من الاستعمار إلى الاستئثار: الأزمي يدق ناقوس خطر يهدد استقرار المغرب في قلب السياسات الحكومية

0
139

في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بالشفافية والمحاسبة، يظل المغرب أمام تحديات كبيرة تهدد استقراره الاقتصادي والاجتماعي. في هذا السياق، تأتي مداخلات الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، لتسليط الضوء على قضايا خطيرة ترتبط بتضارب المصالح واستئثار الفئات المحدودة بالثروات، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية.




حكومة “الاستئثار”… على حساب المواطن:

إنَّ ما وصفه الأزمي بـ”عقيدة اقتصادية متحيزة” هو انعكاس للسياسات الحكومية التي تفضّل مصالح أقلية مستفيدة على حساب الغالبية العظمى من المواطنين.

في هذا السياق، تبرز قضية صفقات تحلية المياه كأحد أبرز الأمثلة على الاستئثار بالموارد. هذه الصفقات، التي تُنفَّذ بطرق غامضة، تسمح لطبقة معينة بالاستفادة منها، ما يعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ويزيد من مستويات التفاوت الاجتماعي والفقر.

لكن تبقى القضية الأكبر في وجهة نظر الأزمي هي التضارب في المصالح الذي يشمل ليس فقط السياسة الاقتصادية ولكن يمتد أيضًا إلى المجال الاجتماعي والسياسي. إنَّ استغلال المناصب الحكومية لتحقيق مكاسب شخصية هو مصدر رئيسي في إعاقة الإصلاحات الضرورية في القطاعات المختلفة.

الفضاء المغربي للمهنيين: من الدفاع إلى المقاومة:

لكن أين هم المهنيون في مواجهة هذا الوضع؟ يرى الأزمي أن الفضاء المغربي للمهنيين، وهو كيان ذو تاريخ نضالي طويل، يحمل على عاتقه اليوم مسؤولية كبرى في تصحيح الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية.

فبعد أن لعبت الهيئات المهنية دورًا محوريًا في مواجهة الاستعمار، يجب أن تواصل اليوم النضال ضد الفساد والاقتصاد الريعي الذي يعطل التنمية الحقيقية.

ومع ذلك، يتساءل الأزمي: كيف يمكن تفعيل دور المهنيين بشكل أكبر؟ هل يمكن للفضاء المغربي للمهنيين أن يصبح أكثر فعالية في مواجهة الممارسات التي تستفيد منها قلة على حساب الغالبية العظمى من المجتمع؟

عبد الله بوانو يفتح النار: الحكومة تستهدف الأسرة المغربية وتعمّق أزمات المواطن

التعديلات على مدونة الأسرة: الإصلاح أم الاستغلال؟

فيما يتعلق بقضية مدونة الأسرة، يثير الأزمي مخاوف كبيرة من أن أي تعديلات قد تجري على هذه المدونة قد تكون مدفوعة بأهداف سياسية شخصية، بعيدًا عن خدمة المصلحة العامة. هذه التعديلات، إن لم تُجرَ بعناية، قد تؤدي إلى تعميق الهوة بين الحكومة والمواطنين، وخاصة في قضايا حساسة تمسّ حياتهم اليومية.

نحو حوكمة عادلة: التغيير يجب أن يبدأ من الداخل

لا تقتصر القضايا التي طرحها الأزمي على الحكومة فقط، بل تمتد لتشمل الأحزاب السياسية نفسها. ففي سياق حديثه عن التضارب بين المواعيد السياسية داخل حزب العدالة والتنمية، يطرح تساؤلاً مفتوحًا حول إمكانية أن يكون هذا الوضع نموذجًا لفرص الإصلاح داخل الحزب ذاته.

يؤكد الأزمي على أن التغيير الفعلي يجب أن يبدأ من الداخل، ويتطلب تنسيقًا جماعيًا بين مختلف الأطراف السياسية والمهنية.

وفي هذا الإطار، لا شك أن دور المهنيين يمكن أن يكون حاسمًا في تحسين الشفافية و مكافحة الفساد.

الختام:

من خلال هذه المداخلات، يظهر أن الأزمي لا يكتفي بالكشف عن المشاكل فحسب، بل يدعو إلى طرح حلول عملية تركز على العدالة الاجتماعية والشفافية في التعامل مع الثروات الوطنية.

فالتحديات التي يواجهها المغرب تتطلب ليس فقط إرادة سياسية قوية، بل أيضًا تضافر الجهود بين كافة الفاعلين السياسيين والمجتمعيين لإحداث التغيير المنشود.