من داخل واقع النساء الطامحات: “التكوين من أجل التقدم” يرسم خريطة أمل جديدة في الرباط

0
201

في أحد الأحياء النشيطة بالعاصمة الرباط، وبين قصص نساء حملن أفكارًا ولم يجدن من يأخذ بأيديهن، يُنتظر أن تشكّل فعالية “التكوين من أجل التقدم”، المزمع تنظيمها يوم الأحد 29 يونيو، لحظة فارقة في حياة كثيرات منهن. الحدث، الذي تنظمه مؤسسة “الرياديون من أجل التغيير”، لا يعد فقط برنامجًا تدريبيًا آخر، بل فرصة حقيقية لإعادة رسم الحدود بين الواقع والحلم، بين التردد والانطلاق.

بعيدًا عن الخطابات الرسمية والشعارات الفضفاضة، تسعى هذه المبادرة إلى الاقتراب من النساء حيث هنّ فعلاً: في البيوت، وفي الأحياء الشعبية، وفي أماكن العمل غير المستقر. شعار الحدث “التعلّم، المبادرة، الجرأة” ليس ترفًا لغويًا، بل دعوة واقعية للخروج من دوائر التردد، وتملك الأدوات العملية لبناء مشروع مهني مستقل.

نساء يتعلّمن ليُغيّرن مصيرهن

في حديثنا مع سميرة، شابة في الثلاثين من عمرها من حي التقدم، تقول:

“عندي فكرة لمشروع صغير ولكن ما عنديش دراية كيف نبدأ، كيف نسجّل، كيف ندير الميزانية… بحال هاد الورشات هي اللي كنحتاجو باش نحركو من بلاصتنا.”

مثل سميرة، هناك عشرات النساء اللواتي يترقبن هذه الفعالية في غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، ليس فقط للتكوين النظري، بل للاحتكاك المباشر مع خبيرات وناجيات من تجارب التأسيس من الصفر، وللسماع من أخريات يشبهنهن، ممن بدأن من لا شيء ووصلن إلى مشاريع قادرة على الصمود.

الرهان على التمكين الحقيقي لا الصوري

فعالية “التكوين من أجل التقدم” لا تقف عند حدود التدريب، بل تقدم رؤية متكاملة للتمكين تشمل:

  • فهم بيئة الأعمال المحلية ومداخلها،

  • تعزيز الثقة بالنفس في بيئة ما زالت تضعف صوت النساء،

  • وتحويل المهارات اليومية (كالخياطة أو الطهي أو التصميم أو التنظيم) إلى مشاريع تجارية قابلة للنمو.

وبحسب القائمين على الحدث، فإن الورشات ستركز على الجانب العملي، عبر محاكاة مشاريع حقيقية، وتقديم شهادات نساء كافحن ضد الهشاشة وتمكّن من تأسيس نماذج ناجحة.

حين تلتقي الريادة بالمجتمع المحلي

من المهم الإشارة إلى أن الشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات الجهوية ليست تفصيلاً إدارياً، بل تعبير عن رغبة في ربط التكوين بالمؤسسات المعنية فعليًا بدعم المشاريع الصغرى، خصوصًا في جهة تشهد تناميًا سكانيًا واقتصاديًا سريعًا كجهة الرباط-سلا-القنيطرة.

هذا الربط بين الفعل الميداني والدعم المؤسساتي يفتح المجال أمام المشاركات للاطلاع على المسارات الإدارية والمالية الممكنة، ما يجعل الريادة مسارًا واقعيًا لا مجرد حلم معلّق.

أصوات ميدانية: التكوين ليس ترفًا، بل حق

في مقابلة أخرى، تحدثت أمينة، أرملة وأم لطفلين، عن رغبتها في الاستفادة من هذا النوع من الفعاليات:

“هاد الشي هو اللي كنتسناه من زمان. باغية نوقف على رجليا ولكن خاصني نعرف كيفاش. ملّيت من الانتظار.”

مثل هذه التصريحات تكشف أن الحاجة للتكوين وريادة الأعمال ليست مرتبطة فقط بالتنمية الاقتصادية، بل بالكرامة والاستقلال الشخصي والمعيشي، خاصة لفئات النساء في وضعية هشاشة أو مسؤولية أسرية منفردة.

نحو اقتصاد أكثر إنصافًا للنساء

الفعالية، وإن كانت يومًا واحدًا، إلا أنها تُحمّل بآمال كبيرة في أن تكون بداية لمسار جديد من التكوين المستمر، وربما لإطلاق شبكة دعم مجتمعية ونسائية قادرة على خلق زخم في المدن والقرى. فما تحتاجه النساء اليوم، وفق مشاركات كثيرات، ليس مجرد الوعود، بل منصات فعلية للتمكين، تراعي سياقاتهن الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

الدعوة مفتوحة… والتغيير ممكن

الأحد 29 يونيو، عند الساعة الثالثة بعد الزوال، لن تكون غرفة التجارة فقط فضاءً للندوات، بل ورشةً حقيقية لأمل جديد. الدعوة موجّهة لكل من تؤمن أن لها مكانًا في سوق العمل، لكنها فقط تحتاج إلى مفتاح الباب الأول.

هل يُترجم هذا الحدث إلى نماذج نسائية جديدة تقود مشاريعها بثقة؟ أم يبقى مجرد مبادرة معزولة؟ الجواب، كما تقول سميرة، “كاين فالعزيمة… وهادي أول خطوة.”