من الشبهات إلى اليقين: عمر كعواشي يستعيد اسمه ويواصل رسالته

0
256

تصفية الحسابات أم سوء فهم؟ التحقيقات تبرّئ رئيس جمعية “عالم المغاربة”

في زمن تتسارع فيه الأخبار كما تتسارع الأحكام المسبقة، يصبح الإنسان نفسه مشروعا للتأويل، مستباحا في سمعته وذاكرته ووجوده الاجتماعي. هكذا وجد عمر كعواشي، رئيس جمعية “عالم المغاربة”، نفسه في قلب موجة من الشبهات والاتهامات التي انتشرت بخفّة، كأنها حقائق نهائية لا تقبل النقاش. غير أن ما لم يفهمه كثيرون هو أن الحقيقة ليست ورقة تتطاير في مهبّ الكلام، بل بناء صبور يحتاج إلى وقت ليظهر، وإلى مؤسسات تتحلى بالنزاهة لتكشفه.

وبعد أسابيع من اللغط والضجيج، كان لزامًا أن يقول الواقع كلمته. التحقيقات الرسمية التي باشرتها الجهات المختصة في المغرب لم تُسجّل أي خرق قانوني أو تجاوز إداري أو تدبير مالي مشبوه. كل ما أثير لم يكن سوى اتهامات بلا سند، استندت إلى الانطباع والظن والاصطفاف لا إلى الحجة والدليل. وهنا تكمن المفارقة: في عالم اليوم، قد يحتاج البريء إلى عناء طويل ليثبت براءته، بينما يكفي للمفترى عليه أن يُطلق كلمة واحدة ليشعل حرائق الشك.

لكن السؤال الأعمق يبقى: من يستفيد من تلويث سمعة شخص يعمل على تقوية صلة المغاربة بوطنهم خارج الحدود؟ وهل كانت القضية مجرد خلاف عابر، أم محاولة لعرقلة أدوار مجتمعية بدأت تكتسب زخماً وتأثيراً؟

إن الجمعية التي يرأسها عمر كعواشي، ومنذ تأسيسها، اشتغلت على ما يتجاوز النشاط التقليدي للجمعيات: بناء جسور الهوية، تعزيز الروابط الثقافية، حماية صورة المغرب في فضاءات الاغتراب، وصناعة فضاء يليق بالمغاربة في فرنسا، حيث تحضر السياسة والذاكرة والهوية والدين والاقتصاد في حوار دائم.

وهو عمل يتطلب الثقة… والثقة هي أثمن ما يمكن أن يستهدفه الخصوم.

عندما أعلن كعواشي، بعد انتهاء التحقيقات، أنه مرتاح لمسار العدالة، لم يكن يصدر موقفاً عابراً، بل كان يشير إلى قيمة جوهرية: إن النزاهة لا تحتاج إلى صراخ، بل إلى صبر.

ولعل في صمته خلال الفترة الماضية ما يشبه درساً في كيفية إدارة الأزمات: لا تنجرّ إلى الرد السريع، ولا تدخل لعبة الاتهام المضاد، اترك المؤسسات تقوم بدورها… ثم تحدث.

اليوم، يعود الرجل ليستأنف عمله داخل الجمعية بنفس الروح التي بدأ بها: الدفاع عن صورة المغاربة في الخارج، تقوية الروابط بين فرنسا والمغرب، وفتح أبواب الانخراط المدني أمام الأجيال الجديدة من أبناء الجالية.

لكن السؤال الذي يُطرح علينا نحن هذه المرة—not عليه—هو: هل نمتلك نحن كجمهور القدرة على مقاومة ثقافة الاتهام السريع؟ هل نمنح أنفسنا الوقت لنفهم قبل أن نحكم؟ أم أننا أصبحنا نفضّل الحكايات المشتعلة بدل الحقائق الصامتة؟

إن قضية عمر كعواشي ليست مجرد حادث عابر، بل مرآة. مرآة لما نحن عليه… ولما يجب أن نكونه.