نقابة الصحة “خصصة قطاع الصحة ضربٌ في العمق للمشروع الإجتماعي الملكي الإصلاحي”

0
412

بسبب الميزانية المخصص لقطاع الصحة في المغرب التي ما زالت تتراوح بين 6 في المائة و7 في المائة من الميزانية العامة للدولة عوض 12 في المائة الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية أو مقارنة مع دول أخرى.

ويواجه قطاع الصحة في المغرب نقصاً الكبيراً في عدد الأطر الصحية، حيث يعمل في المغرب 23 ألف طبيب، في حين تحتاج البلاد إلى 32 ألف طبيب إضافي، حسب المعايير الأساسية لمنظمة الصحة العالمية. كما أن المنظومة الصحية في حاجة كذلك إلى ما يزيد على 65 ألفاً من مهنيي الصحة.

ومن المعوقات أيضاً غياب مسار علاجات منظم وواضح، فضلاً عن إساءة استخدام الموارد البشرية غير الكافية أصلاً، فالمسار غير الواضح للعلاجات «يؤدي إلى ضياع فرص ثمينة للتشخيص والعلاج في الوقت المناسب»؛ مما يؤثر سلباً على صحة وحياة الأفراد.

من جهته إجتمع أعضاء المكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة العضو في اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب لمتابعة المستجدات الأخيرة التي تعرفها الساحة المهنية والمؤسساتية بقطاع الصحة والحماية الإجتماعية وللوقوف عن كتب عند بعض الإشكالات المطروحة وللتعبيرعن مواقف النقابة إزائها.

لتذكّر النقابة ما قامت به الحكومة بخصوص الملف المطلبي لمهنيي الصحة بمختلف فئاتهم لا يمت إلى أدبيات ومنهجية ومبادئ وفلسفة الحوار بِصلة، فبعد جلسات مطولة من اللقاءات بحضور مختلف الفرقاء و التوقيع النهائي و بشكل رسمي على محاضر الاتفاق فيما بينهم، قامت الحكومة الممثلة في وزير الصحة والحماية الإجتماعية بإلقاء كل تلك المحاضر في سلة المهملات مما يضرب في الصميم مصداقية الحوار و يعرض القطاع و من خلاله صحة المواطن المغربي إلى أخطار لا أحد يتمناها و الدليل ما أصبح الجميع يلاحظه من ظهور لأمراض سارية بسبب قلة المتابعة و كثرة الإختلالات في تدبير مواعيد التلقيح الناتجة عن الإضرابات،علما أن هذا التوجه نحو المتاجرة في خدمات الصحة واعتبارها سلعة مؤدى عنها كما يسعى إليه بعض المسؤولين الحكوميين تحت تأثير وبإيعاز من المؤسسات المالية الدولية، لا يتطابق إطلاقا مع منطق الصحة العامة والبرامج الوقائية التي جنبت وتجنب بلدنا حاضرا ومستقبلا بأجياله الحالية والقادمة انتشار العديد من الأوبئةـ فخلال فترة جائحة كورونا على سبيل المثال، أثبت القطاع العام الصحي بكل مكوناته،أنه عماد الصحة في بلادنا. لأجل ذلك من اللازم والمفروض حماية القطاع العمومي الصحي بكل مؤسساته ومستوياته من أية محاولة للخوصصة أو التفويت . فهذا الإجراء الأخير الغامض يدفعنا كنقابة مسؤولة لطرح تساؤلات عديدة بشأنه من  قبيل مدى احترامه للمساطر الدستورية والقانونية والتنظيمية وعن مآل ووضعية العاملين بالمؤسسات الصحية التي سوف يتم تفويتها وأيضا عن كيفية استمرار تقديم الخدمات الصحية بها. فتخوفنا يظل مشروعا تبعا لما حدث من نقل للمهنيين بين بعض المستشفيات في العاصمة الرباط. من المؤكد أن القطاع الصحي يعرف ورشا مفتوحا لإعادة هيكلته انطلاقا من الرؤية الملكية السامية لتوسيع التغطية الصحية، هذه الرؤية التي تم تنزيلها في إطار برنامج حكومي واضح المعالم يعتمد على أربعة دعائم وهي تحسين الحكامة وتقوية العرض الصحي وتحفيز الموارد البشرية ورقمنة منظومة العلاجات.

قد يقول قائل أن النقابات الصحية قد اغتنمت ظرفية الإضراب التعليمي قصد الرفع من سقف مطالبها المادية والمعنوية غير أن ذلك لا يتطابق مع الواقع الملموس، فمطالبها تبقى مشروعة لأنها تسعى أيضا للدفاع عن المرفق العام الصحي العمومي والوقوف أمام المشروع الحكومي الرامي لاستكمال تفكيك الوظيفة العمومية. وأمام  كل هذه المناورات وبعد التهرب الغير مبرر للحكومة من تنفيذ بنود محاضر الإتفاقيات الموقعة بالرغم من محدودية المطالب المعبر عنها والمستجاب لها نظريا لم تجد الشغيلة الصحية أمامها سوى خيار واحد و وحيد وهو التوجه للنضال الدستوري المشروع. وهكذا وجدت كل النقابات الصحية نفسها مجبرة للدعوة إلى إضرابات وطنية متتالية وهو الشيء الذي سيشكل لا محالة عقبة أمام التنزيل السليم للمشروع الإصلاحي الملكي الكبير الذي يهم هذا القطاع. فقط ومن باب التذكير نشير إلى أن مطالب النقابات الصحية بتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة يندرج بكل موضوعية ضمن الدعامات الأربعة التي تؤسس لهذا الإصلاح بل من المؤكد أن دعامة تحفيز الموارد البشرية يمكن اعتبرها الركيزة الأساسية التي تمكن من بلوغ أهداف الدعامات الثلاثة الأخرى،وما يبرر ذلك هو كون نجاح تنزيل مشروع المجموعات الصحية الترابية لن يتأتي ولن يتحقق دون إنخراط كلي وفعلي وشامل للموارد البشرية، انخراط يجعلها تساير بكل إيجابية مخططات الوزارة وجوهر سياستها الإصلاحية.

وتعبر النقابة المستقلة عن قناعتها التامة والراسخة بأن توفير الخدمات الصحية العمومية يقتضي التعامل بعقلانية وجدية وحس إجتماعي وإنساني كبير مع كل إصلاح مرتقب وعدم الإصرار أو الإسراف في تلك السياسات الهادفة إلى إلغاء  المرفق الصحي العمومي وتعويضه بالقطاع الحر الذي لا أحد يشك في دوره الأساسي داخل المنظومة العلاجية، غير أن مبادئ عدالة الولوج  والإستمرارية والتضامن إضافة إلى توفير خدمات وقائية تبقى من صميم اختصاص المرفق الصحي العمومي.هذا الأخير لا يشتغل وفق منطق محاسبي  ولا ينظر إلى  مدخرات صناديق التغطية الصحية وإلى شركات التأمين على أنها وسيلة لتحقيق أرقام أعماله بل ما يهم العاملين به هو حماية صحة الأجيال الحالية والمستقبلية في وطننا العزيز.

كما ترى النقابة أن خصخصة الخدمات الصحية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على المواطنين العاديين أو الفقراء، وذلك لعدة أسباب:

  1. ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية: في بعض الحالات، قد تزيد عمليات الخصخصة من تكاليف الرعاية الصحية، حيث يُفترض أن تكون الشركات الخاصة تسعى لتحقيق الربح. هذا يمكن أن يجعل الخدمات الصحية غير ميسورة التكلفة بالنسبة للفئات الفقيرة.

  2. انحياز في التوزيع الجغرافي: قد تركز الاستثمارات الخاصة في القطاع الصحي في المناطق الحضرية أو الأكثر ربحية، مما يترك المناطق الريفية أو الفقيرة بدون وصول كافٍ إلى الخدمات الصحية.

  3. فقدان التغطية الصحية: قد يؤدي تحول مؤسسات الرعاية الصحية من القطاع العام إلى القطاع الخاص إلى فقدان التغطية الصحية لبعض الفئات، خاصة إذا كانت هناك انحيازات في التأمين الصحي الخاصة بالشركات.

  4. جودة الخدمات: قد لا تكون جميع الشركات الخاصة ملتزمة بتقديم الخدمات الصحية عالية الجودة، وقد يحدث تراجع في جودة الرعاية الصحية في بعض الحالات.

  5. زيادة الفجوة الاجتماعية: قد تؤدي سياسات الخصخصة إلى زيادة الفجوة بين الأثرياء والفقراء فيما يتعلق بالوصول إلى الرعاية الصحية، مما يعزز التفاوت في الصحة بين الطبقات الاجتماعية.

من الجدير بالذكر أن تأثيرات خصخصة الصحة على المواطنين العاديين أو الفقراء يمكن أن تختلف حسب السياق الثقافي والاقتصادي والقانوني في كل دولة. لذلك، يجب أن يتم تنفيذ أي عملية خصخصة في الصحة بحذر شديد وبمراعاة الآثار الاجتماعية والاقتصادية على جميع شرائح المجتمع، وضمان توفير رعاية صحية عادلة ومتاحة للجميع.