نائب برلماني يحذّر من “عودة نفس الأساليب والأدوات القديمة للتحكم في الانتخابات ضد الإرادة الشعبية الحرة بطرق غير ديموقراطية !؟”

0
318

بات حزب “العدالة والتنمية” الخاسر الأكبر في الاستحقاقات المنتظرة سبتمر المقبل قبل إجرائها هذا العام. ستعرف استحقاقات هذه السنة العمل بما يسمى بـ”القاسم الانتخابي”، وهي الوسيلة التي توصل إليها أصحاب الشأن في البلاد، لفرملة حزب “العدالة والتنمية” الذي يوجد على رأس الحكومة منذ 2012.

الرباط –انتقد النائب البرلماني مصطفى إبراهيمي رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ما أسماه بـ “العودة لنفس الأساليب والأدوات القديمة للتحكم الانتخابات ضدا على الإرادة الشعبية الحرة، باعتماد آليات غير ديموقراطية”.

وقال إبراهيمي،خلال جلسة برلمانية لمناقشة حصيلة عمل الحكومة، الاثنين، إنه “بالرغم من أن المنحى العام لمسار الدمقرطة ببلادنا يبقى إيجابيا فالتراجع عنه يبقى استثنائيا، حيث تطلع علينا تراجعات نكوصية بين الفينة والأخرى وتشوش على منسوب الثقة، كتغيير حزب بحزب آخر يُوفر له كل الدعم ليتبوأ الانتخابات المقبلة والتحكم في الخريطة الانتخابية ضدا على الإرادة الشعبية الحرة”.

ومن بين هذه التراجعات النكوصية، يضيف ابراهيمي، الجمع بين المال والسلطة والمصالح والاصطفاف وراء قاسم انتخابي غير ديمقراطي لا مثيل له في العالم يعتمد المسجلين من الموتى والمهاجرين والغائبين والمقاطعين بدل المصوتين، يعلم القاسي والداني بأنه موجه ضد العدالة والتنمية للحد من شعبيته.

كما أشار إلى التراجع عن التصويت باللائحة الى الفردي مما سيؤدي الى بلقنة المؤسسات المنتخبة، حيث بدل 5 أو 6 أحزاب توزع بين أغلبية ومعارضة سنكون أمام 16 حزبا الى 20 حزبا أغلبها دون سند شعبي، مما سيؤدي الى الابتزاز في تشكيل الرئاسات والأجهزة المسيرة وعدم الاستقرار والمحصلة ضياع مصالح المواطنين وتدخل الإدارة الترابية لتسيير الجماعات بدل المنتخبين.

وشدد على أنه أمام هذه التراجعات، “ستتحول العملية الانتخابية الى توزيع للمقاعد بين الأحزاب المشاركة بالتساوي بدون منافسة ما سيؤدي الى بلقنة المشهد السياسي، كما يضرب بالأساس مبادئ العملية الانتخابية وهي التنافس الحر والنزيه ويضر بنسب المشاركة التي ستكون بدون جدوى ويقضي على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

ويأتي الجدل حول القاسم الانتخابي الذي صوّت 162 نائباً ينتمون إلى 7 أحزاب من الأغلبية والمعارضة على تعديله، في حين عارضه 104 نوّاب ينتمون جميعهم إلى فريق العدالة والتنمية، على بعد أشهر من انتخابات برلمانية يُتوقّع إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهي ثالث انتخابات تشهدها البلاد بعد حراك 20 فبراير/شباط وتعديل الدستور. ليكون السؤال المطروح الآن: ما موقع هذا التعديل بالنسبة إلى الديمقراطية في البلاد؟ وكيف سيكون المشهد السياسي بعد حسمه نهائياً؟

ويرى المهاجري لجنة الداخلية بمجلس النواب، أن القاسم الانتخابي الأول “غير ديمقراطي أكثر من القاسم الجديد، لأنه متغيّر ومتأثر بالعتبة والأصوات الملغاة”، مشيراً إلى أنه مع هذا التعديل “ستصبح اللعبة واضحة منذ البداية، وكل الأحزاب ستدخل المنافسة على أساس قاسم انتخابي معلوم من دون إقصاء أي طرف”. 

وتنص المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب بعد التعديل، على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة “قاسم انتخابي” يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.

في حين أن القانون الأول ينص على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة “قاسم انتخابي” يُستخرج عن طريق قسمة عدد الأصوات الصحيحة فقط بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، ثم توزيعها بأكبر البقايا، مع استبعاد اللوائح التي حصلت على أقل من 3% من الأصوات، وهيَ العتبة التي جرى إلغاؤها ضمن التعديل الأخير.

ويمثل القاسم الانتخابي الجديد، حسب المهاجري رئيس لجنة الداخلية بمجلس النواب التي أعدت مشروع القانون المذكور، “قمة الديمقراطية لأنه واضح أمام جميع المتنافسين منذ البداية”، عكس القاسم الحالي “الذي يتحكم فيه فشل أحزاب صغيرة لم تصل إلى العتبة، ما سيؤدي إلى تقليصه بعد إلغاء الأصوات المرتبطة بها، وبالتالي يؤثر سلباً على متنافس تجاوز العتبة”.

ويشدد المتحدث على أن تحديد قاسم انتخابي ثابت يفتح المجال أمام جميع الأحزاب للتنافس حول المقعد الأول، “ولن يُغيّر المشهد السياسي في المغرب لأن المتحكم في هذا الأخير هو الممارسة وصناديق الاقتراع لا الحسابات الانتخابية”.

وستعرف استحقاقات هذه السنة العمل بما يسمى بـ”القاسم الانتخابي”، وهي الوسيلة التي توصل إليها أصحاب الشأن في البلاد، لفرملة حزب “العدالة والتنمية” الذي يوجد على رأس الحكومة منذ 2012. وقد اعتبر اللجوء إلى القاسم الانتخابي “تلاعباً انتخابياً بشكل قانوني”. ومجرد عبث ومهزلة وتحايل على الديمقراطية، “يخفي هاجسا سياسيا ثقيلا لدى السلطة والأحزاب حول حصول عزوف كبير للناخبين عن المشاركة”.

ويرى محللون سياسيون أن المغرب يشهد اليوم مرحلة احتضار للأحزاب وموت العمل الحزبي، بعد استمرار الإدارة في توغلها في الشؤون الداخلية للأحزاب منذ الاستقلال، باختراقها وإفساد الحياة السياسية.

لم تعد للمعارضة القدرة على جعل الانتخابات لحظة قوية وبُؤرة للتدافع والصراع السياسي، لأنه لم تعد هناك معارضة حقيقية. وصار التعايش والتطبيع مع الفساد الانتخابي أمرا عاديا. لذلك لم يعد سرا أن يصبح المواطنون يربطون بين الانتخابات وفسادها.

لا يتم فقط استعمال المال الحرام بكثافة في الانتخابات، بل الأخطر هو استغلال الخطاب الديني وتضليل الناس البسطاء. ولا يتردد الإسلاميون في الزعم أن حزبهم هو هبة إلهية لإنقاذ المجتمع من الأضاليل واتقاء غضب الله.

ورغم أن تقارير أممية عدة وضعت الأصبع على الجرح وأشارت بوضوح إلى مخاطر التدهور والفساد بالبلاد، الأمر الذي أكدته تقارير ودراسات ميدانية وطنية، منها “تقرير الخمسينية” المنجز بمناسبة 50 سنة على الاستقلال، إلى أن المداد ظل سائلا قابلا للمحو والبهات.