من سرقة الدجاج إلى السياسة: كيف وصل “ثعلب” إلى تسيير شؤون المواطنين وهل النظام الانتخابي المغربي يُفرز ثعالب؟

0
290

“من المسؤول عن تعيين مستشارين يتورطون في قضايا فساد؟ هل هي قوانيننا أم نحن كمواطنين؟”

عندما نرى مشهدًا سياسيًا يصبح فيه الحديث عن سرقة الدجاج مادة دسمة للبرامج التلفزيونية، فإننا ندخل في عالم من الكوميديا السوداء التي تتجاوز الحدود المعتادة للسخرية.

ما حدث مع رشيد رحموني رئيس الفريقي النيابي للتقدم والاشتراكية (معارضة) في برنامج “مباشرة معكم” عندما قام بمقارنة المسؤول المتهم بسرقة الدجاج مع الثعلب، ليس مجرد نكتة عابرة، بل هو انعكاس لمسرحية سياسية تتكرر فصولها في المغرب. فهل وصلنا إلى مرحلة نختار فيها من يسرقون دجاجنا لإدارة شؤوننا؟

تخيل معي المشهد: مسؤول جماعي يتسابق في الانتخابات، لا بشعارات مكافحة الفساد أو بتحقيق التنمية، بل بشعار “خبير في سرقة الدجاج”.

فهل يحق لنا أن نتساءل: أين ذهبت قيم النزاهة والكفاءة؟ كيف نصل إلى هذه اللحظة التي تتحول فيها الانتخابات إلى بازار مليء بالتناقضات؟

رشيد رحموني، بنبرة مليئة بالسخرية والتهكم، لخص المأساة في جملة بسيطة: “كيف يمكن أن نصوت على شخص كهذا ليأخذ منصبًا في تسيير شؤون المواطنين؟” وهنا تكمن السخرية المؤلمة: أن الشعب، الذي يعاني من نقص في الثقة بالنظام السياسي، يجد نفسه بين خيارين: إما المشاركة في اللعبة الهزلية أو الامتناع وترك المجال لمزيد من الثعالب.

وعندما تصبح الانتخابات مسرحية كوميدية، فلا عجب أن يُصبح الدجاج محور النقاش، بينما تظل القضايا الحقيقية مثل البطالة، الصحة، والتعليم في الهامش.

الشعب يتابع هذا العرض الهزلي على شاشات التلفاز الحكومي الرسمي، ويضحك، لكنه في أعماقه يعرف أن هذه السخرية تحمل حقيقة مرة: نحن نعيش في واقع يُشبه فيه المسؤولون بالثعالب التي تتسلل إلى حظائرنا، ليس لسرقة الدجاج فقط، بل لسرقة أحلامنا أيضًا.

فهل نحن من نضع أنفسنا في هذا الموقف؟ أم أن النظام الانتخابي لدينا هو من يُفرز مثل هؤلاء الشخصيات؟ ربما يكون الجواب في منتصف الطريق: فنحن نصوت، والنظام يسمح لهم بالوصول.

في ظل هذا السياق، كيف يمكننا الوثوق في نظام يتيح لشخص يُشبَّه بالتعلب، معروف بسرقة الدجاج، أن يصل إلى منصب يُفترض أن يكون مخصصاً لتسيير شؤون العامة؟ إذا كانت هذه هي حال المستويات المحلية، فماذا عن المستويات العليا؟ هل كل مسؤول في المغرب بمنأى عن المساءلة؟ أم أن المشكل أعمق مما نتصور؟

هذه الحادثة ليست مجرد حالة فردية بل تسلط الضوء على خلل أعمق في النظام الانتخابي الذي يمكن أن يؤدي إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين في مواقع المسؤولية. فإذا كانت الانتخابات تُنتج مثل هذه الشخصيات، فإن هذا يطرح ضرورة ملحة لمراجعة قوانين وشروط الانتخابات في المغرب لضمان اختيار أفراد يتمتعون بالكفاءة والنزاهة لخدمة المجتمع.

علاوة على ذلك، يمكن ربط هذه القضية بموجات الهجرة الجماعية للشباب المغاربة، التي قد تكون ناتجة عن الإحباط المتزايد من النظام السياسي والاقتصادي، حيث لا يرون فرصاً حقيقية للتقدم في بلدهم. هذا الإحباط قد يدفعهم للبحث عن فرص في أماكن أخرى، مما يزيد من أزمة الهجرة.

في الختام، تُبرز هذه الحادثة الحاجة الملحة لإصلاحات سياسية وانتخابية جدية، وتعزز من أهمية المحاسبة والشفافية في المناصب العامة لضمان أن تكون المؤسسات المغربية قادرة على تسيير البلاد بطريقة تعكس تطلعات المواطنين.