للمرة الثانية على التوالي يقام جانب من المناورات بمنطقة المحبس الصحراوية المتاخمة للحدود الجزائرية.
برزت أزمة ونقاش حاد في الأوساط السياسية التونسية، بسبب ما يعتبروه مشاركة إسرائيل في مناورات “الأسد الافريقي 2022” وطالبت بعدم المشاركة في المناورات والانسحاب منها، في ما قالت قناة “Dzair” الجزائرية إن “تونس مستمرة في خيانة الجزائر بمشاركتها في هذه المناورات”.
مشاركة القوات الإسرائيلية في مناورات “الأسد الإفريقي 2022” لم يتم تأكيدها رسميا سواء عبر بيانات القوات المسلحة الملكية أو موقع أفريكوم، في وقت تؤكد فيه تقارير أن إسرائيل تشارك ولكن بعدد محدود.
وإلى جانب المغرب وإسرائيل، تشارك تونس أيضا في التدريبات التي تُعد الأوسع من نوعها في القارة الإفريقية، وتستمر حتى نهاية الشهر الجاري.
ومن المقرر أن يقام جزء من التدريبات في تونس، والسنغال، وغانا، حسبما نقلت وكالة “فرانس برس” عن القيادة العسكرية الأميركية لإفريقيا (أفريكوم).
الحزب الجمهوري التونسي، أكد في بيان، إن “وكالات الأنباء العالمية أعلنت عن انطلاق أكبر مناورات عسكرية في إفريقيا على أرض المغرب باسم “الأسد الإفريقي 2022″، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبمشاركة دول منها تونس بجانب إسرائيل”
الرد لم يتأخر من وزارة الدفاع التونسية، أمس الأربعاء، حيث أعلنت مشاركتها، قائلة إن “تونس تشارك بعنصر محدود في المغرب”، وهو ما تم نشره في بيانين سابقين للوزارة حول هذا الموضوع. وأوضحت أن واشنطن تنظم مراحل أخرى من التمرين في كل من المغرب والسنغال وغانا، بمشاركة قوات من دول مختلفة.
وقالت صحيفة يورونيوز، إنه “يشارك في هذه التدريبات أكثر من 7 آلاف جندي من عشرة بلدان، بينها تونس وفرنسا والسنغال والمملكة المتحدة، بحضور مراقبين عسكريين من حلف شمال الأطلسي، فيما تحضر إسرائيل للمرة الأولى فيها”.
أما الموقع الإلكتروني للقيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، فقال إن “هذه المناورات تعرف مشاركة بالإضافة إلى المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، البرازيل وغانا وهولندا والتشاد والسينغال وتونس وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا”.
وكشفت القوات المسلحة الملكية المغربية، الثلاثاء، أن مناورات الأسد الإفريقي مع الجيش الأميركي، ستشمل مناطق أكادير وطانطان وتارودانت والقنيطرة وبن جرير والمحبس.
واللافت أنه للمرة الثانية على التوالي، تدخل منطقة المحبس في الصحراء وعلى خط التماس عند الحدود مع الجزائر ضمن المناطق التي ستجرى فيها المناورات.
ويعتقد مراقبون أنه مع ضم منطقة المحبس التي تشمل جزءا من أقاليم صحراوية مسترجعة إلى المناورات العسكرية للمرة الثانية على التوالي، يتكرس الاعتراف الدولي، بما فيه الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء”.
وتعليقا على إجراء جزء من المناورات في منطقة المحبس الجنوبية لأول مرة العام الماضي، قال الباحث المغربي المتخصص في القضايا الأفريقية عبد الواحد أولاد ملود لوسائل الإعلام إن “شكل ومضمون هذه التدريبات يتجاوزان التفكير في مكان تنفيذهما، وبالتالي لا تدخل في حسابات ضيقة مرتبطة باعتبارات الفعل ورد الفعل كما يعتقد بعض الأطراف، ومنها بعض الدول المجاورة”.
وترمي المناورات بالأساس للتدرب على مواجهة التحديات الأمنية التي تهدد القارة الإفريقية، وخصوصا منطقة الساحل حيث يتصاعد حضور المنظمات الإرهابية.
وتمثل بلدان الساحل، حسب مؤشر الإرهاب العالمي 2022، نسبة 48 بالمئة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العالم، كما أن “أربعة دول من أصل عشرة التي سجلت أعلى زيادة في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب تقع أيضا في إفريقيا جنوب الصحراء، وهي النيجر ومالي، ونيجيريا وبوركينا فاسو”.
وحسم مجلس الأمن الدولي بقراره وقف إطلاق النار الصادر عام 1991، النزاع الدائر بين المغرب وجبهة بوليساريو منذ عام 1975 من أجل السيادة على الصحراء إثر نهاية الاستعمار الإسباني للإقليم.
ومنذ ذلك الحين تهدد الجبهة بشن حرب على الرباط، فيما أعلن زعيمها إبراهيم غالي العام الماضي، إنهاء الالتزام بالقرار الدولي.
وأقدمت قوات الجبهة في يونيو الماضي على قصف مواقع مختلفة من منطقة المحبس يتمركز فيها الجيش المغربي. وإثر الحادثة علق ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة محمد عمار بالقول أنه “لم يعُد أمام الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة بوليساريو، خيار سوى ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن النفس بعد أعوام من التزامه الحل السلمي وانخراطه بشكل بنّاء في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة”.
وأفاد المتخصص في الشأن المغربي محمد الطيار في تصريحات أدلى بها العام الماضي للصحافة المحلية أنه “لا يمكن إخراج مناورات الأسد الإفريقي عن الترجيحات الإعلامية لنشوب حرب عسكرية حامية الوطيس بين المملكة وبوليساريو في منطقة المحبس”.
ولطالما كان ملف الصحراء المغربية محل خلاف بين الرباط والجزائر التي تدعم انفصال الصحراء عن المغرب المتمسك بوحدة أراضيه.
واعتبر الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة سفيان مومني، في كلمته أمام اللجنة الأممية الرابعة والعشرين، في يونيو الماضي، أن “سياسة الأمر الواقع ومحاولات المغرب تغيير التركيبة الديمغرافية في الصحراء لن تبدّلا من الطبيعة القانونية للصحراء التي تبقى إقليماً مستعمَراً ينبغي تصفية الاستعمار منه”،
ويعتبر محللون أن تجدد مناورات الأسد الإفريقي في المناطق الصحراوية المغربية بالذات دليل آخر على الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء. فضلا عن الاعتراف الأميركي في كانون الأول/ ديسمبر 2020، بالسيادة التامة والكاملة للمملكة المغربية على صحرائها.
وافتُتحت 22 قنصلية عامة، من بلدان أفريقية وعربية ومن دول الكاريبي وغيرها، في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء المغربية. وتُعتبر الإمارات ثم البحرين من أولى الدول العربية التي تفتتح قنصليات لها في الصحراء المغربية دعما للاعتراف الدولي بوحدة الأراضي المغربية.