نداء من قلب المصفاة: الحسين اليماني يفتح جبهة الدفاع عن سامير في وجه صمت الدولة

0
145

من التصفية إلى اليقظة الوطنية: الحسين اليماني يفتح جبهة سامير في قلب معركة السيادة الطاقية

في مشهد يعكس أزمة صناعية وقانونية معقدة، تعود قضية شركة سامير، المصفاة الوحيدة لتكرير البترول بالمغرب، إلى واجهة النقاش الوطني، بدفعة جديدة من التعبئة النقابية قادها هذه المرة الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة. تحذيراته المتكررة لم تعد مجرد صرخة نقابية، بل تُشكل اليوم نداء استراتيجياً في لحظة يواجه فيها المغرب تحديات متداخلة في ملف الأمن الطاقي والسيادة الاقتصادية.

من التصفية إلى التحدي: خلفيات القرار وغياب البدائل

قرار المحكمة التجارية بالدار البيضاء سنة 2016 بإيقاف أنشطة سامير وبدء التصفية القضائية مثّل صدمة للسيادة الصناعية الوطنية. هل كان القرار إجراءً اضطرارياً لمواجهة إفلاس تقني، أم نتيجة توجّه استراتيجي لإضعاف الصناعة الثقيلة لصالح لوبيات الاستيراد؟

في بيانه الأخير، يذكر الحسين اليماني أن الحكومة “تخلت عن مسؤولياتها” في حماية منشأة وطنية كانت تؤمن أكثر من 60% من الحاجيات الوطنية من المشتقات النفطية، ما يجعلنا أمام سؤال محوري: هل الدولة المغربية قادرة – أو راغبة – في حماية مؤسساتها الاستراتيجية أمام عولمة اقتصادية تتغذى على الخصخصة والتفكيك؟

البعد الجيوستراتيجي: هل يغامر المغرب بأمنه الطاقي؟

إغلاق سامير لم يُضعف فقط الطاقة الإنتاجية الوطنية، بل جعل المغرب مرتهناً للأسواق الدولية المتقلبة، مع ارتفاع كلفة الاستيراد وسط أزمات طاقية عالمية تتأثر بالحروب، والتغير المناخي، وتقلب أسعار النفط.

وهنا تبرز دعوة الحسين اليماني لتأميم المصفاة أو إعادة تشغيلها كشركة مختلطة بين القطاعين العام والخاص، كخيار واقعي لاستعادة جزء من السيادة الاقتصادية. هذا الخيار يبدو أكثر إلحاحًا في ظل توجّه المملكة نحو تنويع شراكاتها الخليجية والدولية، فهل تُوظَّف الدبلوماسية الاقتصادية لإعادة تشغيل سامير بشراكات عربية، كما تقترح النقابة؟

البعد الاجتماعي: سامير ليست مصنعاً فقط

يذكّرنا اليماني بأن سامير ليست مجرد وحدة صناعية، بل “ذاكرة اجتماعية” تحتضن 1200 عامل ومتقاعد يعيشون اليوم في هامش التهميش وانعدام الأفق. غياب الأجور، تأخر التقاعد، وتآكل الكرامة المهنية حولت الملف إلى قنبلة اجتماعية موقوتة.

وقفة 26 ماي الاحتجاجية التي دعت إليها النقابة، والمرتقب أن تتبعها تعبئة وطنية في 26 يونيو، تنذر بتحوّل الملف من “قضية عمالية” إلى “قضية رأي عام” يمكن أن تُحرج الحكومة داخلياً وخارجياً.

صمت الدولة… وألغام المحكمة

رغم أن المحكمة التجارية لا تزال تُشرف على التصفية، إلا أن غياب أي قرار حاسم يفتح الباب أمام نظريات حول وجود لوبيات تضغط لشراء أصول سامير بأقل الأثمان. كما أن صمت الحكومة يُضعف ثقة الرأي العام في نية الدولة حماية الأصول الوطنية، ما يدفعنا للتساؤل: هل هناك تضارب مصالح داخل أجهزة الدولة نفسها؟

اليماني لا يكتفي بالتحليل، بل يُحمّل المسؤولية صراحة للحكومة والبرلمان في تعطيل الحلول، مطالبًا بفتح نقاش وطني صريح حول مستقبل قطاع المحروقات.

من الاحتجاج إلى إعادة التملك: هل يُكتب لسامير فصلٌ جديد؟

بيان الحسين اليماني ليس مجرد رد فعل، بل هو إعلان انطلاق مرحلة جديدة من الصراع: صراع وعي وذاكرة وقرار. هل ستصغي الدولة لصوت العقل النقابي؟ هل يمكن أن نُعيد التفكير في سامير كنموذج اقتصادي بديل يجمع بين النجاعة والرأسمال الوطني؟

خلاصة استراتيجية: سامير اختبار للنموذج التنموي

إن قضية سامير اليوم هي انعكاس حاد لأزمة خيارات اقتصادية تراكمت لعقود، لكنها أيضاً فرصة لبناء إجماع جديد حول القطاعات الاستراتيجية. فكما قال الحسين اليماني: “لا مستقبل للطاقة الوطنية دون إرادة سياسية حقيقية تعترف بأن سامير كانت – وما تزال – جزءاً من معادلة السيادة.”

وإذا كان المغرب يتطلع إلى لعب أدوار إقليمية في إفريقيا والعالم العربي، فإن التحكم في أدواته الطاقية يمثل شرطاً أساسياً للنفوذ والاستقلال.

سامير ليست أزمةً، بل بوابةُ عبور نحو سيادة صناعية مُمكنة… شريطة أن تُفتح.