مغاربة هولندا بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان التمييز: أزمة الهجرة والاندماج تتجدد

0
151

مع كل حدث سياسي أو اجتماعي تمس الجالية المغربية في هولندا، تعود التوترات لتطفو على السطح، كاشفة عن تعقيدات العلاقة بين الأقليات والحكومة الهولندية. في سياق مظاهرات مؤيدة لفلسطين وأحداث شغب مرتبطة بمباراة كرة قدم جمعت نادي مكابي الإسرائيلي وأياكس الهولندي، تصاعدت الأصوات التي تستغل هذه الوقائع لتأجيج الكراهية، حيث اتهمت الجالية المغربية بأنها المحرك الأساسي للأحداث، ما أثار جدلاً واسعاً في المشهد السياسي والاجتماعي.

تصريحات زعيم حزب الحرية اليميني خيرت فيلدرز، الذي دعا إلى طرد المهاجرين المؤيدين لفلسطين واصفًا إياهم بـ”الساعين لتدمير اليهود”، تعكس نزعة ممنهجة لاستهداف الأقليات، خصوصًا المغاربة والمسلمين. تأتي هذه التصريحات في ظل جدل حول حرية التعبير، حيث شهدت هولندا مظاهرات مؤيدة لفلسطين لم يتم منعها، ما يعكس التزامًا نظريًا بحرية التعبير، ولكن هل هذه الحرية محمية فعليًا في سياق يتزايد فيه خطاب الكراهية؟

أحداث مباراة مكابي وأياكس، التي شهدت تبادل شعارات عنصرية واعتداءات على مشجعين إسرائيليين، وضعت الجالية المغربية تحت مجهر الانتقاد، خاصة بعد مزاعم بمشاركة أفراد من أصول مغربية في أعمال العنف. ورغم الإشارة إلى أن بعض مشجعي مكابي قاموا بحرق الأعلام الفلسطينية، إلا أن التركيز الإعلامي والسياسي انصب على الجالية المغربية. هذه الأحداث أفسحت المجال لليمين المتطرف لتصعيد خطابه العدائي، ما يثير تساؤلات حول مسؤولية الحكومة في منع استغلال الأحداث لتبرير العنصرية.

في خضم هذه الأزمة، جاءت استقالة نورا أشهبار، كاتبة الدولة ذات الأصول المغربية، احتجاجًا على تصريحات وصفتها بالعنصرية من داخل الحكومة. هذه الاستقالة، التي أثارت تساؤلات حول مكانة الأقليات داخل النظام السياسي الهولندي، كادت تعصف بالائتلاف الحاكم. رئيس الوزراء، الذي تعهد بسياسات هجرة صارمة، وصف الوضع بـ”مشكلة اندماج”، مما أثار استياء شخصيات سياسية مثل المستشار البلدي سفيان باركي، الذي رد قائلاً: “إذا كانت هذه مشكلة اندماج، فأنا جزء من المشكلة.”

رغم كل هذه التحديات، تظل الجالية المغربية حاضرة بقوة في المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي الهولندي. إحصائيات تشير إلى انخفاض معدلات الجريمة بين الشباب المغاربة وتحسن التوجهات التعليمية نحو التعليم الجامعي. ومع ذلك، تشير تقارير إلى أن 50% من المسلمين في هولندا واجهوا التمييز في عام 2023، وهي نسبة تفوق المتوسط الأوروبي، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجهها الأقليات في تحقيق اندماج كامل.

تتصاعد التساؤلات حول كيفية تحقيق توازن بين ضبط الأمن واحترام حقوق الأقليات. هل تُستخدم أحداث الشغب والمظاهرات كذريعة لتبرير السياسات العنصرية؟ وكيف يمكن للأحزاب المعتدلة والحكومة مواجهة تصاعد خطاب الكراهية؟ وما هو دور الجالية المغربية في تعزيز وحدتها والرد على هذه التحديات بفعالية؟

أزمة مغاربة هولندا ليست مجرد مشكلة اندماج، بل هي قضية عدالة اجتماعية وسياسية تحتاج إلى حلول جذرية. في ظل استمرار تصاعد خطاب الكراهية، يظل التحدي الأكبر هو تعزيز الوحدة الداخلية للجالية والعمل مع المؤسسات الحقوقية والسياسية لتحقيق التغيير المنشود. الطريق نحو التغيير يبدأ من تعزيز الحوار بين الثقافات، محاربة التمييز بجميع أشكاله، وضمان العدالة الاجتماعية لكل مكونات المجتمع الهولندي.