أطلقت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” و هيئات حقوقية، حملة دولية لحث السلطات المغربية على إطلاق سراح نشطاء حراك الريف وعلى رأسهم ناصر الزفزافي وتعتمد الحملة على إرسال رسائل إلكترونية للحكومة المغربية ، تعتبر أن اعتقال نشطاء الريف وإدانة الزفزافي بـ20 سنة بسبب احتجاجه غير مقبول.
وأشار منظمو الحملة أنهم تلقوا اكثر من 20 ألف رسالة الى حدود اليوم 5 ديسمبر 2022:”تنتقد تعرض الزفزافي ورفاقه للتعذيب من طرف الشرطة، وإدانته بـ20 سنة، ووضعه في حبس انفرادي وتدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وإلغاء إدانته، التي جاءت بسبب احتجاجه، مبرزة ما يعانيه من أمراض تنفسية وغيرها بسبب ظروف سجنه”.
وتتزامن الحملة الدولية مع الاحتفال بميلاد ناصر الزفزافي، والتي تعتبرها المساندين له مناسبة من أجل تجديد المطالبة بإطلاق سراحه إلى جانب كل نشطاء حراك الريف ومعتقلي الرأي والسياسة بالمغرب.
ورغم معانقة المزيد من المعتقلين للحرية من باب العفو الملكي، إلا أن إطلاق سراح من تبقى من معتقلين، وعلى رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي يبقى إلى حد الساعة من المطالب الرئيسة التي يرفعها حقوقيون وجمعية عائلات المعتقلين، وذلك بهدف تحقيق تقدّم في مسار حلحلة الملف.
وطيلة السنوات الأربع الماضية، دخلت جهات متعددة على خط الملف من خلال اقتراح مبادرات لخلق انفراج، عبر التماس سبل نيل معتقلي الحراك حريتهم. وتوزعت المبادرات ما بين مقترح العفو العام الذي يمكن أن يصدره البرلمان في حالة تبنّي مشروع قانون يسمح بذلك، وبين مبادرات احتجاجية وأخرى تطالب المعتقلين بتقديم طلبات للعفو الملكي مرفقة بـ”مراجعات”.
غير أن تلك المطالب أثارت غضب جمعية عائلات المعتقلين، إذ أعلنت رفضها تلك المبادرات، ورأت أن الجهات التي تقودها تعمد إلى الضغط على المعتقلين، وتحاول عزل قائد حراك الريف ووالده. كما طالبت بتغيير أسلوب التعامل، عبر تشكيل قوة مجتمعية تضغط على الدولة من أجل إطلاق سراح المعتقلين.
وتبقى من أبرز المبادرات التي دخلت على خط المصالحة بين الدولة ومعتقلي الحراك، مبادرة محمد النشناش، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، الذي قاد بعد حوالي 10 أشهر من اندلاع الحراك، وساطة باسم “المبادرة المدنية من أجل الريف”.
كما أن هناك المبادرة التي قادها نور الدين عيوش، المعروف بقربه من القصر، إلى جانب كلٍّ من كمال الحبيب وإدريس الموساوي وعلي أعبابو، باسم “الائتلاف من أجل الديمقراطية والحداثة”، حيث تم عقد لقاءات عديدة مع قياديي الحراك في سجن عكاشة بالدار البيضاء.
وفي الوقت الذي كان فيه الفشل هو مصير كل المبادرات المتعاقبة لإحداث الانفراج المنشود وإيجاد تسوية نهائية حتى الآن، شكّل تقديم طلبات الاستفادة من العفو الملكي الطريق الوحيد لمعانقة العديد من المعتقلين للحرية خلال السنوات الماضية.
وجرت العادة في المغرب أن يقوم الملك بإصدار عفو عن معتقلين، قد يصل عددهم إلى المئات، سواء من المتابعين قانونياً وبانتظار قرار المحكمة النهائي، أو المدانين من قبل المحاكم، وذلك خلال مناسبات وطنية ودينية، كـ”ذكرى المسيرة الخضراء” و”عيد العرش” وعيدي الفطر والأضحى.
وشكّل مصرع بائع للسمك يدعى محسن فكري مسحوقاً داخل شاحنة للقمامة كان قد صعد إليها لاسترداد بضاعته المصادرة من طرف السلطات المحلية في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016، الشرارة الأولى لاندلاع حراك الريف، بعدما نظم شباب غاضبون وقفة احتجاجية دفعت محافظ الإقليم ومسؤولاً قضائياً بارزاً إلى النزول للشارع من أجل التفاوض معهم.
ومنذ تلك الليلة، عمت الاحتجاجات مدينة الحسيمة ومناطق مجاورة لها، لتتحول من مطلب محاكمة المتسببين الحقيقيين في مصرع بائع السمك، إلى مطالب أكبر وأشمل، تتضمّن رفع التهميش وما يسمّى العسكرة الأمنية عن الحسيمة، إضافة إلى تنفيذ مشاريع تنموية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل.
وعرفت الاحتجاجات لا سيما في مدينة الحسيمة، زخماً بشرياً لأشهر عدة، حيث شهدت المدينة تظاهرات ومواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، انتهت باعتقال العشرات من الناشطين، أبرزهم ناصر الزفزافي، وذلك قبل أن تخف حدة هذه الاحتجاجات.
وبعد احتجاجات الريف، أقال العاهل المغربي الملك محمد السادس، 3 وزراء وعدداً من المسؤولين، لعدم إحراز تقدّم في خطة التنمية.
وفي يونيو/ حزيران 2018، قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بإدانة الزفزافي و3 آخرين، هم سمير ايغيد، ونبيل أحمجيق، ووسيم البوستاتي، بالسجن لمدة 20 عاماً، وذلك بعد اتهامهم بـ”المساس بالسلامة الداخلية للمملكة”.
كما قضت بحبس نشطاء آخرين لمدة تراوحت بين عام واحد و15 عاما، فيما قضت بالسجن 3 سنوات مع النفاذ في حق رئيس تحرير موقع “بديل أنفو” الصحافي حميد المهداوي، بتهمة “عدم التبليغ عن جريمة تهدد سلامة الدولة”.