كبش فداء جديد: حل الإدارة التقنية في جامعة الملاكمة المغربية يسلط الضوء على أزمة المسؤولية
في السنوات الأخيرة، أصبح من المعتاد في المغرب أن يتولى المسؤولون تقديم كبش فداء من الإدارة التقنية بدلاً من الاستقالة أو الإعفاء الفعلي بعد كل إخفاق كبير. هذا النمط من التعامل مع الفشل الإداري أصبح سلوكًا راسخًا في الممارسات الإدارية، ويعكس التردد في مواجهة المسؤولية بشكل جدي.
المسؤولية والمحاسبة: نظام متكرر من تقديم كبش فداء
في خطوة اعتاد عليها المسؤولون في كل دورة أولمبية، عقدت جامعة الملاكمة المغربية اجتماعًا طارئًا بعد عودة البعثة من باريس 2024، حيث تقرر حل الإدارة التقنية. ووفقًا للبلاغ الرسمي، فقد حضر الاجتماع أعضاء المكتب المسير ورؤساء العصب الجهوية، وتناول البحث عن أسباب الفشل، بما في ذلك عدم تأهل المنتخب الوطني للملاكمة في عدة مسابقات إقليمية وعالمية، بالإضافة إلى إخفاقات أخرى في أولمبياد باريس.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاجتماع يُعتبر محاولة “للاحتواء السريع” للوضع، بيد أن الحل المتخذ كان هو نفسه الذي يُعتمد عليه دائمًا: تقديم كبش فداء من الإدارة التقنية، وهي خطوة تتكرر بعد كل إخفاق دون النظر في الأسباب الجذرية للمشكلات.
“خديجة المرضي تعتذر عن إخفاقاتها الأولمبية: محاولة واعتذار أم دليل على الفشل المستمر؟”
الإخفاقات المتكررة: عدم تقديم استقالات فعلية
في سياق مشابه، يلاحظ كثير من الكتاب والصحفيين والنشطاء في المغرب أن المسؤولين لا يتجرأون على تقديم استقالاتهم في حالات الفشل أو الأزمات الكبرى التي تواجه مؤسساتهم. وقد يُعزى ذلك إلى غياب “أدب الاستقالة” في الثقافة السياسية المغربية، حيث يتمسك المسؤولون بمناصبهم رغم الفشل الواضح والفساد الذي قد يحدث تحت إدارتهم.
إلى جانب ذلك، تُطرح تساؤلات حول مدى جدوى الحلول التي تُعتمد، مثل تغيير الإدارة التقنية، دون تقديم خطوات ملموسة للإصلاح والتطوير. ويتساءل البعض: لماذا لا يتم تطبيق مسؤولية حقيقية على أولئك الذين يقودون المؤسسات الرياضية أو الوزارات في المغرب؟ ولماذا تظل هذه الممارسات دون تغيير، رغم التكرار المستمر للإخفاقات؟
“قرار شكيب بنموسى بتأهيل جامعة الملاكمة: تجاهل للمطالب الملكية أم خطوة نحو الإصلاح؟ هل يعكس الفشل أم ينطوي على فرصة جديدة؟”
العودة إلى الممارسات القديمة: خيبة أولمبياد طوكيو تتكرر
“كما كان الحال بعد أولمبياد طوكيو، حيث تكرر السيناريو ذاته من البحث عن كبش فداء لتغطية الفشل، يظهر اليوم مجددًا في فشل الملاكمة المغربية في باريس، حيث يبدو أن الحلول المقدمة تقتصر على تقديم الإدارة التقنية ككبش فداء بدلًا من مواجهة الأسباب الجذرية لمشاكلنا الرياضية.”
في ختام كل دورة أولمبية، نجد أنفسنا أمام نفس السيناريو الذي يتكرر بشكل مقلق، حيث يتم البحث عن كبش فداء لتحمل تبعات الإخفاقات الرياضية. بعد خيبة أولمبياد طوكيو، التي كانت أسوأ مشاركة للملاكمة المغربية في تاريخ الأولمبياد، برزت ممارسات مماثلة مرة أخرى. كان واضحًا أن رئيس الجامعة يهدف إلى إيجاد كبش فداء للتغطية على الفشل بدلاً من مواجهة المسؤولية الحقيقية. تعرّض المدرب للانتقادات، وخرج الملاكمون للإدلاء بتصريحات تكشف عن مشكلات أعمق في إدارة الجامعة.
ما يزيد الطين بلة، هو أن رئيس الجامعة، جواد بلحاج، الذي أمضى 20 عامًا في منصبه، يختزل الجامعة في شخصه فقط، ويُركز على استعراض اهتمامه بدلاً من معالجة القضايا الجوهرية. فبدلاً من الحديث عن تحسينات مؤسسية، يتحدث عن مبادرات مثل إنشاء قناة تلفزيونية دون تقديم تفاصيل واضحة حول كيفية تحقيقها.
هذه الممارسات، والتي تعكس أسلوب الإدارة في الأنظمة الشمولية، تُعزز من الفكرة بأن المسؤولين المغاربة يميلون إلى البحث عن كبش فداء بدلاً من التحلي بالشجاعة لتحمل المسؤولية الحقيقية. وعلى الرغم من مرور الوقت وتكرار الإخفاقات، فإن الحاجة لإصلاحات جذرية ومحاسبة حقيقية تبقى ضرورية لتجنب المزيد من الفشل في المستقبل.
أزمة القيادة والرؤية الاستراتيجية
الأمر لا يقتصر على الإخفاقات الرياضية فقط، بل يمتد إلى جميع القطاعات التي تعاني من قلة الكفاءة وعدم تقديم استقالات فعلية. وهذا يشير إلى مشكلة أعمق تتعلق بالثقافة الإدارية في المغرب، حيث يصبح المسؤولون غير مستعدين لتحمل المسؤولية الشخصية وتقديم استقالاتهم، وهو ما يعزز فكرة “أن المسؤول المغربي لا يعرف أدب الاستقالة”.
في النهاية، يتطلب الوضع في المغرب إعادة نظر في أساليب الإدارة والمحاسبة، واتخاذ خطوات جادة لإصلاح النظام وضمان تقديم مسؤولية حقيقية تتجاوز مجرد تقديم كبش فداء من الإدارة التقنية.
“الفساد في الرياضة المغربية: دعوات لمحاكمة مسؤولي الجامعات الرياضية بعد إخفاقات أولمبياد باريس 2024 وضرورة التدقيق في الأموال المخصصة من المقامرة”