مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا في صلب محادثات بنعلي ووزير النفط والطاقة السنغالي

0
466

شكل مشروع خط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا ودوره الهام في مجال الاندماج الإقليمي، محور مباحثات أجرتها أمس الخميس بالرباط، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، مع وزير النفط والطاقة بجمهورية السنغال أنطوان فيليكس عبدواللاي ديومي.

وذكر بلاغ لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن الوزير السنغالي، الذي يقوم بزيارة عمل للمغرب على رأس وفد هام، بحث مع الجانب المغربي العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تطوير الطاقات المتجددة، وإصلاح قطاع الكهرباء، والنجاعة الطاقية، والكهربة القروية.

وعلى هامش زيارة العمل هذه، يضيف البلاغ، عقد في نفس اليوم، اجتماع ثلاثي رفيع المستوى بين السيدة بنعلي والسيد ديومي، وكذا وزير الدولة النيجيري للموارد البترولية، إكبيريكبي إيكبو، خصص لمناقشة التقدم المحرز في تنفيذ المشروع الاستراتيجي لخط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وكذا سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدان الثلاثة لتسريع وتيرة إنجاز هذا المشروع الهام.

وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه الزيارة تندرج في إطار المشاورات والتنسيق المتواصل بين المغرب والسنغال، من أجل تعزيز العلاقات الثنائية وإعطاء زخم جديد لمشاريع التعاون الاستراتيجي في مجال الانتقال الطاقي.

وفي هذا السياق، أشاد الجانبان بجودة الشراكة القائمة بين المملكة المغربية وجمهورية السنغال، تحت القيادة المستنيرة لقائدي البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس ماكي سال، معربين عن استعدادهما لمواصلة تعزيز الحوار السياسي من خلال تكثيف الزيارات رفيعة المستوى، وبلورة تعاون رابح-رابح، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المماثلة التي يواجهها البلدان في مجال الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، قام كبار المسؤولين السنغاليين بزيارة للوكالة المغربية للطاقة المستدامة والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، حيث تم عقد اجتماعات عمل مع مسؤولي هاتين المؤسستين، وذلك من أجل تدارس فرص تبادل الخبرات وبناء القدرات وتطوير المشاريع المشتركة في مجال الانتقال الطاقي.

ويضم الوفد السنغالي المدير العام للوكالة السنغالية للكهربة القروية والمدير العام للشركة الوطنية للكهرباء (SENELEC) والمدير العام للشركة القابضة للبترول في السنغال (PETROSEN Holding) والمدير العام لشركة شبكة الغاز السنغالية (RGS SA) ومديرة الاستراتيجية والتقنين بوزارة النفط والطاقة.

حضر هذه المباحثات عن الجانب المغربي كل من الكاتب العام لقطاع التنمية المستدامة، والكاتب العام بالنيابة لقطاع الانتقال الطاقي، والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، والمدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية والمدير العام المنتدب للوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن).

والمشروع سيشكل رافعة إستراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب إفريقيا، بينما جاءت مبادرة الأطلسي التي طرحها الملك محمد سادس في الفترة الأخيرة لتعزيز التكامل بين دول الساحل ودول غرب افريقيا.

وقال الديوان الملكي في بلاغه الأربعاء إن حضرة صاحب الجلالة الملك لمفدى محمد السادس حفظه الله وجه دعوة للرئيس النيجيري للقيام بزيارة رسمية للمغرب، سيتم تحديد تواريخها عبر القنوات الدبلوماسية.

ويرجع الاتفاق على أنبوب للغاز يربط نيجيريا والمغرب إلى زيارة قام بها العاهل المغربي إلى نيجيريا في ديسمبر/كانون الأول 2016.

وكان جلالة الملك محمد السادس قد شرح الفوائد الاقتصادية للمشروع خاصة في الدفع بالتنمية للأجيال المقبلة في منطقة غرب أفريقيا فيما بدأت المنطقة محط أنظار العالم في خضم أزمة طاقة تمر بها أوروبا بسبب وقف الإمدادات الروسية.

وقال جلالة لملك المفدى في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”، مضيفا “نريده مشروعا استراتيجيا لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”. وقال أيضا “بالنظر إلى البُعد القارّي لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، فإنّنا نعتبره أيضًا مشروعًا مهيكلًا يربط بين إفريقيا وأوروبا”.

ويأتي الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس وبولا أحمد أديكونلي تأكيدا على استمرارية العلاقات الثنائية والسعي لتعزيزها وتطويرها وأن ما تم الشروع فيه في عهد الرئيس السابق محمد بخاري هو مشروع دولة يواصله الرئيس النيجيري الحالي.

كما يشير التواصل الملكي مع الرئيس النيجيري الجديد إلى الرؤية المستقبلية والاستشرافية للعلاقات مع نيجريا والدفع بالدينامية الافروأطلسية وتكتل الساحل وهي التي من المتوقع أن تشكل محور الاهتمام من الجانبين.

وسعت جهات بينها الجزائر للتشكيك في مشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب، لكن الإجابة جاءت سريعا في الأشهر الماضية من عدة دول أعلنت انخراطها في المشروع ما يقلص كلفة الانجاز ويخفف الأعباء المالية على الدول الرئيسية التي تبنته.

وفي يونيو/حزيران من العام الماضي انضمت أربع دول افريقية رسميا لمشروع خط أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب ليرتفع عدد الدول المنخرطة فيه إلى عشر وهو ما يعزز إلى حدّ كبير جهود المضي بثبات نحو الانجاز الذي يتطلب تمويلات ضخمة ويحتاج إلى توسيع الشراكات الإفريقية وهو ما يوسع في الوقت ذاته روابط دول المنطقة بالمملكة التي عدلت بوصلتها خلال السنوات الماضية نحو العمق الإفريقي كقاطرة للتنمية وأيضا كلاعب محوري في دعم وتعزيز الاستقرار.

ووقّعت كوت ديفوار وليبيريا وغينيا والبنين في مقر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بلاغوس مذكرة تفاهم مع المغرب ونيجيريا وهي تتمة للمذكرات الموقعة في العام 2022 مع مجموعة ‘إيكواس’ وموريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا بيساو وسيراليون وغانا. وحضر حينها عن الجانب المغربي أمينة بنخضرا المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن.

ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها في يونيو/حزيران من العام الماضي تؤكد التزام مختلف الأطراف بهذا المشروع الإستراتيجي الذي سيعزز تسييل موارد الغاز الطبيعي للبلدان الأفريقية وسيوفر طريق تصدير بديل جديد إلى أوروبا”.

ويمر خط أنبوب الغاز عبر دول نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وانتهاء بالمغرب. وأعلنت نيجيريا والمغرب عزمهما بناء خط الأنابيب في عام 2016 وأجريا دراسات جدوى بشأن المشروع الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تصدير الغاز إلى أوروبا.

وقالت شركة “إن.إن.بي.سي” النيجيرية للنفط إن “التكلفة المقدرة تبلغ حوالي 25 مليار دولار. لدينا رؤية بالفعل عن مصدر هذا التمويل. ليس لدينا أي مخاوف”.

وسيبلغ طول خط أنابيب الغاز 5600 كيلومتر وسيضخ ما يصل إلى أربعة مليارات قدم مكعبة قياسية يوميا عند اكتماله، وستأتي الإمدادات من نيجيريا والسنغال وموريتانيا.

وسيؤدي المشروع إلى تكامل اقتصادي في غرب أفريقيا إضافة إلى الشبكة الحالية لخطوط أنابيب الغاز التي توصل الإمدادات إلى أوروبا.

ويرى خبراء أن المشروع سيكون واعدا وبديلا مثاليا لأوروبا بسبب أزمة الطاقة عقب الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2020 واستجابة لدعوات العاهل المغربي الملك محمد السادس للمضي في المشروع بهدف تحقيق التنمية لشعوب غرب أفريقيا.

وقالت مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب (حكومي) أمينة بنخضرة إن التوقيع على الاتفاقيات مع شركات البلدان المعنية يبين استعدادها لمواكبة هذا المشروع مشددة على “ضرورة انسجام هذه الدول من أجل استكمال مد أنبوب الغاز”.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، تثير احتياطات الغاز في إفريقيا اهتماما متزايدا إذ يسعى الاتحاد الأوروبي خصوصا إلى إيجاد بدائل لإمدادات الغاز من روسيا.

وعلى طول نحو 5 آلاف و660 كيلومترا سيمتد أنبوب الغاز، ويتم تشييده على مراحل لتلبية الحاجة المتزايدة للغاز في الدول التي سيعبر منها وأوروبا خلال الأعوام الخمسة والعشرين القادمة.

ويحظى المشروع باهتمام دولي كبير وتحدثت السلطات النيجرية عن وجود اهتمام دولي كبير للاستثمار في مشروع مدّ خط أنابيب لنقل الغاز منها إلى المغرب، لكنه يثير مخاوف الجزائر حيث أجرت السلطات الجزائرية المنزعجة من النفوذ المتزايد للرباط مناقشات في 2002 لمشروع خط أنابيب مماثل عبر منطقة الساحل.

ويأتي المشروع على خلفية خصومة إقليمية متزايدة بين المغرب والجزائر التي تُعتبر أكبر مصدّر إفريقي للغاز الطبيعي والسابع عالميا وذلك بسبب ملف الصحراء المغربية.