طالبت منظمات وجمعيات حقوقية وأحزاب المعارضة في المغرب بوضع آليات توقف تضارب المصالح وإعادة طرح مشروع القانون حول تجريم الإثراء غير المشروع الذي سحبته الحكومة الحالية من البرلمان.
من جهتها ، قال رئيس الكتلة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” بالبرلمان ،إن المغاربة كانوا ينتظرون من رئيس الحكومة إجراءات مباشرة للحد من معاناتهم، وليس القول إنه لا يملك عصا سحرية.
وأوضحت الكتلة النيابية خلال جلسة الأسئلة الشفوية، بمجلس النواب، اليوم الاثنين، أن “المغاربة مقسحين من الغلاء المستمر والفظيع والمتواصل في المواد الأساسية”.
وأشارت أن معاناتهم تتضاعف عندما يعرفون بأن المستفيد الأكبر من هذه الأزمة هم الناس الذين يعيشون في وضعية تضارب المصالح، ومسؤولين كبار في الحكومة يستفيدون منها.
ولفتت إلى أن معاناة المغاربة تتضاعف لأنهم صدقوا الوعود الكاذبة والحالمة للحزب الذي يترأس الحكومة وحلفائه، وتتضاعف كذلك لأن الحكومة في برنامجها روجت للدولة الاجتماعية والآن هي ذاهبة في اتجاه تدمير الطبقة المتوسطة.
وأكدت أن الحكومة إن لم تكن قادرة على إبداع الحلول، فيجب أن تعترف للشعب المغربي بذلك، مشيرة أن كلفة تأخر الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة تهدد استقرار الوطن.
وتساءلت جمعيات ومنظمات حماية المال العام في الممكلة عن أسباب سحب حكومة الملياردير “عزيز أخنوش” قانون محاربة الإثراء غير المشروع من البرلمان من قبل الحكومة الحالية، هذا في الوقت الذي لم يوضح وزير العدل أسباب السحب ومتى سيعاد النظر فيه من أجل محاربة الإثراء غير المشروع.
وأكدوا أنّ المبررات التي قدمت من أجل سحب مشروع قانون تجريم الإثراء غير المشروع من قبل وزير العدل كانت فضفاضة، مؤكداً أن ذلك يطرح تساؤلات عن دور المؤسسات التي يؤول إليها التشريع.
وذهبوا إلى أن هناك العديد من القوانين التي جمدت في الأعوام الأخيرة، في الوقت نفسه التي تتسم بالضعف مثل القانون الخاص بحماية المبلغين.
وأكدت جمعية محاربة الرشوة في دراساتها في الأعوام الأخيرة، أن الفساد أضحى نسقياً، معتبرة أنه لم يتحقق تقدم كبير في محاربته بحسب رسم الاستراتيجية الوطنية التي اعتمدت منذ أكثر من ستة أعوام والخطاب المناهض للفساد.
وشددت على أنه يجب مقاربة الرشوة عبر تأثيرها بالنمو، حيث إن له تأثيرات على المدى البعيد، حيث تعتبر أن الفساد يساهم في إضعاف وتيرة النمو الاقتصادي، حيث يكبح الاستثمار الخاص، كذلك يؤثر بالاستثمار الذي تنجزه الدولة ومؤسساتها.
وكان البشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، قد أعلن أن ترتيب المغرب لم يتطور في مؤشر إدراك الرشوة العالمي، حيث تحدث عن مجموعة من المعوّقات التي تحول دون الحد من تفشي الرشوة، حيث يشدد على صعوبة الإلمام بالسياسات العمومية وسيادة اقتصاد الريع.
تشير التقديرات إلى أن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني حوالى خمسة مليارات دولار، أي حوالى 5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، علماً بأن متوسط النمو الاقتصادي لا يتعدى 3 في المائة.
وتعتبر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن التقديرات تشير إلى أنّ الفساد يمثّل ما بين 2 و5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، غير أنها تشدد على أنه يصعب توفير بيانات دقيقة حول حجم تأثير تلك الآفة على الاقتصاد الوطني.
ويتصور خبراء أن الفساد يمكن أن يكون من معوّقات النموذج التنموي، حيث يشجع القطاع غير الرسمي واقتصاد الريع ويؤثر في قدرات الفاعلين الاقتصاديين ويفضي إلى ضعف النشاط وانتشار البطالة.
وتعتبر الهيئة أن “إعادة بناء الثقة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مجهود وطني قوي ومكثف لتحقيق بؤر الفساد وتحجيم آثاره السلبية على التنمية، وخصوصاً انعكاساته على تقادم الفوارق الاجتماعية والترابية”، مشددة على أن تدعيم الحوكمة وقواعد النزاهة، تعدان ركيزتين حاسمتين من أجل سيادة دولة القانون.