“مصطفى الرميد يحذر: تعديلات قانون المسطرة المدنية تهدد حقوق المواطنين واستقلالية القضاء”

0
317

في تصريح جديد، أعرب وزير العدل السابق مصطفى الرميد عن قلقه العميق حيال التعديلات المقترحة في قانون المسطرة المدنية، مسلطاً الضوء على تأثيرها المحتمل على حقوق المواطنين واستقلالية القضاء. تعكس هذه التصريحات مخاوفه من أن التعديلات الجديدة قد تؤدي إلى إضعاف ثقة الجمهور في منظومة العدالة إذا لم يتم تدارك جوانبها المثيرة للجدل.




ويشير الرميد إلى الحاجة الملحة لإعادة النظر في هذه التشريعات بروح تضمن حماية المبادئ الدستورية الأساسية، وتكفل للمواطنين حقوقهم في التقاضي ضمن إطار من النزاهة والمساواة أمام القانون.

1. الحق في التقاضي وحدود حسن النية: حماية للعدالة أم وسيلة للضغط؟

يشدد الرميد على ضرورة أن يمارس كل مواطن حقه في التقاضي وفقًا لمبادئ حسن النية، التي تضمن عدم عرقلة سير العدالة. وبيّن أن هناك من يسيء استخدام هذا الحق، مما يخلق “اللدد المذموم في الخصومة”.

السؤال الذي يبرز هنا: كيف سيتم التمييز بين من يمارس حقه بصدق وبين من يُتهم بسوء النية؟ في تجارب قضائية سابقة، كان بعض المتقاضين عرضة للاتهام بالتعسف رغم محاولاتهم الدفاع عن حقوقهم.

هل تملك المحاكم المغربية المعايير الكافية لضمان شفافية التطبيق، دون الإضرار بحقوق المواطنين؟

2. فرض غرامات على التعسف في الدعاوى والدفوع: هل تهدد هذه التعديلات حق الدفاع؟

يقترح الرميد أن التعديلات الجديدة تتجاوز فرض غرامات على الدعاوى المتعسفة لتشمل تغريم الأطراف بسبب تقديم دفوع قد تبدو تعسفية، حتى وإن كانت تستند إلى مبررات قانونية. هنا، يرى الرميد خطرًا على مبدأ المسؤولية الفردية، خاصةً وأن المحامي قد يقدم دفوعًا قانونية دون استشارة موكليه بشكل كامل. في دول أخرى، كفرنسا وألمانيا، يراعى تاريخ المتقاضين وعدد القضايا السابقة كأحد معايير الحكم على التعسف، فهل سيتم تبني مثل هذه المعايير في المغرب؟ وهل ستترك هذه الغرامات أثرًا سلبيًا على حق المحامين في الدفاع عن حقوق موكليهم بفعالية ودون ضغوط؟

3. الاختصاص القيمي وضبابية التحديد: ما الغاية الحقيقية من رفع السقف القيمي؟

يتناول الرميد مسألة رفع قيمة الاختصاص النهائي للمحاكم الابتدائية وزيادة الحد الأقصى لقضاء القرب، موضحًا أن هذه التعديلات لم تأتِ مدعومة بأرقام دقيقة تبين مدى فعاليتها في تخفيف عبء الطعون على محاكم الاستئناف والنقض. ويتساءل عما إذا كان الهدف الفعلي هو تقليل الضغط على المحاكم أم أنه سيؤدي في النهاية إلى تحميل المتقاضين عبئاً إضافياً.

لماذا لم يتم عرض بيانات دقيقة حول القضايا التي ستتأثر بهذه التعديلات؟ وهل هناك ضمان بأن هذه الخطوة ستساهم في تحقيق نجاعة قضائية حقيقية بدلاً من الإضرار بمصالح المواطنين؟

4. خرق مبدأ المساواة أمام القانون: هل تعزز التعديلات مكانة الدولة على حساب المواطنين؟

أشار الرميد إلى ما وصفه بعدم التكافؤ في الفرص بين الأفراد والدولة في الطعون، إذ يمنح المشروع السلطات الإدارية ميزة تنفيذ الأحكام دون إمكانية إيقاف التنفيذ، بينما يفرض على المواطنين العاديين الالتزام بتنفيذ الأحكام الاستئنافية فور صدورها. يبدو هذا التعارض واضحًا مع مبدأ المساواة أمام القانون، الذي يكفله الدستور.

كيف يمكن تفسير هذا التمييز؟ وهل سيفقد المواطنون ثقتهم في العدالة إذا رأوا أن الدولة تتمتع بامتيازات خاصة تُحرم عليهم؟

5. المساس باستقلالية القضاء: ضرورة تعيين القضاة عبر برامج معلوماتية لضمان النزاهة

من بين الانتقادات التي أوردها الرميد، يأتي انتقاده لبند في التعديلات يمنح رئيس المحكمة الحق في تغيير القاضي المكلف بقضية معينة دون تبرير كتابي. هذا الإجراء قد يثير شكوكًا حول الحياد، ويُضعف ثقة المتقاضين في نزاهة القضاء. يرى أستاذ القانون الدستوري، الدكتور محمد السالمي، أن “غياب التعليل في قرارات تغيير القضاة يمثل انتهاكًا للشفافية، ويفتح الباب أمام التأويلات”.

لماذا لم تعتمد التعديلات نظامًا يعتمد على برنامج معلوماتي محايد لتعيين القضاة، بحيث يضمن تعيينات شفافة وحيادية بعيدًا عن التدخلات؟

الخاتمة: هل هذه التعديلات تخدم العدالة أم تهدف فقط لتقليل الطعون؟

تحمل تصريحات الرميد إشارات واضحة إلى ضرورة مراجعة هذه التعديلات بروح تعزز ثقة المواطنين في نظام العدالة. يطرح الرميد عدة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التعديلات تهدف فعلاً لتحقيق العدالة وتخفيف الضغط على المحاكم، أم أنها مجرد حلول وسطية قد تضر بمصالح المواطنين.

يبقى على الحكومة والنقابات المهنية المعنية أن تفتح حوارًا شاملاً حول هذه التعديلات لتفادي أي تأثيرات سلبية على حقوق المتقاضين وضمان مبدأ المساواة أمام القانون.