نقابة “البيجيدي”امتناع حكومة أخنوش إخراج النصوص القانونية للمحروقات يشكل حماية “لوبي المحروقات بالمغرب” المحتكر للقطاع

0
309

كشفت مداخلة مستشارة بمجلس المستشارين عن ريع استفاد منه لوبي المحروقات في المغرب غير خاضع لقانون السوق، مضيفة أنه خاضع للهيمنة والاحتكار، واستغلال السلطة لمضاعفة الأرباح على حساب عموم المواطنين.

الرباط – انتقدت نقابة “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب” (نقابة حزب العدالة والتنمية) تأخر الحكومة في إصدار النصوص التطبيقية المتضمنة في القانون 67.15 المتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربور وتصديرها وتكريرها والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها.

وقالت النقابة في مداخلة لمستشارتها البرلمانية لبنى العلوي في جلسة عمومية تشريعية بمجلس المستشارين، إن تلكؤ الحكومة في إصدار النصوص التطبيقية المتضمنة في هذا القانون، يطرح أكثر من علامة استفهام، إلى جانب أنه يبخس دور السلطة التشريعية، علما أن تحرير القطاع مرتبط بهذه القوانين.

واعتبرت أن امتناع الحكومة عن إصدار هذه النصوص القانونية هو حماية للوبي المهيمن على القطاع، لافتا إلى أن الأشخاص العاديون لا يمكنهم فتح محطة محروقات في الأراضي التي يمتلكونها دون التعاقد مع علامة تجارية تحتكر هذه المحطة وفق عقود إذعان.

وأضافت أن الشركات الراغبة في الاستثمار يفرض عليها تجهيز 30 محطة لنيل الترخيص لولوج القطاع، والمواضع الاستراتيجية (وسط المدن ومداخلها) شبه محتكرة من طرف العلامات التجارية الكبيرة بسبب شروط المسافة الدنيا بين المحطات.

وأكدت النقابة أنه سبق أن طرحت نفس السؤال منذ سنة، ومع ذلك لازال نشـاط المحروقات السائلة استيرادا وتوزيعا وتخزينا يخضع لإطـار قانونـي وتنظيمـي يعـود تاريخـه إلـى سـنة 1973 رغم صـدور قانـون جديـد سـنة 2015 والـذي لـم يدخـل حيـز التنفيـذ بسـبب عـدم صـدور النصـوص التطبيقيـة المرتبطـة بـه.

وسجلت أنه لا يعقل أن يهيمن نفس الفاعلون على مستوى الاستيراد ومستوى التخزين، ومستوى النقل ومستوى التوزيع بالجملة وبالتقسيط، خاصة بعد توقف قطاع التكرير في سيدي قاسم والمحمدية”.

وشددت على السوق يعتمد تحرير الأسعار في ظل إطار تنظيمي وتشريعي مبني على التحكم في السوق، والفرق بين ما قبل 2015 وما بعدها هو انتقال السوق من تحكم الدولة إلى تحكم تجمع الفاعلين الكبار في السوق.

في 24 فبراير 2023، أن السؤال البرلماني للفريق الاشتراكي بمجلس النواب، لم يكن الوحيد الذي تطرق لهذا الموضوع، ولسياسة تدبير الحكومة لملف المحروقات.

وذكر أن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، طالبت الحكومة بالكشف عن أسباب تأخر إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 40.21 المغير والمتمم للقانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.

وأيضا القانون رقم 41.21 المغير والمتمم للقانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة الصادران بالجريدة الرسمية عدد 7152، بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2022.

وهذا المجلس هو مؤسسة حكومية مسؤولة عن ضمان شروط الشفافية واحترام قواعد المنافسة. وأشارت المجموعة إلى أنها وجهت سؤالين في الموضوع، واحدا لوزيرة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والثاني لرئيس الحكومة.

وأوضحت أن خلفيات سؤاليها، تتعلق بما كشف عنه رئيس مجلس المنافسة أحمد رحو، خلال ندوة صحفية عقدها بداية شهر فبراير 2023، عن انتظاره إفراج الحكومة عن هذه المراسيم التطبيقية.

وأكدت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أن إصدار هذه المراسيم التطبيقية مهم جدا ليتسنى للمجلس إجراء تحقيقات في ملفات يثار حولها نقاش كبير، مرتبط بغياب المنافسة والتواطؤ، في السوق الوطنية، خاصة بين شركات توزيع المحروقات.

وسبق لهيئات عديدة أن انتقدت تلكؤ الحكومة في إصدار هذه المراسيم التطبيقية، من ضمنها نقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” التي وجهت رسالة إلى رئيس الحكومة أخنوش، تطالبه فيها بوقف تعطيل صدور قرار المنافسة.

وشددت النقابة أن عدم إخراج المراسيم التطبيقية لقانون حرية الأسعار والمنافسة ولقانون مجلس المنافسة، يجعل الشكاية المطروحة على المجلس منذ 15 نوفمبر 2016 حول شبهة الممارسات المنافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات بالمغرب، تراوح مكانها.

كما سبق لموقع “مدار 21” المحلي، 27 سبتمبر/أيلول 2022، أن نقل عن مجلس المنافسة، قوله بأن قطاع المحروقات مربح جدا، ويحقق نسب مردودية مالية مرتفعة للغاية.

وأوضح المجلس، ضمن رأي له أن أسـواق الغـازوال والبنزيـن تتسـم بنسـبة عاليـة من التركيز، سـواء فـي المراحل الابتدائية أو النهائيـة لسلسـلة القيمـة.

وأوضح المجلس أنه يمكـن تفسـير هـذا الوضـع القائـم بمسـتوى المردوديـة الماليـة المرتفـع للغايـة الـذي يمكـن أن يحققـه هـذا النشـاط، ولا يشـجع الفاعليـن علـى التنافـس بواسـطة الأسـعار فـي هـذه الأسواق.

وأكد أن النتائـج الإيجابية المتعلقـة بحسـاباتهم الماليـة تظـل مضمونـة أو شـبه مضمونـة، بصـرف النظـر عـن الظرفيـة أو عـدد الفاعليـن.

وبين أن هـذه الوضعيـة تفسـر، إلـى حـد كبيـر، غيـاب خـروج أي مـن الفاعليـن مـن هـذه الأسـواق طـوال العشـر سـنوات الماضيـة

وشدد المجلس على وجود “ســلوكيات ســلبية للفاعليــن في القطاع، الذيــن أبطلوا أيـ منافسة علــى أســعار البيــع”، منتقدا غياب انعكاس انخفاض سعر البرميل دوليا على السوق المحلية.

بدوره، انتقد الصحفي المقرب من السلطة، رضوان الرمضاني، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، 25 فبراير 2023، ضعف تفاعل الحكومة ووزيرة الاقتصاد والمالية مع الموضوع.

وأضاف “يزعِجني كثيرا أن تُطرَح أسئلة، وقضايا، بهذه الحساسية، فلا تجِد من يتفاعل، بالسرعة المطلوبة، معها، كما لو أن الحكومة تُعوِّل على الزمن ليداوي ما ينبغي أن يداوى بتدخل قصير”.

وأردف: “لو كانت وزيرة الاقتصاد والمالية تفهم في السياسة قليلا، لكانت خرجت لتُوضِّح حقيقة الموضوع، إما بنفيِه أو تأكيده، واتخاذ الإجراءات اللازمة”.

وبين أنه “لو كان رئيس الحكومة يعي درجة الخطورة التي يسببها هذا الأسلوب في مُعالجة ما يروج لكان أمر وزيرته في المالية بالتحرك والتوضيح”.

وتابع الرمضاني: “لكن لا شيء من هذا حدث، وربما تنتظر الوزيرة أن تجيب البرلماني عبر الوسائل “الكلاسيكية”، دون أن تنتبه إلى ارتدادات هذا النوع من “الأخبار” على نفسية الرأي العام”.

ويرى الصحفي أنها أول حكومة تعشق خلق المتاعب لنفسها، كما لو أنها تتلذذ بذلك، وهي في الواقع تساهم في تجييش الرأي العام ضدها، وتساهم، بكَسَلِها التواصلي والتفاعلي، في شحن الأجواء، مردفا: “وهذا يعني أمرا من اثنين: خوفا مُبالغا فيه، أو هِواية سياسية”.

تعليقا على هذا التفاعل، قالت القيادية النقابية والناشطة السياسية حليمة الشويكة في تصريحات إعلامية سابقة، إن الإعلام هو ضمير الرأي العام، وكان مطلوبا منه إحداث استنفار، والضغط من أجل فتح تحقيق في الموضوع.

وشددت أن هذا التحقيق مطلوب وبشدة، لأن ما وقع كارثة ومصيبة كبيرة جدا، محذرة من ترك الأمور على حالها دون تفاعل لائق ومناسب.

وترى الشويكة أن ما يقع، وفي ظل وجود رئيس الحكومة على رأس الفاعلين في قطاع المحروقات، يجعل الرأي العام المغربي، يبني فكرة لا لبس فيها، من أن أخنوش يستغل السلطة لمراكمة الثروة والحفاظ على أرباحه، بمعية لوبي المحروقات.

وذكرت أن الدليل الأبرز على هذا، أن ثروة أخنوش تضاعفت من 2022 إلى 2023، وفق تقارير فوربس لقوائم الأثرياء في العالم، مشيرة إلى أن مصدر ثروته الأساسية هو المحروقات.

وشددت الناشطة أن هذا الواقع يفسر سر سكوته وحكومته عن ما يتعلق بملف المحروقات، وما يرتبط به، سواء من قريب أو بعيد.

وهو ما يؤكد أيضا الخطر الداهم الذي يشكله تضارب المصالح على المغرب، اقتصاديا وسياسيا ومجتمعيا.

وأشارت الشويكة إلى أن الحكومة بمقدورها نفي كل هذا التفسير بالخروج للمواطنين والتواصل معهم، وتوضيح الحقائق لهم، بكل صدق وشفافية، وإلا، تردف المتحدثة ذاتها، الصمت لن يزيد هذه الآراء سوى قوة وتجذرا.

وكان وزير الميزانية الأسبق، إدريس الأزمي الإدريسي، أكد أن الزيادات الأخيرة في أسعار الغازوال والبنزين غير مبررة وغير مفهومة وتنم عن تواطؤ الحكومة التي لم تتدخل لمعالجة الأمر.

وشدد الأزمي، في تصريحات لبرنامج “صوت الناس” براديو “أصوات”، 24 فبراير 2023، أنه لا يمكن بأي حال تفسير ارتفاع المحروقات بارتفاع الأسعار على مستوى السوق الدولية.

واستشهد في هذا الصدد، بسعر البرميل الذي بلغ على المستوى العالمي 85 دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2018 لكن الأسعار بقيت نفسها ولم تتغير.

إذ بقي سعر الغازوال في حدود 10:50 دراهم والبنزين بـ 11:50 درهم، بينما البرميل اليوم لم يتعد 80 دولارا والأسعار في ارتفاع مستمر.