بينما يشهد المغرب حراكًا شبابيًا رقميًا متسارعًا تحت قيادة جيل Z، برزت قراءة الكاتبة المغربية هاجر أوموسى التي دافعت فيها عن فكرة أن المجتمع لا يمكن أن يظل حيًّا ومبدعًا بالاقتصاد وحده، وأن الثقافة والفن والرياضة ليست “ترفًا” بل جزء من الأساس الذي يغذي الأمل والهوية الوطنية.
لكن، التساؤل الأساسي اليوم: هل يمكن للدفاع عن المهرجانات والفنون أن يكتمل في وقت يشعر فيه الشباب أن صوتهم لا يُسمع وأن مطالبهم العاجلة تُهمش؟
التنمية أكثر من أرقام وإحصاءات
تركز أوموسى على أن التنمية لم تعد مسألة اقتصادية أو اجتماعية فقط، بل هي مشروع شامل يتجاوز الصحة والتعليم والتشغيل ليشمل الحيوية الثقافية والرياضية والفنية. غير أن الواقع المغربي الراهن يضعنا أمام تحدي آخر: كيف يمكن للمجتمع أن يزدهر ثقافيًا إذا كان نصف شبابه يصرخ في الشارع مطالبًا بالعدالة والفرص المتساوية؟ هنا يلتقي الطرح النظري للكاتبة مع الحاجة العملية للإنصات للشباب ومطالبهم المشروعة.
المهرجانات بين الترف والضرورة
تشير أوموسى إلى أن المهرجانات والفعاليات الرياضية والفنية كانت دائمًا أدوات لتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء الهوية الوطنية، حتى في أوقات الأزمات.
لكن قراءة الواقع تكشف أن الخطر ليس في “المهرجانات” نفسها، بل في منحها الأولوية على حساب الحقوق الاجتماعية الأساسية، أو حين تصبح امتيازًا محدودًا لا يشمل الجميع. هنا، يتحول الدفاع عن الثقافة إلى اختبار حقيقي لمصداقية الدولة في تحقيق العدالة والشمولية.
جيل Z وأزمة الفعل السياسي
يبرز المقال دور أزمة الوساطة الحزبية في المغرب وتأثيرها على الشباب. فقد فقد جزء كبير منهم الثقة في الأحزاب التقليدية التي لم تعد تواكب تطلعاتهم. النتيجة: خروج الشباب إلى الشارع، ليس رفضًا للفن أو للثقافة، بل بحثًا عن مساحات للتعبير والمشاركة في صناعة القرار.
وهنا تتقاطع فكرة أوموسى مع الواقع: التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا بمشاركة الشباب في صنع السياسات، ليس فقط في تمجيد الإنجازات أو الاحتفاء بالأنشطة الثقافية.
التوازن بين الحقوق والفرح
الرسالة الجوهرية في المقال هي أن الحياة الاجتماعية والثقافية لا يجب أن تُقابل بالاقتصاد فقط، لكنها أيضًا لا يمكن أن تُعزل عن العدالة والكرامة الاجتماعية.
المطلوب ليس إلغاء المهرجانات أو الفعاليات، بل توسيعها لتشمل كل فئات المجتمع، بحيث تصبح الفرح والإبداع أدوات دمقرطة لا مجرد شعار جميل أو وسيلة لإخفاء التوتر الاجتماعي.
خاتمة: نحو مجتمع حي ومبدع
تذكّرنا هاجر أوموسى بأن الثقافة والفن والرياضة هي شريان حياة المجتمع، لكن المغرب اليوم يواجه اختبارًا مزدوجًا: الاستمرار في البناء الاقتصادي والاجتماعي، وفي الوقت نفسه الاستماع إلى جيل Z ومنحه المساحات للتعبير والمشاركة.
فالفرح وحده لا يكفي إذا لم يقترن بالإنصات، والشباب لا يريد مجرد ملاعب أو مهرجانات، بل دولة تستجيب لصوته، وتعيد إليه الثقة في مؤسساتها.
المجتمع الحي، المبدع، والقادر على الحلم، هو مجتمع يستوعب هذه التحديات معًا، ولا يختزل التنمية في مؤشرات، بل يجعل الإنسان بكل أبعاده محور المشروع الوطني.