“مناظرة ترامب وزيلينسكي: كيف تكشف حكمة الملك عبدالله الثاني عن عمق الدبلوماسية الأردنية؟”

0
47

في عالم السياسة والدبلوماسية، تكون اللقاءات بين القادة محكومة بالكثير من الرمزية والرسائل غير المعلنة التي غالبًا ما تتجاوز الكلمات نفسها. وفي هذا السياق، أثار لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مشادة حادة حول الحرب في أوكرانيا، وهو الحدث الذي أعاد تسليط الضوء على مهارات الدبلوماسية الهادئة التي يتمتع بها جلالة الملك عبدالله الثاني.

المقال الذي كتبه الكاتب الأردني طلال أبو غزالة، يسلط الضوء على الفرق الواضح بين سلوك الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع ترامب، وسلوك الرئيس الأمريكي تجاه ضيفه الأوكراني.

مقارنة غير عادلة: كما أشار أبو غزالة، هناك من حاول إجراء مقارنة بين لقاء ترامب مع زيلينسكي، حيث شهد مشادة حادة، ولقاء الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأمريكي في فبراير الماضي. إلا أن الكاتب يدحض هذه المقارنة بشكل قاطع، مشيرًا إلى أن ما جرى مع الرئيس الأوكراني ليس له أي علاقة بما حصل في اللقاء الأردني-الأمريكي.

في الواقع، يشير الكاتب إلى أن حكمة الملك عبدالله الثاني ولباقته في التعامل مع المواقف الصعبة تسلط الضوء على التفاوت الكبير بين الأسلوب الدبلوماسي الرفيع الذي يتبعه، وبين التصرفات المرتجلة في اللقاءات التي تنطوي على تبادل الاتهامات.

أهمية الموقف الأردني: في تحليل الكاتب، يُظهر الموقف الأردني تجاه تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن أو مصر كجزء من الحلول السريعة التي طرحها الرئيس الأمريكي. الملك عبدالله الثاني كان حريصًا على رفض هذا المبدأ بشكل قاطع، ليس فقط من منظور المصالح الأردنية، بل من منطلق المبادئ القانونية الدولية والحقوق الإنسانية.

وحين فوجئ الملك بجناب الصحافة في اللقاء مع ترامب، قرر أن يجيب بهدوء ويبتعد عن توجيه رسائل سياسية غير مكتملة قبل المباحثات الرسمية، مما يعكس احترامه للأصول الدبلوماسية.

التفسير القانوني والإنساني للموقف الأردني: الملك عبدالله الثاني عبر عن مواقف بلاده المبدئية، مستعرضًا التزام الأردن الدائم في استقبال المرضى والجرحى من غزة، وذلك بناءً على سوابق إنسانية قدمها الأردن على مر العقود.

وبذلك، يبرز دور الأردن كشريك فاعل في السلام والاستقرار في المنطقة، بينما تتجنب المملكة الظهور بمظهر المتحكم أو المتأثر بتوجهات خارجية تضر بمصالحها الاستراتيجية.

ما الذي يجعل المقارنة بين المواقف غير منطقية؟ الحديث عن المقارنة بين لقاء الملك عبدالله الثاني ولقاء ترامب مع زيلينسكي لا يتسم بالمصداقية، كما أشار أبو غزالة. ففي الوقت الذي تأكد فيه من حكمة الملك في التعامل مع الأسئلة الموجهة إليه، لم يتوصل الرئيس الأمريكي في لقائه مع زيلينسكي إلى تجنب مشادات أو تقديم مواقف متناسقة، بل إن الجدال بين الجانبين الأمريكي والأوكراني استمر في إثر اللقاء، مما يثير الأسئلة حول كفاءة التحاور بين القادة في بعض الحالات. هذه الفروق تجعل من الصعب على أي مراقب عقلاني مقارنة سلوكيات القيادة بشكل عادل بين المواقف المختلفة.

أسئلة ضرورية:

  1. ما الذي جعل اللقاء بين الملك عبدالله الثاني وترامب يختلف عن لقاء الأخير مع الرئيس الأوكراني؟

    • هل كانت هناك مصالح أردنية واضحة فرضت على الملك التحفظ والهدوء؟

    • كيف يساهم الهدوء في التعامل مع القضايا الحساسة في السياسة الدولية؟

  2. لماذا استقبل الملك عبدالله الثاني الصحافة بهذه الطريقة خلال اللقاء؟

    • هل يعكس ذلك مواقف دبلوماسية أوسع لجلالة الملك؟

  3. ما هي أبعاد الرد الأردني على اقتراح تهجير الفلسطينيين من غزة؟

    • هل يساهم هذا الموقف في تعزيز صورة الأردن كداعم رئيسي للحقوق الفلسطينية في الساحة الدولية؟

  4. كيف يمكن مقارنة الحكمة الأردنية في سياق لقاء ترامب وزيلينسكي مع الدبلوماسية الأمريكية في محيط الحروب الدولية؟

    • هل تساهم الحكمة الهاشمية في تعزيز وحدة المواقف العربية؟

الربط بالسياق العام: الحديث عن دبلوماسية الملك عبدالله الثاني يحمل في طياته رسائل عميقة حول أهمية الاحترام المتبادل بين الدول والأفراد، وحول ضرورة التحلي بالحكمة عند التعامل مع القضايا الشائكة.

الملك، الذي ورث عن والده الملك الحسين طيب الله ثراه، يتبنى سياسة هادئة ودؤوبة تهدف إلى حماية مصالح الأردن وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. مع ذلك، يتم التصرف مع كل قضية بما يتناسب مع المصلحة الوطنية بعيدًا عن الضغوط الإعلامية أو المزايدات السياسية.

الختام: وفي نهاية المطاف، يبقى موقف الملك عبدالله الثاني علامة فارقة في الدبلوماسية العربية والعالمية. يظهر جلالته في هذا السياق ليس فقط كقائد حكيم، بل كداعم لمبادئ الحق والعدل التي تحترم حقوق الإنسان والمصالح الوطنية.

بالمقارنة مع التصعيد الإعلامي الذي رافق لقاء ترامب وزيلينسكي، يبدو أن الحكمة والهدوء في الدبلوماسية الأردنية قد أثبتت تفوقها على الطرح الشعبوي والتحركات المتهورة.