نقابة تعليمية في المغرب تحذر من إقحام المدرسة العمومية في أتون التطبيع الصهيوني تحت مسمى الحوار والتسماح

0
324

ما زالت قضية إدراج التراث اليهودي في المناهج التعليمية المغربية تثير ردود فعل مختلفة.

وفي هذا الصدد، دعت«الجامعة الوطنية للتعليم» (أكبر نقابة تعليمية في المغرب) رسالة قوية إلى وزير التربية الوطنية، في بلاغ لها على إثر انعقاد كتابتها الوطنية، وزارة التربية الوطنية الى التعجيل بإيجاد “حلول ناجعة ومنصفة للفئات المتضررة التي سئمت الانتظارية والتسويف”، مؤكدة على استمرارها في دعم جميع الفئات المتضررة وتبني ملفاتها والترافع بشأنها.

وجددت النقابة في بلاغها الذي يتزامن مع الاستعداد لتخليد العيد العمالي، مطالبتها بإقرار نظام أساسي عادل ومنصف ودامج يقطع مع اختلالات الماضي ويوحد الشغيلة التعليمية، محذرة من اقحام المدرسة العمومية المغربية فيما سمته ” أتون التطبيع الصهيوني تحت مسمى الحوار والتسامح”.

وخلص بلاغ النقابة التعليمية إلى دعوة كافة مناضليها ومناضلاتها إلى “مزيد من النضال الصمود ودعم جميع المبادرات النضالية الفئوية إقليميا وجهويا ووطنيا”.

يذكر أن الاتحاد الوطني للشغل يعتبر الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية المغربي، الذي دبر العمل الحكومي للعشر سنوات الماضية. 

في 21 فبراير الماضي قالت النقابة التعليمية إن الوزير السابق سعيد أمزازي سبق أن كشف، خلال مباحثاته الهاتفية مع أحد وزراء إسرائيل، تفاصيل الشراكة التي تعمل وزارة التربية الوطنية على إقامتها معها، واعتبرت أن ذلك «سيحول منظومتنا التربوية والتعليمية وبلادنا إلى مرتع لتطبيع عقول بنات وأبناء شعبنا من تلاميذ وطلبة ومتدربين ومدرسين من الأولي إلى العالي… عبر اعتماد أخطر أشكال التطبيع، وهو التطبيع التربوي».

وقالت إن الوزير تحدث عن إدراج ما سمي بـ«تراث اليهود» في المنهاج الدراسي المغربي، انطلاقاً من الموسم الدراسي المقبل، مباشرة بعد قرار إعادة العلاقات مع إسرائيل». كما أشارت إلى أن الخطوط العريضة للبرامج المشتركة في مجال التربية والتعليم، تتضمن توأمة مدارس ثانوية، وإجراء مسابقات تعليمية بالعربية، والعبرية، وإقامة عروض موسيقية وفنية في عيد «الميمونا» وتبادل الوفود الطلابية، وتنظيم جولات دراسية في فلسطين المحتلة والمغرب لتعميق العلاقات الدبلوماسية.

كما جاء في الرسالة أن «الجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي» إلى جانب الهيئات المغربية المناهضة للتطبيع والمدعِّمة لنضال الشعب الفلسطيني، ترفض «أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، انطلاقاً من أن القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الشعب المغربي هي قضية وطنية. كما أن الكيان الصهيوني هو كيان استعماري استيطاني عنصري برعاية إمبريالية».

وسجلت أن توظيف قيم التسامح هو محاولة لتمرير مشاريع مناقضة لها، من إخفاء الطابع العنصري للصهيونية، وبأن للكيان الصهيوني الحق في بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وأسرهم وقتلهم وتدمير القرى والمدارس والمدن المغتصبة. كما أن التطبيع هو شرعنة لجرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومنها الاحتلال والاستيطان وبناء الجدار العازل، وكلها جرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفق ما جاء في الرسالة.

واستطردت النقابة الوطنية للتعليم قائلة: «وجب أن نكون ونبقى كنساء ورجال التعليم وتلاميذ وطلبة ومتدربين… في مختلف المؤسسات التعليمية وخارجها في المغرب، في مواجهة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني الذي شيد على الإرهاب والعنف والإجرام، وهو مدين بوجوده إلى منظمات إرهابية قاتلة، ومنها تكون جيش الاحتلال فيما بعد».

وذكّرت في رسالتها بالإبادات الجماعية البشرية والثقافية والتراثية.. ومجزرة دير ياسين واغتيال وسيط الأمم المتحدة الكونت برنادوت العام 1948 ومذابح قبية واللد والرملة، وصبرا وشاتيلا في بيروت العام 1984 ومجزرتي قانا في جنوب لبنان ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، وانتهاء بحوادث القتل والاغتيال والهدم وتجريف الأراضي، والحفريات تحت المسجد الأقصى بقصد هدمه وبناء هيكل سليمان المزعوم، وقصف غزة بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً.

وأعربت النقابة عن استنكارها مشاريع الوزير المغربي في قطاع التربية والتعليم في المغرب وخارجه باسم الدولة والحكومة المغربية مع الكيان الصهيوني. كما أكدت رفضها تجنيد نساء ورجال التعليم واستخدامهم بأي شكل من الأشكال لتمرير المشاريع التطبيعية، وكذا رفض تزييف وعي الأطفال المغاربة وتحريف التاريخ الحقيقي للصراع ضد الصهيونية باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية.

وطالبت بجعل حد لأي تطبيع تربوي وثقافي مع الكيان الغاصب، وشددت على مقاطعة المؤسسات الأكاديمية للكيان الصهيوني على كافة المستويات، لتواطؤها في إدامة الاحتلال وأشكال الاضطهاد الصهيونية الأخرى ضد الشعب الفلسطيني؛ داعية إلى مواجهة ومناهضة التطبيع والمطبّعين وتحصين الكوادر التربوية من محاولات الاختراق التي تقوم بها الدعاية الصهيونية، وبتعميم ثقافة مناهضة التطبيع في أوساط التلاميذ والطلبة والمتدربين، وتجسيد مبادئ التضامن مع الشعب الفلسطيني والتعريف بقضاياه.

وورد في الرسالة أيضاً التنصيص على رفض إعادة تكييف مناهج التعليم للتساوق مع الإيديولوجية الصهيونية؛ مشيرة إلى أن ما يجب التأكيد عليه في مناهج التعليم في المغرب هو إدماج التعريف بخطر الصهيونية على البشرية عامة، وليس على الشعب الفلسطيني وحده، والتعريف في المقابل بنضالات الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية وبأوضاع أطفال فلسطين وبواجب التضامن الإنساني معهم، وتنقيح المقررات من كل أشكال العنصرية واشاعة ثقافة حقوقية كونية.

في السياق نفسه، كتبت مدرسة مغربية، اسمها السعدية الفاضلي، تدوينة على صفحتها في «فيسبوك» عبرت فيها عن رفضها المساهمة في المخطط الذي يعتزم وزير التربية الوطنية المغربي تنفيذه. وأكدت أنها موظفة في خدمة أطفال الشعب، وليست في خدمة حكومة إسرائيل الصهيونية، وقالت: سأخبرهم (تقصد التلاميذ) بالحقيقة. لن أحمّلهم مسؤولية تحرير فلسطين، لكن من الإجرام تشويه وعيهم وتكييفه بما يناسب المنبطحين، وتصوير الطفل الفلسطيني الحامل للحجارة عدواً لهم.

كما أوردت المدرسة ما يلي: خرج علينا السيد امزازي وزير التعليم، بتدوينة تكاد تملك جناحين للطيران فرحاً بما حققه من «إنجازات» وما سيحقق من خلال لقاء عبر الإنترنت بوزير التعليم الصهيوني. ونقل إلينا بحبور تأكيد نظيره على «أهمية التعاون في قطاع التعليم لإبراز التاريخ العريق الذي يربط بين البلدين».

وأضافت: نعم، هكذا تحدث السيد الوزير عن «بلدين» كما لو كانت «إسرائيل» أيضاً بلداً ككل البلدان و«عريقة» أيضاً تضرب جذورها في التاريخ، وهي التي يوجد في فلسطين شيوخ مفاتيح بيوتهم أقدم منها. هكذا بكل بساطة، يريد وزير التعليم تجنيدنا كرجال ونساء للتعليم لنشارك في عملية قيصرية نجعل من خلالها التاريخ يلد رغماً عنه «عراقة» صهيونية و«مجداً» لقيطاً ونربيه مع أطفالنا.

واستطردت قائلة: نعم يا سادة، تحدث السيد الوزير عن «مشاريع مشتركة» مع الصهاينة، وطبعاً لن ينفذها الوزير وحده، بل يريدنا أن نكون نحن وتلاميذنا وأبناؤنا أدواتها؛ فالسيد الوزير نقل إلينا رغبة رومانسية أخرى عبر عنها نظيره متمثلة في تبادل الزيارات بين «تلاميذ البلدين» وترسيخ «قيم التسامح والعيش المشترك». طبعاً، فالمطلوب منا هو ترسيخ قيم مسامحة الصهيونية على جرائمها في وعي أطفالنا، وتفريخ جيل من «الواقعيين» المنقلبين على أدبارهم بدعوى ضرورة البحث عن أراضي المغرب الضائعة في تدوينات الحمقى من رؤساء الدول. وطبعاً هذه الرغبة الصهيونية في مضاجعة وعي أطفالنا البريء يحكمها اعتقاد راسخ لدى هذا الصهيوني بأننا هنا في فصولنا رهن إشارة جده هرتزل ولا أخلاق لنا غير رقم التأجير.

ووجهت صاحبة التدوينة كلامها إلى وزير التعليم مؤكدة: «أنا كمدرسة، لن أكون أبداً جزءاً من مشاريعكم المشتركة مع الكيان الصهيوني. لن أقول للأطفال أبداً بأن تاريخاً يربط تاريخ أجدادهم بالصهيونية. لم يكن مقاوم الاستعمار الفرنسي موحى وحمو الزياني يعرف هرتزل. لم يكن عبد الكريم الخطابي يعرف هرتزل، بل كان يعرف جمال عبد الناصر عدو الصهيونية».

وتابعت موضحة: «سأستغل فتح هذا الملف في المؤسسات التعليمية لأخبر التلاميذ بأن إسرائيل لا تمثل الديانة اليهودية أبداً، بل تستغل الديانة اليهودية لإعطاء شرعية لنفسها ككيان احتلال. وأن قبول الديانة اليهودية يدخل في سياق قبول كل الديانات الأخرى وقبول الاختلاف العقائدي عامة، ولا يعني أبداً التسامح مع الحركة الاستعمارية الصهيونية المبنية على سرقة أرض الآخرين، وبالتالي آخر من يمكن التنسيق معه للدفاع عنه هو كيان عنصري كإسرائيل».

في الاتجاه ذاته، ندد الأمين العام «للمرصد المغربي المناهض للتطبيع» عزيز هناوي، بالاتفاق الذي تم بين وزيري التعليم المغربي والإسرائيلي، حول إطلاق برامج لتبادل الطلاب و»توأمة مدارس ثانوية». مؤكداً أن هنالك محاولة لتمرير أجندات الاستعمار الثقافي ومخططات الصهينة بغسيل أدمغة تلاميذ المدارس العمومية.

وقال في تدوينة على حسابه في «فيسبوك» إن «الهرولة عندما تتجاوز التطبيع إلى الصهينة التعليمية.. الأمر لم يعد «مجرد مكتب اتصال» تحت غطاء تغريدة ترامب والصحراء، بل الحكاية يبدو أنها عملية قرصنة شاملة لتاريخ وهوية وموقع وموقف المغرب عبر أدوات يتم تنصيبها خارج العملية الانتخابية الديمقراطية والمبتورة من رحم الشعب، ليتم عبرها تمرير أجندات الاستعمار الثقافي الفرنكفوني ومخططات الصهينة التطبيعية بغسيل أدمغة تلاميذ المدارس العمومية».