سبب تفوق صادرات المنتوجات الفلاحية المغربية إلى الاتحاد الأوروبي قلقا كبيرا لإسبانيا، ما دفع مزارعين اعترضوا شاحنات مغاربية وتفريغ محتوياتها في المدن الاسبانية ، حيث باتت الأوساط الاقتصادية تتخوف من منافسة الرباط في ظل ارتفاع عوائد صادرات المنتوجات الفلاحية المغربية خلال السنوات الأربع الأخيرة بصفة لافتة.
فبعد أن تداولت وسائل إعلام ونشطاء على الشبكات الاجتماعية فيديوهات جديدة توثق لما اعتبروه اعتداءات على شاحنات مغربية في أوروبا، خرجت هئيات فلاحية للتنديد بما تعتبره “هجمات” تستهدف الصادرات الفلاحية المغربية في الطرقات الأوروبية وفي الإعلام.
وتداول نشطاء صورا ومقاطع فيديو تظهر اعتراض مزارعين سبيل شاحنات مغاربية وتفريغ محتوياتها في بعض المدن الإسبانية على غرار منطقة خيريس، في وقت تشهد دول أوروبية مظاهرات لفلاحين يطالبون بالحماية من الواردات الزراعية المنافسة، بما في ذلك البضائع القادمة من المملكة.
وعرفت دول أوروبية عدة احتجاجات من المزارعين الغاضبين الذين استعملوا الجرارات لقطع الطرق الحيوية في فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.
وأصدرت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (Comader)، بياناً يرفض ما وصفه بـ”هجمات أوروبية” على المنتجات الفلاحية المغربية، وفق ما أورده موقع التلفزيون المغربي الرسمي (SNRT).
وأعربت الهيئة المهنية للفلاحين عن قلقها “الشديد” إثر “الهجمات المتكررة التي لا أساس لها والتي تتعرض لها المنتجات المغربية، فضلا عن المغالطات الإعلامية التي تمس الفلاحين المغاربة باعتبارهم الضحايا المباشرين لهذه الهجمات”.
وأشار البيان إلى استعداد الكونفدرالية للعمل مع “شركائها الأوروبيين” من أجل “الحفاظ على العلاقات التجارية لفائدة الطرفين، في إطار الاحترام المتبادل لتدفق المنتجات الفلاحية”، لكنها في الوقت نفسه أكدت أنه “لا يمكنها السماح بأي تصرف غير مقبول”.
ويحتج المزراعون الأوروبيون ضد ما يصفونه بفرض معايير بيئية تؤثر سلباً على المردودية الفلاحية للمزارع المحلي، بينما يتم استيراد منتجات لا تتطابق مع نفس المعايير، خاصة تلك القادمة من بلدان الجنوب مثل المغرب.
ويحتج المزارعون في إسبانيا على “المنافسة غير العادلة” مع المنتجات المستوردة من دول “لا تحترم المعايير الأوروبية” على حد تعبير بيان صدر عن اتحاد مزارعين في إسبانيا.
كما يندد المزارعون الإسبان على غرار مزارعين أوروبيين في دول مجاورة بالسياسة الزراعية الأوروبية المعقدة جدا والمعايير المقيدة أكثر مما ينبغي والأسعار المنخفضة جدا على المنتجات.
وردّ رئيس الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، رشيد بنعلي، في تصريحات صحفية، قائلا إن “المهنيين المغاربة يرفضون تشويه سمعتهم من خلال الحديث عن استعمال المبيدات”، كما يرفضون أيضا “تخريب” المنتجات و”عرقلة” التصدير.
ولفت إلى أن هيئات المراقبة الأوروبية، مثل منظومة السلامة الأوروبية (RASFF) تؤكد أن المغرب “يحترم المعايير الأوروبية بالنسبة لجميع المنتجات بشكل عام”، وأن السلع المُصدرة “تستجيب بشكل دقيق وصارم، ودون استثناء، للمعايير القانونية المطلوبة بالأسواق المستوردة، المتمثلة أساسا في معايير التسويق والمعايير الصحية ومعايير الصحة-النباتية”.
وتواجه الصادرات الزراعية المغربية إلى أوروبا تحديات جديدة مع اكتساب “حراك الجرارات” زخما سياسياً، خاصة مع إمكانية لجوء السلطات إلى قرار رفع الرسوم الجمركية.
وتعتمد المملكة على الفلاحة التصديرية لاقتحام الأسواق الأوروبية، وتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، كما تعد من أهم مصادر العملة الصعبة التي تحتاجها المملكة لحصر المد التضخمي.
وعلى الشبكات الاجتماعية، انضمت صفحات مهنية ونشطاء إلى الحملات المطالبة بوقف ما تعتبره “اعتداءات” على المنتجات المغربية.
وكتبت مدونة تدعى كريمة أمزال أن “عشرات الشاحنات المغربية المحملة بالخضر والفواكه تتعرض للإتلاف”، مشيرة إلى أن “أزيد من 25 شاحنة مغربية عرفت الأربعاء صعوبة في المرور في إحدى الطرق السيارة بالخزيرات (إسبانيا، فيما تعرضت أربع منها في منطقة خيريس (شريش) لعملية تخريب”.
مدونون آخرون وصفحات اجتماعية نشرت فيديوهات قائلة إنها توثق لتعرّض شاحنة “تقل كمية كبيرة من طماطم الكرز المغربية للتخريب” في إسبانيا، وأن الشحنة كانت قادمة من مدينة أكادير (جنوب).
وانتقد الناشط، محمد أوموسي، ما وصفها بـ”الحملة” التي “تتعرض لها الطماطم المغربية في إعلام فرنسا وبلجيكا وألمانيا وغيرها من مزارعين غاضبين ولوبيات إعلامية يريدون جميعا شيطنة الطماطم المغربية واعتبارها سببا من أسباب مشاكلهم وكساد منتوجاتهم”.
وتابع: “المشكلة أن المستهلك في هذه الدول يرفض شراء الطماطم المحلية التي ينتجها مزارعو بلده ويزيد إقباله على طماطم المغرب لأنها الأرخص مقارنة بطماطم إسبانيا وفرنسا، والأحسن جودة رغم كل الروايات الكاذبة التي يتم الترويج لها”.
في نفس السياقة ، مقابل تطور صادرات القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية، إذ تجاوزت قيمتها في نهاية شهر يناير من العام الماضي 50 مليار درهم كرقم معاملات. وتفيد معطيات الاتحاد الأوروبي بأن قيمة مجموع الصادرات المغربية من الخضر والفواكه صوب أوروبا بلغت أكثر من 1.8 مليار يورو إلى حدود شهر شتنبر من العام الماضي. وتتصدر الطماطم قائمة المنتجات الفلاحية الموجهة للخارج.
و بالتركيز في أول الأمر على هذا المنتج، وكميات الماء التي يتطلبها إنتاجه. البداية كانت من منطقة اشتوكة أيت باها نواحي أكادير، هناك حيث التقينا ياسين بلحرش، الفلاح الذي أكد أن المنطقة هي المزود الرئيسي للأسواق الوطنية في ما يخص الطماطم، خاصة في أوقات خارج موسم الصيف، وأشار إلى أن زراعة هكتار واحد من الطماطم تحتاج ما بين 20 إلى 25 لترا مكعبا من الماء، أي إنه في المتوسط لإنتاج كيلوغرام واحد من الطماطم يتم استهلاك من 25 حتى 30 لترا من الماء.
يواجه المغرب جفافا قاسيا يهدد الموسم الفلاحي للموسم السادس على التوالي رغم الآمال في سقوط أمطار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ويبدو أن معضلة هذا العجز البيئي في تساقط الأمطار معضلة تتطلب مراجعة السياسة الفلاحية برمتها.