ردا على الانتقادات الحقوقية، تؤكد السلطات المغربية أن القضاء مستقل وأن الاعتقالات تتم وفق ما تمليه القوانين.
الرباط – قالت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” إن الصحافي عمر راضي يواجه اليوم المحاكمة، بعد تسعة أشهر من الاعتقال الاحتياطي بشكل غير قانوني، وسط بواعث قلق بالغة بشأن عدالة الإجراءات.
ودعت المنظمة في بيان لها السلطات المغربية إلى إطلاق سراح الراضي من الاعتقال الاحتياطي، وإسقاط أي تهم ضده تنبع من عمله الصحفي، وضمان الحق في تلقي جميع الأطراف لمحاكمة عادلة.
واعتبرت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أمنيستي، أنه ليس هناك مبرر للاعتقال الاحتياطي للراضي خلال الأشهر التسعة الماضية، داعية إلى إطلاق سراحه، خاصة وأنه يواجه مضايقات قضائية من قبل السلطات بسبب شجاعته الصحفية، وهذه المحاكمة هي أحدث محاولة لإسكاته.
وأشار البيان إلى أن الصحافي المستقل عمر الراضي معروف بانتقاده لسجل المغرب في مجال حقوق الإنسان، وفضحه للفساد، وكثيراً ما واجه مضايقات قضائية من جانب السلطات بسبب عمله الصحفي ونشاطه، حيث سبق أن حُكم عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ، بسبب تغريدة نشرها العام الماضي انتقد فيها قاضي محكمة بسبب إجراءات المحاكمة “الجائرة”، لنشطاء حراك الريف وسجنهم.
كما لفت بيان أمنيستي إلى التقرير الذي سبق أن نشرته المنظمة أكدت فيه أن هاتف الراضي استهدف ببرمجيات تجسس متطورة، وهو ما نفته السلطات المغربية، لتستدعي الشرطة الراضي بعد يومين من صدور التقرير.
وأكدت أمنيستي أن ادعاءات العنف الجنسي يجب أن تأخذ دائماً على محمل الجد، ويتم التحقيق فيها بشكل صحيح، بيد أنه، في السنوات الأخيرة، تم رفع العديد من قضايا الجرائم الجنسية ضد منتقدي الحكومة المغربية العلنيين، من بينهم صحافيون ونشطاء مستقلون، كما هو الحال مع هشام المنصوري وتوفيق بوعشرين، وهاجر الريسوني، وسليمان الريسوني، وعمر الراضي، وعماد ستيتو.
وأشارت أمنيستي إلى أن محاكمة الراضي تأتي في ظل استمرار سجل حقوق الإنسان في المغرب في التدهور، إذ إن الحكومة لاحقت قضائياً عشرات الأشخاص خلال السنتين الماضيتين، بمن فيهم صحافيون، ومدونو يوتيوب، وفنانون، ونشطاء، عبروا عن آرائهم المنتقدة للسلطات على الإنترنت أو خارجها.
“فبالرغم من التوافق رسميا ومن طرف جمعيات المجتمع المدني والجمعيات المهنية على أن الاعتقال الاحتياطي إجراء احتياطي وأن الأصل هو البراءة، فالاعتقال الاحتياطي تفاقم بشكل كبير”، حسب تصريح الرئيس الوطني للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إدريس السدراوي لفرانس24، مشيرا إلى أنه يتسبب في “تبعات خطيرة أهمها الاكتظاظ الكبير في السجون المغربية بالإضافة إلى التمييز في الاستفادة من المتابعة في حالة سراح…”.
ويدعو السدراوي لاستغلال فرصة مشروع إصلاح القانون الجناني المطروح للنقاش لـ”تضمينه العديد من الإصلاحات المتعلقة بالاعتقال الاحتياطي” على أن “يكون دقيقا وواضحا فيما يتعلق بشروط الاعتقال وألا يترك مجالا كبيرا للاجتهادات والتقديرات، لأنها أفرزت التمييز بين المتابعين، وفاقمت وضعية الاعتقال الذي أصبح هو الأصل”.
وأبدى السدرواي أسفه على “متابعة الصحافيين والحقوقيين في اعتقال… على الرغم من توافر كل شروط وضمانات الحضور”، معتبرا أن مشروع القانون الجنائي الجديد المطروح حاليا للنقاش، “إيجابي في بعض نقطه، لكن مع الأسف طال التقادم إنزاله، والنقاش السياسي غلب النقاش العلمي، وأكيد أن ذلك التأخر والتوافقات في تعديل بعض البنود والتأخر في تنزيله أفرز نقائص متعددة”.
ويظل النقاش مفتوحا حول الاعتقال الاحتياطي في المغرب على مستوى المؤسسة التشريعية أيضا، إذ أوصى برلمانيون من الأغلبية والمعارضة بترشيده أثناء مناقشة تقرير النيابة العامة قبل أسبوعين، محملين الحكومة مسؤولية الإسراع بتعديل القانون الجنائي المعروض للنقاش منذ 2016.
ومن جانبها، دعت رئاسة النيابة العامة في تموز/يوليو إلى “التعجيل” بالمصادقة على تعديلات للقانون الجنائي. إلا أن الائتلاف الحقوقي، حملها مسؤولية “الإفراط” في استعماله.