانات حقوق الإنسان الأمريكية سنة 1776 والفرنسية سنة 1789 وتبنته جل الدساتير الدولية. كما أن المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1789 أوضحت أن كل المواطنين متساوون وكذلك مقبولون في الوظيفة العمومية بالنظر إلى مؤهلاتهم وبصرف النظر عن أي تفرقة أخرى.

وأعرب الباحث نفسه عن مخاوفه من أن يحدث ذلك الشرط ردّة حقوقية واجتماعية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث للمغرب، وأن تحدث تعارضا وتناقضا مع ما جاء في المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها المغرب وضمّنها في ديباجة دستور 2011. 

في السياق ذاته، أوضح المحامي محمد الهيني أن قرار الوزير شكيب بنموسى بشأن اشتراط عدم تجاوز سن 30 سنة في مباراة التعليم «خرق دستوري»؛ ذلك أن الفصل 31 من الدستور يعتبر الحق في الشغل مضمونا والولوج إلى الوظائف العمومية حسب الاستحقاق وليس السن.

ولفت في تصريح لموقع “هسبريس” إلى أن ما صدر عن المسؤول الأول عن قطاع التربية «خطأ حكومي لا يغتفر، لأنه يشكل مساسا بالحق في العمل وبحرمان شريحة كبيرة ومهمة في المشاركة في المباريات، ويفوت عليها فرصة الولوج إلى سوق العمل وتحقيق ذاتها والإسهام الفعال في تنمية المجتمع».

كما أن هذا الشرط الذي وصفه المحامي نفسه بـ”التعسفي وغير الدستوري” يتنافى مع النصوص التنظيمية الجاري بها العمل والتي تشترط الحد الأقصى للتوظيف في 45 سنة مع إمكانية رئيس الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لمن يتجاوز هذا السن، مضيفا: «هذا إقصاء لكفاءات شبابية واعدة وبشكل غير مبرر وغير مشروع لعدم ارتباطه بقواعد الاستحقاق المكرسة دستوريا». 

ورغم كل هذه المواقف الرافضة والمسيرات الطلابية الحاشدة، ما زال وزير التربية الوطنية والتعليم، شكيب بنموسى ـ ومعه الحكومة بأسرها ـ متمسكا بموقفه الذي يبدو أنه سيعمّم على شروط التوظيف في قطاعات عمومية مختلفة مستقبلاً، مما ينذر بمزيد من التوتر والاحتقان الاجتماعي، ويضرب في الصميم الوعود التي أطلقتها أحزاب الائتلاف الحكومي خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.