مصرع 44 مهاجراً بينهم ​نساء​ ورضع بعد غرق قاربهم..”أنا آسف يا أمي لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها لكي أدفع أجر الرحلة”

0
104

لكن عندما تحقق الظن، وخابت الآمال وبلغت القلوب الحناجر، لم يغنهم صياحهم من الموت شيئا، وعندما غلبتهم أمواج البحر فغرقت أرواحهم في ملكوت بارئها بينما طفت أجسادهم الهزيلة من طول السباحة ومغالبة الموج، وجد طاقم انتشال الغرقى رسالة ذلك الشخص الذي لا نعرف اسمه، وقد أذاب ملح البحر ملامحه بينما ظلت كلماته منقوشة على ورقة مهترئة تحكي قصته وقصة آلاف المهاجرين المغاربة الذين فروا من جحيم الاستبداد أو جحيم الفاقة والفقر والبطالة في أغلب البلاد المغاربية والإفريقية.

أفادت منظمة “​كامينادو فرونتيراس​” الإسبانية غير الحكومية، بأن 44 مهاجرًا بينهم ​نساء​ ورضع، قتلوا بعد غرق قاربهم المطاطي جنوب ​المغرب​، بينما كانوا يحاولون الوصول إلى جزر الكناري.

وقالت الناشطة في المنظمة هيلينا مالينو: “سقطت 44 ضحية على الأقل بعد غرق قارب مطاطي في سواحل طرفاية (جنوب)”، مشيرة إلى أنّ القارب “كان يضم 61 شخصاً بينهم 16 امرأة و7 رضع يحاولون الوصول إلى جزر الكناري”.

وأضافت أنّ “جثامين ثلاث نساء ورضيعين نقلت إلى مستودع الأموات بمدينة العيون المجاورة”.

وتوفي ثلاثة مهاجرين على الأقل، بحسب ما أعلنت السلطات المغربية أواخر شباط/فبراير، بينما أنقذ 47 آخرون. وقالت وسائل إعلام محلية إنّ هؤلاء الضحايا مغاربة.

وبينت أن “جثامين ثلاث نساء ورضيعين نقلت إلى مستودع الأموات بمدينة العيون” المجاورة.

وتعتمد المنظمة الإسبانية غير الحكومية على اتصالات تتلقاها من مهاجرين أو مقربين منهم على أرقامها للطوارئ.

وفي أغلب الأحيان تنتهي محاولات الهجرة غير الشرعية عبر هذه الطريق الخطرة بالغرق.

يذكر أن أكثر من 40 ألف مهاجر على الأقل وصلوا إلى السواحل الإسبانية العام الماضي، وفقا لوزارة الداخلية الإسبانية.

فلما بلغت القلوب الحناجر، لم يغنهم صياحهم من الموت شيئا، وعندما غلبتهم أمواج البحر فغرقت أرواحهم في ملكوت بارئها بينما طفت أجسادهم الهزيلة من طول السباحة ومغالبة الموج، كتب يقول: “أنا آسف يا أمي لأن السفينة غرقت بنا ولم أستطع الوصول إلى هناك، كما لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها(أ) لكي أدفع أجر الرحلة.

لاتحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي، فماذا ستفيدك الآن إلا تكاليف نقل وشحن ودفن وعزاء.

أنا آسف يا أمي لأن الحرب حلّت، وكان لا بد لي أن أسافر كغيري من البشر، مع العلم أن أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كما تعلمين كل أحلامي كانت بحجم علبة دواء للقولون لك، وثمن تصليح أسنانك.

بالمناسبة لون أسناني الآن أخضر بسبب الطحالب العالقة فيه، ومع ذلك هي أجمل من أسنان من كلفهم الله أمورنا وفرطوا في الآمانة.

أنا آسف يا أمي يا حبيبتي لأنني بنيت لك بيتا من الوهم، كوخا خشبيا جميلا كما كنا نشاهده في الأفلام، كوخا فقيرا بعيدا عن دور الصفيح والتشرد كل يوم وبعيدا عن المحسوبية والمزاجية  والانتماءات العرقية وشائعات الجيران عنا.

أنا آسف يا أخي لأنني لن أستطيع إرسال الخمسين يورو التي وعدتك بإرسالها لك شهريا لترفه عن نفسك قبل التخرج.

أنا آسف يا أختي لأنني لن أرسل لك الهاتف الحديث الذي يحوي “الواي فاي” أسوة بصديقتك ميسورة الحال.

أنا آسف يا منزلي الجميل لأنني لن أعلق معطفي خلف الباب.

أنا آسف أيها الغواصون والباحثون عن المفقودين، فأنا لا أعرف اسم البحر الذي غرقت فيه.