مشروع قانون المالية لسنة 2025: أغلبية حكومية قوية ومعارضة مفككة في اختبار التحديات

0
51

تصويت بالأغلبية الساحقة: مشهد يكرس هيمنة الأغلبية

في جلسة برلمانية عُقدت الجمعة، صادق مجلس النواب المغربي على مشروع قانون المالية لسنة 2025، بأغلبية ساحقة بلغت 171 صوتًا، مقابل 56 معارضًا وامتناع نائب واحد. هذا التصويت يعكس واقعًا سياسيًا يُظهر تفوق الأغلبية الحكومية بقيادة التحالف الثلاثي (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال)، في مقابل معارضة تفتقر للتنسيق والتنظيم.

رؤية المشروع: بين التنمية والعدالة الاجتماعية

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن مشروع قانون المالية يعكس توازنًا دقيقًا بين التحديات الواقعية والطموحات التنموية. المشروع يقوم على ثلاث مرجعيات رئيسية:

  1. التوجيهات الملكية: التي تؤكد على تحقيق العدالة الاجتماعية واستدامة الموارد الطبيعية.

  2. النموذج التنموي الجديد: الذي يهدف إلى خلق فرص عمل وتنويع الاقتصاد.

  3. البرنامج الحكومي: المعني بتعزيز الدولة الاجتماعية وتطوير البنية الاقتصادية.

لكن هل هذه المرجعيات كافية لتحويل الأهداف الطموحة إلى سياسات ملموسة؟ وهل ستتمكن الحكومة من تحقيق التوازن بين الطموحات الاقتصادية ومتطلبات العدالة الاجتماعية؟

أهداف طموحة وتحديات قائمة

1. أولويات اجتماعية واقتصادية:

مشروع قانون المالية يبرز الهوية الاجتماعية للحكومة من خلال:

  • رفع أجور المواطنين: وتحسين القدرة الشرائية.

  • زيادة ميزانيات التعليم والصحة.

  • تخصيص 14 مليار درهم لتعزيز التشغيل.

  • رصد 45 مليار درهم للحوار الاجتماعي حتى 2026.

2. استثمارات ضخمة:

تم تخصيص 340 مليار درهم للاستثمارات العمومية، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، وتطوير قطاعات الصناعة، التعمير، والتشغيل.

أسئلة مفتوحة:

  • ما مدى كفاءة الحكومة في تنفيذ هذه السياسات وسط تحديات مالية وإدارية متزايدة؟

  • هل يمكن للمشاريع الاستثمارية الكبرى تحقيق تحسين ملموس في حياة المواطنين؟

المعارضة: صوت مشتت وتأثير محدود

1. تركيبة المعارضة:

تتكون المعارضة من تسعة أحزاب تمثل تيارات مختلفة، أبرزها:

  • الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (34 مقعدًا).

  • الحركة الشعبية (28 مقعدًا).

  • التقدم والاشتراكية (22 مقعدًا).

  • العدالة والتنمية (13 مقعدًا).

2. غياب التنسيق:

رغم محاولات التنسيق بعد انتخابات 2021، شهدت المعارضة انقسامات جوهرية، أبرزها انسحاب الفريق الاشتراكي من التحالف المعارض. هذه الانقسامات أضعفت قدرتها على تقديم بديل قوي أو ممارسة ضغط حقيقي على الأغلبية.

3. أسئلة حول مستقبل المعارضة:

  • لماذا تفشل المعارضة في تقديم خطاب موحد؟

  • كيف يمكنها استعادة تأثيرها وسط التحديات الاقتصادية والاجتماعية؟

تحليل: أغلبية مهيمنة ومعارضة غائبة

أغلبية قوية: فرصة أم تحدٍ؟

  • قوة الأغلبية تتيح للحكومة تمرير مشاريعها بسهولة، لكنها تضعها أمام اختبار التزامها بتنفيذ التزاماتها الطموحة.

  • هل يمكن للحكومة استخدام أغلبيتها لتسريع وتيرة الإصلاحات دون المساس بالشفافية؟

معارضة ضعيفة: أزمة تمثيل؟

  • ضعف المعارضة يثير مخاوف بشأن قدرتها على مراقبة الأداء الحكومي.

  • هل يُظهر هذا الواقع أزمة أعمق في بنية الأحزاب السياسية المغربية؟

خلاصة: توازن هش بين الطموح والتنفيذ

مشروع قانون المالية لسنة 2025 يمثل نقطة تحول بالنسبة للحكومة المغربية، إذ يضعها أمام تحدي ترجمة الطموحات التنموية إلى واقع ملموس. في المقابل، تعاني المعارضة من انقسامات جوهرية تقلل من قدرتها على تشكيل بديل سياسي فعال.

أسئلة كبرى تستحق الإجابة:

  1. كيف ستُنفذ الحكومة خططها وسط تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة؟

  2. هل ستعيد المعارضة تنظيم صفوفها لتقديم دور رقابي فعّال؟

  3. هل يمكن للأغلبية والمعارضة تحقيق التوازن المطلوب لضمان تفعيل الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة؟

بين وعود الأغلبية وضعف المعارضة، يبقى البرلمان المغربي أمام اختبار حقيقي، لا يقتصر فقط على تمرير التشريعات، بل يشمل ضمان تحقيق التنمية والاستقرار السياسي.