تتطلع حكومة الملياردير،عزيز أخنوش، إلى استعادة ثقة المواطنين التي تزعزعت في أذهانهم بعد عشر سنوات عجاف، وتسعى لإصلاح ذلك عبر برنامج تنموي جديد، الذي ينهل من مضامين برامج أحزاب الأغلبية المتضمنة لالتزامات واضحة استجابة لتطلعات المغاربة، يرتكز على محاور أساسية تهدف إلى تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد الوطني بما يعزز التشغيل، وتكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي. كما سيشكل هذا البرنامج أساس التعاقد مع البرلمان والمواطنين المغاربة، وميثاق شرف ستلتزم الحكومة من خلاله بتعبئة كل القوى والطاقات الحية للبلاد من فاعلين اقتصاديين واجتماعيين لإنجاح ما يعد بتحقيقه.
وكأنها فرصة سنحت للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب واستغلها لصالح حزب “العدالة والتنمية” لالتقاط أنفاسه من أجل استعادة ثقة قواعده الساخطة، بعدما احتد غضبها، لتنتقد البرنامج الحكومي، الذي عرض أمام البرلمان، الأسبوع الماضي، واصفا ً إياه بالضبابية وذلك فيما يخص الشأن الاجتماعي، داعيا إلى التسريع بإطلاق جولة الحوار الاجتماعي.
وقال المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أمس الأحد، إن هناك ضبابية في البرنامج الحكومي فيما يخص الشأن الاجتماعي من خلال غياب مؤشرات رقمية، وآجال محددة للتنفيذ، والتغييب التام لمأسسة الحوار الاجتماعي المركزي والاكتفاء بإشارات مبهمة حول حوارات قطاعية، وهو ما يشكل تساؤلا كبيرا حول نوايا الحكومة في تدبير علاقاتها مع الهيئات النقابية.
ودعا الاتحاد إلى تغليب الحوار بدل التوسع الفج في استعمال المقاربة الأمنية لمواجهة احتجاجات الشغيلة العمالية، على غرار التدخل لمنع مسيرة الأساتذة، أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، خلال الأسبوع الماضي، وذلك “في أول امتحان حقوقي للحكومة الجديدة بعد تنصيبها”.
وطالب الاتحاد الحكومة بالانكباب على ورش إصلاح المنظومة القانونية الخاصة بانتخابات المأجورين، والتي لا تعكس، حاليا، التمثيلية الحقيقية للهيئات النقابية بناء على منافسة تحكمها قواعد الحكامة، والنزاهة، والشفافية.
والاتحاد، الذي حصل على مقعدين في الانتخابات الأخيرة لمجلس المستشارين، أعلن في هذه المناسبة عن استعداده لعقد دورة استثنائية لمجلسه الوطني، لتقييم نتائج انتخابات المأجورين، واستشراف المرحلة المقبلة، سيتم الإعلان عن تاريخها بعد التنسيق مع مكتب المجلس.
وموقف النقابيين من البرنامج الحكومي عكسته، كذلك، مداخلات عدد من الفرق، والمجموعات النيابية في غرفتي البرلمان، خلال المناقشة الأسبوع الماضي، كما أثيرت تساؤلات حول مصدر تمويل المقترحات الطموحة، التي طرحتها الحكومة.
وكان عزيز أخنوش قد عرض البرنامج الحكومي أمام غرفتي البرلمان، الأسبوع الماضي، قبل أن تنال حكومته ثقة مجلس النواب، بأغلبية مطلقة، ومعارضة أزيد من ستين نائبا.
ورأى الخبير السياسي محمد شقير أن “حكومة أخنوش ستجد أمامها برنامجين مهمين، يتعلقان بمنظومتي الصحة والتعليم”.
وأضاف شقير في تصريح سابق، أن “الحكومة الجديدة ستسعى على الأقل، للاستجابة للوعود التي قدمتها مكوناتها الحزبية في الحملة الانتخابية، منها الزيادة في أجور الأطباء والممرضين والمعلمين”.
ومن أبرز الوعود في البرنامج الانتخابي ل”التجمع الوطني للأحرار”، الذي يقود الحكومة، “مضاعفة موازنة الصحة العامة على مستوى السنوات الخمس المقبلة، ومراجعة التعويضات الممنوحة للأطباء، وإحداث 4 مراكز استشفائية جامعية جديدة”.
وعلى مستوى التعليم، يعد حزب التجمع الوطني للأحرار بـ”رفع (زيادة) أجور المدرسين إلى 7500 درهم (833 دولارا) كأجرة صافية شهريا عند بداية مسارهم المهني”، وحاليا يتقاضى المعلم 5000 درهم (555 دولارا).
وفيما يتعلق بتوفير فرص العمل، يعد بـ”خلق مليون منصب شغل مباشر من أجل إنعاش الاقتصاد غداة أزمة (جائحة) كورونا”.
واعتبر الأكاديمي مصطفى اليحياوي، في سرد الملفات ذات الأولوية التي تنتظر حكومة أخنوش، أن “إعادة الحيوية للبرامج الكبرى، انطلاقا من المبادئ الأساسية للنموذج التنموي، ستكون من بين الأولويات أيضا”.
وتابع: “إنجاح الخروج الآمن من أزمة كورونا يتطلب توفير فرص الشغل القادرة على امتصاص بطالة الشباب”.
وأضاف: “نحن أمام أزمة حادة، وقضية الشباب يجب أن تكون مركزية في عمل الحكومة الجديدة”.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، عيّن عاهل البلاد الملك محمد السادس، 35 عضوا في ما يعرف بـ”اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي”.
ومطلع 2020، أطلق المغرب لقاءات “اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي”، معنية باقتراح خطة للتنمية، أعدت تقريرها بعد نحو عام ونصف العام من انطلاق عملها.
وجاءت الهزيمة بعد عقد من تولي الحزب الإسلامي المعتدل السلطة بصلاحيات محدودة، ليتراجع عدد مقاعده في البرلمان من 125 إلى 13 فقط من إجمالي 395 مقعدا.
وتأكد حجم الهزيمة غير المتوقع في الانتخابات المحلية التي أجريت بالتزامن مع الانتخابات التشريعية: فقد تراجعت مقاعد الحزب من 5021 إلى 777 في البلديات ومن 174 إلى 18 مقعدا في الأقاليم.
وكان الحزب قد دان في نهاية الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع تجاوزات مماثلة.