نفقات صندوق المقاصة تتراجع إلى النصف في ظرف سنتين!..صندوق يخدم الأغنياء بدل الفقراء؟

0
350

كشفت دراسة مشتركة هي الأولى من نوعها بين المندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي، عن أن أنظمة الدعم الاجتماعي بالمغرب التي تلتهم عشرات المليارات من الدراهم سنويا، لا تخدم مصلحة الفقراء الذين أحدثت من أجلهم، بل يصب القسم الأكبر منها في جيوب الأغنياء و”المتوسطين”.

الرباط – شهدت نفقات المقاصة انخفضاً أكثر من النصف “ناقص 55.2 %”، لتنتقل من حوالي 10 ملايير درهم في مارس 2022، إلى ما يناهز 4.5 ملايير درهم خلال الشهر الماضي.

وكشفت وضعية النفقات والموارد الخاصة بالخزينة خلال مارس الماضي، عن تراجع نفقات المقاصة للشهر الثالث على التوالي في 2023، مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، في الوقت الذي تراهن الحكومة على نفقات لا تتجاوز 26 مليار و580 مليون درهم ضمن قانون المالية 2023.

وفي المقابل، قفزت تكاليف المقاصة بزائد 92.8 % خلال السنة الماضية، لتصل إلى 42.1 مليار درهم، أي 4210 ملايير سنتيم، مدفوعة بارتفاع أسعار الغاز في السوق الدولية بزائد 17.9 %، لتصل إلى 739 دولار للطن في المتوسط.

مجمع الفوسفات يقترض 100 مليون أورو لبناء أربع محطات للطاقة الشمسية.. رغم إيرادات قياسية بلغت 11.2 مليار دولار

وحذر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من ارتفاع أكبر لمستويات التضخم خلال 2024، مع الشروع في رفع الدعم التدريجي عن الدقيق وغاز البوتان “البوطا” والسكر.

وبهذا الخصوص، توقع الجواهري عقب اجتماع المجلس الإداري الأخير، أن يصل معدل التضخم إلى 3.9 %، مدفوعا بارتفاع كبير في أسعار المواد التي كانت مدعومة من قبل صندوق المقاصة، وذلك على أساس استمرار تراجع الضغوط الداخلية والخارجية في 2024، ليستقر السعر الأساسي عند 2.3 %. 

وكشفت الدراسة أن الخمس (20 بالمائة) الأكثر فقرا من الأسر المغربية، لا يصل مجموع ما يصله من الدعم المالي الموجه لغاز البوتان، 14 بالمائة من إجمالي الاعتمادات السنوية، والتي تصل حاليا إلى أكثر من 10 مليارات درهم.

وسجلت أنه “في المقابل، تحصل الأسر المنتمية إلى الخمس الأكثر غنى بين المغاربة، على ضعف هذا الدعم المالي، أي قرابة 27 بالمائة التي تعني قرابة 3 مليارات من الدراهم. فيما تذهب الاعتمادات المالية المتبقية، أي حوالي 60 بالمائة من دعم صندوق المقاصة الخاص بغاز البوتان، إلى الـ 60 في المائة المتبقية من الأسر المغربية، والتي تصنف في موقع متوسط بين الأسر الغنية وتلك الأكثر فقرا”. 

85 % من الأسر المغربية تدهورت معيشتها بسبب تضخم “محلي وليس مستوردا” يفوق الأرقام الرسمية

ولفتت الدراسة إلى أن هذه المعطيات تفيد أن الفقراء والمحسوبين على الطبقة المتوسطة، سيدفعون ثمن التوزيع غير العادل الذي تقوم به الدولة لاعتمادات صندوق المقاصة. “فرغم أن حصة الفقراء من هذا الدعم ضعيفة، إلا أنها تعتبر أساسية في نفقات الأسر مقارنة بحجم دخلها المتواضع” تقول “أخبار اليوم”.

وأشارت إلى أن “هذا الاختلال في توزيع اعتمادات صندوق المقاصة، حسب الفئات الاجتماعية، يعتبر شاملا ويهم باقي المواد المشمولة بالدعم، بل إنه يتفاقم أكثر”.

وقالت إن “حصة الخمس الأكثر فقرا من الأسر المغربية من الاعتمادات المالية المخصصة للدقيق المدعم، ينخفض إلى 12.4 في المائة، مقابل ارتفاع حصة الخمس الأكثر غنى إلى قرابة 30 في المائة. وفيما يستهلك الخمس الفقير من الأسر المغربية أقل من 15 بالمائة من الدعم الموجه لمادة السكر، تستحوذ الأسر الأكثر غنى على 26.6 في المائة من هذا الدعم. لتكون النتيجة النهائية أن الـ 20 بالمائة من الأسر المغربية الأكثر غنى، تستحوذ على ضعف ما يصل إلى 20 بالمائة من الأسر الأكثر فقرا، أي 14 في المائة مقابل 28 في المائة، وهو ما يعني أن الأسر المغربية الأكثر غنى تستحوذ على أكثر من 4 مليارات درهم من صندوق المقاصة حالية”.

وكشفت “أخبار اليوم” في وقت سابق ، أنه “بعد إلغاء الدعم الموجه للمحروقات، وما ترتب عنه من ارتفاع في نفقات الأسر الخاصة بالنقل والأسعار، تعتزم الحكومة الشروع قريبا في حذف الدعم الخاص بمادة السكر، دون أن ترافق ذلك بأي خطوة لدعم الأسر الفقيرة والهشة. ورغم ربط الحكومة الحالية سحب دعم المقاصة الخاص بغاز الطهي، بإحداث “بطاقة للفقر” تخول لصحابها الحصول على غاز مدعم، إلا أن هذا المشروع يرتبط بقاعدة بيانات في طور التحضير، تستند أساسا إلى معطيات نظام “راميد” الذي يشمل الأسر الفقيرة جدا فقط”.

وحذرت من أن “رفع الدعم نهائيا سيجعل الأسر المحسوبة على الطبقة المتوسطة الدنيا، تتحمل عبئا ماليا كبيرا قد ينزلها إلى خانة الفقر والهشاشة”.

وأشارت إلى أن “الدراسة تقول في خاتمتها إنه ورغم المجهود الكبير الذي يقدمه المغرب من حيث الاستثمارات في البنيات التحتية الاجتماعية، فإن الفوارق الاجتماعية والمجالية تظل مرتفعة”.

وقالت: “إجمالا، فإن النفقات المالية المخصصة لصندوق المقاصة والتي تسمح بالولوج إلى التغطية الصحية والتحويلات المؤسساتية، كلها تصب في مصلحة الأغنياء. فالميسورون، سواء كانوا في المدن أو القرى، يحصلون على الحصة الأكبر من الخدمات والتحويلات الاجتماعية”. وضع تقول الدراسة إن تجاوزه يفرض على الدولة لعب دور أكبر في تقليص الفوارق الاجتماعية، “خاصة منها الفوارق الناجمة عن الاختلاف الكبير في دخل الأسر”.