عثر ثلاثة علماء ألمان على دليل أصل مخبري لفيروس كورونا، وذهبوا إلى أن 99.9% من الفيروس صُنع وأُنتج بشريا، وفق ما أعلنوا ضمن دراسة نشرت أخيرا.
وقال فالنتين بروتيل، أحد المشاركي في الدراسة، والذي حصل على درجة الدكتوراه في علم المناعة في عام 2022، في حديث لقناة التلفزيون الألمانية “n-tv” أنه “تظهر نتائجنا أن هذا الفيروس مصنّع بنسبة 99.9%، وربما يكون نسخة تم التلاعب بها من فيروس طبيعي”.
مفاجأة مدوية عن #كورونا .. الفيروس مخبري تم تصنيعه وإنتاجه داخل مختبر بنسبة 99.9%#الحدث pic.twitter.com/io6klIFElP
— ا لـحـدث (@AlHadath) October 24, 2022
وأشار إلى أن فيروس كورونا هو فيروس معدل وراثيا بشكل متعمد.
وأوضح بروتيل أن الأساليب التي استخدمت لصنع فيروس كورونا تستخدم أيضا بطريقة مشابهة جدا من قبل المختبرات الفيروسية المتخصصة لإنتاج فيروسات اصطناعية.
ويقول بروتيل إنه يستخدم أيضا هذه الأساليب في عمله اليومي، ولكنه يسعى من خلالها لتطوير عقاقير بروتينية “غير ضارة تماما” لعلاج أمراض المناعة الذاتية.
ووفقا للعلماء الألمان الثلاثة، فقد وجدوا نوعا من “البصمة” في جينوم “Sars-CoV-2″، وأوضح بروتيل أن هذا نمط يتكرر بانتظام في جينوم الفيروس، وقال إن المختبرات التي تعدل فيروسات الحمض النووي وراثيا مثل فيروس “Sars-CoV-2” تجمع أولا المواد الجينية من لَبِنات بناء الحمض النووي الفردية، وتبقى الأنماط المميزة بالقرب من التقاطعات لهذه “اللبنات الأساسية”.
وقارن بروتيل وزملاؤه جينومات الفيروسات الاصطناعية المعروفة والفيروسات الطبيعية، وأوضح أنه في الفيروسات الطبيعية، يتم توزيع مواقع التعرف بشكل عشوائي تماما، بينما في المواقع المصطنعة تظهر دائما بنمط معين، وهذا النمط موجود أيضا في فيروس “Sars-CoV-2″، ولكن ليس في الفيروسات المشابهة.
تقول الهولندية مونيك لوستيغ بثقة “هذا ليس فيروسا، إنه أداة لبسط سلطتهم”، فيما يؤكّد هلموت ميندل في ألمانيا “كوفيد أسطورة ابتكرتها المافيا المالية الدولية”، ويتساءل الفرنسي كريستوف شاريه “ماذا لو كنا في فيلم؟”
تزدهر نظريات المؤامرة من لاهاي إلى شتوتغارت مرورا بباريس، ويدّعي أتباعها أنهم يقاومون “السيطرة على الضمائر”، أو يتصدون لشبكات من “المعتدين جنسيا على الأطفال”، أو حتّى يكافحون “مخطّطا وبائيا” وضعته بحسبهم الطبقة الحاكمة سعيا لتحقيق أهداف غامضة.
“خطاب بديل”
ويقول أنصار هذه النظريات إنهم يدافعون عن “خطاب بديل” للحقائق الرسمية، مستلهمين حركة “كيو آنون” الأميركية لبث قراءتهم للوقائع المبنية على المؤامرات على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولجت وكالة فرانس برس إلى عالم يضم مزيجًا من ثقافة نظريات المؤامرة الأوروبية.
وبين أتباع هذه النظريات، أنصار لحركة “كيو آنون” وبروتستانت متطرفون وشعبويون يمينيون وأنصار للبيئة مؤيدون للطب البديل، ورؤساء شركات وعاطلون عن العمل، وحتى أطباء.
يثير صعود هذا الخليط غير المتجانس قلق أجهزة الاستخبارات التي تخشى زعزعة استقرار الديموقراطيات الأوروبية.
إذ أوضح المنسق الوطني للاستخبارات الفرنسية لوران نونيز “نظريات كيو آنون تصل إلى فرنسا. نظريات المؤمرة تلقت دفعا كبيرا مع شبكات التواصل الاجتماعي، نرى أنها تنظم صفوفها أيضا في خلايا سرية. هذا يشكل خطرا بالطبع”.
تكثر المجموعات الأوروبية التابعة لحركة كيو آنون أو الرديفة لها على شبكات التواصل حيث تجمع أنصارا، فتحظى مجموعة “ديكودور” في فرنسا بثلاثين ألف منتسب على تطبيق تلغرام، فيما يتابع أكثر من مئة ألف شخص أكبر وجهين من وجوه نظريات المؤامرة في ألمانيا أتيلا هيلدمان وكزافييه نايدو، ويجمع البريطاني تشارلي وارد حوالى 150 ألف متابع يمطر عليهم مقاطع فيديو مؤيدة للرئيس الأميركي السابق دوناد ترامب.
وفي قلب العائلات، يقف البعض عاجزين أمام جنوح أقربائهم، وهو ما يشهد عليه بول الذي شاهد والدته تنزلق شيئا فشيئا إلى الجانب الآخر.
يروي صاحب المكتبة الفرنسي البالغ 48 عاما “كانت تعيش معزولة، تقضى قدرًا لا يصدق من الوقت على الإنترنت، تبحث عن أجوبة لسخطها على ظلم العالم. كانت تمضي 24 ساعة في اليوم على يوتيوب، وكانت شبكات نظريات المؤامرة نافذتها الوحيدة على العالم”.
ويتابع “جاء الحجر ليتوج كل ذلك. وكان كوفيد بمثابة تأكيد لكل نظرياتها حول نهاية العالم”.
أشخاص من آفاق مختلفة
أوضح مصدر في أوساط الاستخبارات في فرنسا “ثمة مزيج من الظروف القائمة: تداعي النسيج الاجتماعي الاقتصادي، وحركة تعبير احتجاجي قوي على المنصات الرقمية حيث من السهل نقل خطابات المؤامرة، واستحقاقات انتخابية قادمة”.
من جهته، قال مسؤول كبير في الاستخبارات الفرنسية “هذه الحركات كانت موجودة بدرجات متفاوتة منذ عشر سنوات أو خمس عشرة سنة، وهي تستمد زخمها من تيار مناهض للأنظمة القائمة يقوم على نظريات المؤامرة. وثمة تداخل مع مجموعات صغيرة من اليمين المتطرف”، مشيرا إلى أن الظاهرة الجديدة تكمن في تجمع “أشخاص قادمين من آفاق مختلفة”.
التقى صحافيو وكالة فرانس برس لانغه فرانس في منتصف آذار/مارس في بلدة ويثورن الهادئة الصغيرة إلى جنوب أمستردام، فدعاهم إلى استديو التسجيل حيث يعمل.
“لا كمّامات هنا!”
أعلن مغنّي الراب الذي عرف بعض الشهرة في التسعينات “لا كمّامات هنا!”، مستهزئا بوباء كوفيد باعتباره مجرّد “إنفلونزا تمّ تسويقها بإسراف”.
وتحدث باعتزاز جليّ عن “الحفل الموسيقي السري” الذي شارك فيه في اليوم السابق بغياب أي قيود أو تباعد منعا لانتقال فيروس كورونا.
وهو يبث منذ سنوات مدوّنات صوتية تلقى متابعة واسعة في هولندا، يستقبل فيها شخصيات لإلقاء ضوء “بديل” على أحداث الساعة.
وهو يطرح في حواراته هذه كل المواضيع التي تلقى أصداء في أوساط نظريات المؤامرة، مثل كوفيد، وتحطّم الطائرة الماليزية إم إتش 370، والتعديات الجنسية على الأطفال، والأجسام الطائرة، وغيرها.
يردّد لانغي فرانس (أو فرانس الكبير بالهولندية) “يجب اقتفاء أثر المال!”، جالسا في الاستديو الذي زيّنه بملصقات لفرقة الروك “إيه سي دي سي” وعلق فيه آلات غيتار.
ويتابع الأربعيني الذي تغلق قناته على يوتيوب باستمرار “خذوا مثل بيل غيتس، يجدر بالناس الاستعلام عنه، فهو لا يحمل شهادة طبية وليس خبيرا في اللقاحات. السبب الوحيد الذي يجعل الناس ينصتون له إلى هذا الحد هو المال الذي يملكه”.
تنديدٌ بـ”إعادة الهيكلة الكبرى”
يوزّع جيفري، الطالب البالغ 21 عاما، منشورات تندد بـ”إعادة الهيكلة الكبرى”، خطة منتدى دافوس لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19، مؤكدا أنها تخفي سعيا للسيطرة على الحريات والحد من التعداد السكاني.
وتقول مونيك لوستيغ التي تملك مطعما “يبدو ذلك للكثيرين طرحا جنونيا لا يمكن أن يكون حقيقيا، لكنهم يعملون لهذا الهدف منذ أكثر من عشرين عاما”.
من جهته، يقول أرد بيسا المصرفي السابق الذي ينشط الآن في الدفاع عن الطب البديل لمعالجة السرطان، إن “النخبة المؤيدة للعولمة تغتنم الوضع لإنشاء مجتمع جديد”.
ولا يشكل تجمع لاهاي ظاهرة استثنائية في أوروبا، فالتظاهرات ضد القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19 تجمع بانتظام عددا كبيرا من أنصار نظريات المؤامرة.
قوى سرية
ففي الدنمارك، يؤكد افراد مجموعة “مان إن بلاك” (رجال بالأسود) أن فيروس كورونا “خدعة”، فيما تنتشر أعلام “كيو آنون” خلال التظاهرات المماثلة في برلين والتي يمكن أن تجمع ما يصل إلى عشرة آلاف مشارك. وحاول بعضهم حتى اقتحام البرلمان في آب/أغسطس الماضي.
وأظهرت دراسة صدرت في ايلول/سبتمبر 2020 أن ثلث الألمان يؤمنون بأن “قوى سرية” تسيطر على العالم.
وتبقى المواضيع التي ترفعها حركة كيو آنون من الحجج الأساسية بأيدي أنصار نظريات المؤامرة الأوروبيين.
ففي لاهاي، يطرح المصرفي السابق أرد بيسا مسألة شائعة بين أتباع كيو آنون، فيقول “ثمة ثمانية ملايين طفل يختفون كل سنة، هذا جزء من عالمنا، علينا ألّا نغضّ الطرف، ثمة كمية هائلة من قضايا التعديات الجنسية على أطفال يتم طمسها”.
والواقع أن هذا الرقم المأخوذ من المنظمات غير الحكومية لحماية الأطفال، يجمع كل حالات اختفاء الأطفال، بما فيها حالات هروب الأطفال من منازلهم، وهي تلقى حلأ في غالبيتها الساحقة.
“دولة عميقة”
يوضح توم دو سميت الباحث البلجيكي الذي صدرت له عدة دراسات حول هذه الحركة في أوروبا “كيو آنون نقطة تلاقي لمجموعات أقصى اليمين، والأشخاص المؤمنين بالصحون الطائرة، والذين يعتقدون أن إنترنت الجيل الخامس سيستخدم للسيطرة على الناس”.
وباتت حركة كيو آنون التي نشأت في الولايات المتحدة، معروفة بشكل واسع عبر العالم في كانون الثاني/يناير مع عملية اقتحام الكونغرس الأميركي.
وهي تستمد اسمها من رسائل غامضة ينشرها شخص يطلق على نفسه حرف “كيو”، ويعتقد أنه موظف كبير في الإدارة الأميركية قريب من الرئيس السابق دونالد ترامب. وهو ينشط بشكل كثيف في الولايات المتحدة منذ 2017، وينادي بصورة خاصة بوجود “دولة عميقة” بقيادة حفنة أشخاص من النخب، تحكم العالم بأسره.
فضيحة بتيزاغيت
ومن المواضيع التي شكلت لحمة حركتهم فضيحة زائفة يطلقون عليها اسم “بتيزاغيت” تتهم ديموقراطيين بأنهم على رأس شبكة للتعدي جنسيا على أطفال.
يوضح الفرنسي كريستوف شاريه مبتسما “رسائل كيو هي الكتاب المقدس لأتباع نظريات المؤامرة”.
شاريه مدير شركة ودود ورياضي يستقبل وكالة فرانس برس في منزله الحديث في ضاحية باريس، واصفا نفسه بأنه “معتدل” في تأييده لنظريات المؤامرة.
تقترب الساعة من الثامنة مساء، وأعلن رئيس الوزراء جان كاستيكس للتو إعادة فرض الإغلاق في جزء من فرنسا.
“إننا أمام انقلاب للعالم”
في الصالون، يبقى جهاز التلفزيون الضخم مطفأ، فيما كريستوف شاريه منهمك في مكتبه في الطابق تحت الأرضي، حيث يستعد للقيام بمداخلة في النشرة الإخبارية المسائية التي تبثها “أليانس أومين”، وهي جمعية تحظى بـ12 ألف مشترك على تطبيق تلغرام، تقدم لهم قراءة لأحداث الساعة مبنية على نظريات المؤامرة.
تعرض مقدمة نشرة الأخبار صورا تتعاقب بتسلسل سريع لاغتيال كينيدي واعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 وشبكة 5 جي ودونالد ترامب واللقاح واختصاصي الأمراض المعدية الفرنسي ديدييه راولت وبيل غيتس، على وقع موسيقى جديرة بأفلام الإثارة الهوليودية.
يجلس كريستوف شاريه وخلفه شريط مضاء على شكل حرف “كيو”، ويقول “العالم يقوده تكتّل مالي-تكنولوجي يسيطر على سيادة الشعوب. التكنولوجيا تسمح بالقيام بأمور مخيفة، السيطرة على الضمائر مثلا ليست مجرد خرافة”.
وتحدث في ذلك المساء في فيديو جمع حوالى ثلاثين ألف مشاهدة، عن اللقاحات والرئيس الأميركي جو بايدن، كما تناول العمليات الإنسانية التي تنظمها جمعية تجمع أموالا لمساعدة الطلاب المحتاجين.
وختم “إننا أمام انقلاب للعالم، ثمة معسكران يتواجهان، والذين يمسكون بزمام الأمور ليسوا أصدقاء لنا. سيبذلون كل ما في وسعهم للاحتفاظ بالسيطرة، لكن هناك قوى تعمل من أجل يوم محوري مستقبلي، ثمة أمور تتحضّر”، مشددا على التزامه السلمي.
دعم ترامب وأفكار اليمين المتطرف
وأنصار كيو آنون المتشددون نادرون ومتكتمون نسبيا في أوروبا، إذ تبقى الحركة مترسخة في الولايات المتحدة، غير أن قاعدتها الإيديولوجية معمّمة إلى كلّ أنحاء العالم.
وتقول مديرة الإستراتيجيا في شركة “أكتيف فينس” الإسرائيلية للأمن المعلوماتي نيتزان تاماري “جميع كيو آنون الأوروبيون يؤيدون الرواية الرسمية، أي دعم ترامب وأفكار اليمين المتطرف” ولو أن “كل مجموعة تكيّف رسائلها مع مصالح محلية”.
وفي نهاية المطاف، تخرج الشائعات التي تتناقلها هذه “النواة الصلبة” المؤمنة بنظريات المؤامرة على تلغرام، لتغزو النقاش العام.
التطهير الرقمي
يذكر الباحث توم دو سميت بأن “تويتر أنجز عملا هائلا بإغلاقه حسابات”. لكنه لفت إلى أن هذا التطهير الرقمي لم يصل إلى جذور نجاح هذه النظريات، موضحا “ثمة شعور بالغضب ليس حكرا على اليسار ولا على اليمين، بل هو مناهض للنخب. وهذا الشعور لم يتبدد”.
ففي كانون الثاني/يناير، شهدت ألمانيا نموذجا لتشويه الكلام، حين وردت فجأة آلاف الرسائل على عدد من شبكات التواصل الاجتماعي، تندد بمسعى لإقامة “صالات استمناء” للأطفال في دار حضانة في تيلتوف جنوب برلين.
ونقل بعض نواب حزب “البديل لألمانيا” اليميني المتطرف هذه المعلومات، ما دفع نائبة من الغالبية لانتقاد مثل هذا المسعى، في حين أن المسألة انطلقت في الحقيقة من مقال أُسيء فهمه في صحيفة محلية.
وفي فرنسا، شاهد ملايين الأشخاص الوثائقي “هولد آب” الذي يقدم منبرا لأطباء ونواب وباحثين وعلماء اجتماع بدون تمييز، لعرض نظريات مؤامرة على مدى ثلاث ساعات تقريبا تتقاطع بوتيرة سريعة.
وقبل عام من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حذر مسؤول من الغالبية الحاكمة “هذا الفيلم يقدم عملا يختزل كل طروحات المؤامرة الراهنة. لديهم منابر في كل مكان، يجب أن تكون لنا نحن أيضا منابر”.
الأحزاب الشعبوية الأوروبية
وأظهرت دراسة أجراها معهد جان جوريس عام 2019 أن القاعدة الناخبة لزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن هي الاكثر تقبّلا لنظريات المؤامرة.
وفي هولندا، نجح تنظيم “المنتدى من أجل الديموقراطية” الشعبوي في زيادة عدد مقاعده في البرلمان بأربعة أضعاف بعد حملة انتخابية مبنية على العداء لتدابير مكافحة وباء كوفيد، مع تفادي الخوض في خطاب المؤامرة.
وفي أورك، بلدة صيادي السمك الصغيرة الواقعة في “حزام الكتاب المقدس” البروتستانتي المتشدد، حيث كان مرض الحصبة لا يزال منتشرا في 2019، حقق المنتدى أكبر تقدم بحلوله في المرتبة الثالثة.
وتساءل الكاهن ألوين ويتسلاغ لدى استقباله صحافيي فرانس برس في بيته الملاصق لإحدى الكنائس الكثيرة في البلدة “الناس هنا تساورهم شكوك حول اللقاح لأسباب طبية إذ لا نعرف مفاعيله، إنما كذلك دينية (…) الله هو من يهبنا الصحة والمرض. فهل يجدر بنا التدخل في المصير الذي يرسمه لنا؟”.
وعلى غرار “المنتدى من أجل الديموقراطية”، تتفادى بعض الأحزاب الشعبوية الأوروبية تبني خطاب المؤامرة بشكل رسمي، مفضلة اعتماد لغة ملتبسة يمكنها استقطاب ناخبين سئموا السياسة.
وفي مقاطعة بادن فورتمبرغ، معقل المناهضين للتدابير الصحية في ألمانيا، تقف كريستيا باوم تحت شمس ساطعة توزع منشورات.
قبل بضعة أيام من الانتخابات، تناقش هذه المتحدثة المحلية باسم “البديل من أجل ألمانيا” في الشؤون الصحية، مسألة كوفيد مع أنصار للحركة بلا كمامات ولا تباعد.
يبادرها أحد المارة هيلموت ميندل حاملا على “أسطورة المافيا المالية الدولية الإجرامية” التي يطرحها أنصار نظريات المؤامرة.
حزب الوطنيين و”جنون كورونا”
وتتفادى كريستينا باوم مناقضة هذه الحجج، إذ يرحب حزبها بكل الآراء، فتجيبه سائلة “ماذا تريد أن تفعل بهؤلاء الناس؟ تريد أن تقول لهم إننا سنضعهم على هامش المجتمع تماما؟”
وأوضح تقرير اصدرته عدة منظمات غير حكومية بينها “مؤسسة أماديو أنطونيو” في شباط/فبراير 2021 أن “الذين يصوتون لأحزاب اليمين المتطرف يميلون أكثر من سواهم إلى اعتناق نظريات المؤامرة المتعلقة بكوفيد. وهذا يشمل واحدا من خمسة ناخبين للبديل من أجل ألمانيا”.
ويلقى هذا الخطاب أصداء في فرنسا ولا سيما بين حزب “الوطنيين” السياديّ الذي يندد زعيمه فلوريان فيليبو بـ”جنون كورونا”.
خطابٌ يطعنُ في الدستور
وإن كان هذا المزيج من الخطابات التي تطرح نظريات مؤامرة يبقى في الوقت الحاضر محصورا في عدد محدود من التشكيلات السياسية، إلا أنه يثير تعبئة في صفوف أجهزة الاستخبارات الأوروبية.
وفي ألمانيا، تفرض رقابة مشددة على حركة “كويردينكن” المعارضة لتدابير مكافحة كوفيد، ولا سيما لارتباطها بحركات قريبة من اليمين المتطرف، يدعو خطابها بشكل نشط إلى الطعن في الدستور.
وأوضح مسؤول في الاستخبارات في بادن فورتمبرغ “نعمل على مجموعة من الأشخاص محدّدة بشكل واضح، يظهر لنا أنها على تواصل مع الأوساط المتطرفة. يمكن لنظريات المؤامرة أن تسرّع اعتناق التطرف وأن تشكل طريقا مؤديا إليه”.
ونظريات المؤامرة قد تفتح بابا لزعزعة استقرار الديموقراطيات بعدما باتت معممة على الجمهور العريض وتلقى انتشارا سريعا وتجمع حولها الكثير من الناس من توجهات مختلفة.
أخطر ما في الأمر
وأقر المسؤول الكبير في الاستخبارات الفرنسية “نخشى أن ينتقل هؤلاء الأفراد إلى ارتكاب أعمال عنف”، مشددا على وجود “تدخل رسمي روسي عبر بث الأخبار” من خلال “شبكتي آر تي وسبوتنيك”.
ويلتقي أتباع نظريات المؤامرة بشكل أساسي على تطبيقي “تلغرام” و”في كاي”، وهما شبكتان اجتماعيتان أسسهما الشقيقان الروسيان بافيل ونيكولاي دوروف.
وقال الباحث الفرنسي سيلفان دولوفيه “أخطر ما في الأمر ليس العناصر الراديكاليون القلائل، بل التيار التحتيّ الذي يؤدي إلى ريبة وحذر متزايدين حيال المؤسسات”.
وردا على سؤال عما إذا كان يتوقّع اتّساع هذا التيار التحتيّ، قال المصدر في الاستخبارات الفرنسية إن “الرهان يكمن في معرفة ما إذا كانت الانتخابات ستشكل منفذا لهذه الرغبة في التعبير الاحتجاجي أم لا”.
وسيرتسم الجواب العام المقبل في الانتخابات المحلية والرئاسية التي تجري في فرنسا والانتخابات التشريعية في ألمانيا.
المصدر : المغرب الآن +أورو نيوز