نسمع ونقرأ عن كثير من (الإستراتيجيات) والخطط التي تعتمدها حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش وهي خطط طموحة للتوازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي ولكن كل وزارة تلقي بالمسؤولية على الأخرى في كل تساؤل فحين نتحدث عن الأمن الغذائي الوطني المعتمد على ثرواتنا من المياه يكون اللوم على المواطن وهكذا نستمر في الدوران بحلقة مفرغة.
مأساة كبيرة تعيشها مدينة أسف جنوب غرب المملكة اليوم بسبب الأمطار الغزيرة التي ضربت المدينة، والتى وصلت إلى حد السيول، لتغرق الطرقات وتغلق الأنفاق وتلحق الضرر مئات البيوت والمحلات التجارية، بسبب الأمطار الغزيرة التى هطلت صباح اليوم على المدينة الساحلية، وقطعت الطرق في عدة مناطق بعدما تحوَّلت الأمطار إلى سيول وفيضانات.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة، حجم الخسائر التي طال عددا كبيرا من الطرقات والبيوت والمحلات التجارية التي غطتها مياه الأمطار، فيما جرفت مياه السيول عددا آخر فى الأحياء السكنية نتج عن هذه المياه الجارفة تلف السلع والأثاث والتجهيزات المنزلية للسكان المتضررين.
وغمرت مياه الأمطار الغزيرة التى شهدتها مدينة أسفي ، اليوم ؛ عدداً من الشوارع والطرق الرئيسية بالمدينة، مخلفة عددا هائلا من الأضرار بالسيارات.
وشهدت أسفي هطول أمطار غزيرة منذ صباح اليوم وحتى فترة ما بعد الظهر، طوال ست ساعات، ما أدى إلى قطع الطرق وعزل بعض الأحياء وعدم تمكن سكانها من مغادرة منازلهم، وزادت معاناة السكان الصعوبات الناجمة عن حالة الاختناق في شبكات الصرف الصحي، حيث كشفت الأمطار والوديان الجارفة عن سوء حالة هذه البنية التحتية، مما أسفر عن أضرار جسيمة لمئات الأشخاص في أحياء متعددة، بما في ذلك السانيا وكوكي وشارع الرباط وحي المزوقة والتراب الصيني وأحياء أخرى.
وفي محاولة لتخفيف معاناة المتضررين وإنقاذ الممتلكات، بادر مواطنون إلى فتح بالوعات المياه وإنقاذ ما استطاعوا من ممتلكاتهم، بينما هرعت فِرَق الوقاية المدنية بالمعدات المناسبة إلى المناطق المتضررة.
وأعرب العديد من السكان عن غضبهم إزاء وضعية البنية التحتية في المدينة، التي زادت من حدة المشكلة، وأدت إلى تعرض منازلهم وممتلكاتهم للدمار. وحمَّلوا الجماعة الترابية لمدينة آسفي مسؤولية تلك الأوضاع الصعبة التي يعيشونها بسبب الأمطار.
ونفاجأ بأن الهدر المائي الذي ننوح ونندب عليه في المدن ونضع (الصنابير المرشدة) له وننادي برفع تكلفة استهلاكه في المدن لا يشكل شيئاً إذا قيس بالهدر المائي الهائل لإنتاج فواكهى لافوكا والفريز والدلاح .
يقول حكيم الفيلالي، الأستاذ الجامعي المتخصص في علم المناخ بمدينة خريبكة، إن جلسة العمل التي خُصّصت لبحث مشكلة الماء كان شعارها تسريع وتيرة إنجاز البنيات التحتية المائية، والبرنامج الوطني للتزود بمياه الشرب والري «ارتباطاً بالأزمة والإجهاد المائي، الذي يعرفه المغرب»، مضيفاً أن سنة 2022 «كانت الأكثر جفافاً التي عرفها المغرب منذ أكثر من 60 سنة، والوضعية اليوم أكثر حرجاً مما كانت عليه قبل سنة»، ومؤكداً أن المغرب عاش أمام توالي سنوات الجفاف على الاحتياطي المائي فقط.
وتابع الفيلالي موضحاً: «هذا ما يفسّر أن نسبة ملء السدود اليوم لا تتجاوز 23 في المائة، أي بمورد مائي لا يتجاوز 3.7 مليار متر مكعب. وأكثر من ذلك، فإن الجفاف الذي عرفه المغرب خلال السنوات الأخيرة زاد الضغط على الاحتياطي المائي، حيث إن ضعف التساقطات المطرية أرغم مستعملي المياه على تكثيف الحصول على المياه من الفرشة الباطنية (المياه الجوفية)… وهذا الأمر عمّق الأزمة المائية، ومن خلاله يُمكن تفسير تراجع مستوى المياه بمختلف الفرشات الباطنية وتزايد نسبة الملوحة بالمناطق الساحلية».
اقتصاد الماء
يقول الفيلالي إن المغرب «عمل في السنوات الأخيرة على تغيير سياسته الزراعية، ورفع حجم الصادرات الزراعية، خاصة تلك التي تحتاج إلى موارد مائية، بما يعني أن المغرب (كان) يصدّر الماء لعدة سنوات؛ واليوم نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتثمين الموارد المائية». واستطرد قائلاً: «الجارة الإسبانية مثلاً قامت بعملية حسابية مفادها أن إنتاج كيلوغرام واحد من الأفوكادو، على سبيل المثال، يكلّفها دولارين من الموارد المائية، وعلى هذا الأساس، أصبحت تستورد هذه المادة، وتحافظ على احتياطيها المائي وتجني أرباحاً من ذلك؛ لأن كلفة استيرادها ستكون أقل من دولارين دون استهلاك الماء والطاقة والمكونات العضوية». وتابع الفيلالي موضحاً: «نجد أن مناطق جافة كمنطقة سوس، ومعظم المياه فيها تحت الأرض، تُنتج مواد تحتاج موارد مائية كبيرة جداً، وبالتالي يجب تكييف السياسة الزراعية مع خصائص البيئة والاقتصاد في استهلاك الماء، خاصة في القطاع الزراعي… صحيح أنه يجب أن نواصل الاستثمار في تحلية مياه البحر، ومعالجة المياه المستعملة، لكن يجب كذلك أن نركّز بشكل كبير على الاقتصاد في استهلاك الماء، ثم التحكم في الموارد المائية، وباعتراف رسمي، فإن 91 في المائة من الآبار غير مرخصة، وهو ما يعني أن السلطات والمؤسسات المعنية ليست لديها القدرة على التحكم في الفرشات الباطنية». وتظهر معطيات منشورة على الموقع الرسمي لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن الزراعة ظلت عرضة على مدى عقود لآثار ندرة متزايدة في الموارد المائية، وذلك تحت التأثير المزدوج لفترات الجفاف المتتالية والطويلة، وارتفاع الطلب على الماء من طرف باقي القطاعات الاقتصادية. ومن أجل التغلب على التحدي المتمثل في إنتاج كميات أكبر من المنتجات الزراعية، باستعمال كميات أقل من الماء، بشكل مستدام وتنافسي، اعتمدت الوزارة سياسة طوعيّة لتعميم تقنيّات الري المقتصدة للماء، وتثمين مياه الري الزراعي من خلال اعتماد البرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري. ويهدف هذا البرنامج إلى توسعة المساحة التي تُروى باستعمال تقنيات الري الموضعي لتصل إلى 550 ألف هكتار، فضلاً عن التوسع في الري عبر إقامة سدود، والذي يهدف إلى استحداث مناطق زراعية تتوفر فيها سبل الري، وتعزيز الري داخل النطاق الحالي على مساحة 130 ألف هكتار.