أكد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، اليوم الإثنين، أن مصالح الوزارة تعمل بتنسيق مع السلطات الأمنية الوطنية على مراقبة محيط المؤسسات التعليمية وتطهيرها من كل الأنماط الإجرامية.
الغريب واللافت للنظر أنَّ نوابَ الأغلبية الحاكمة في المغرب تسائل وزيراً عن حزب “التجمع الوطني للأحرار” برئاسة الملياردير “عزيز أخنوش”.
وقال أفاد الوزير، رداً على سؤال شفوي بمجلس النواب لفريق التجمع الوطني للأحرار، أنه وفقا لحصيلة عمل الفرق المختلطة المكلفة بمراقبة محيط المؤسسات التعليمية خلال الفترة ما بين يناير ومارس2022، فقد بلغ عدد القضايا المنجزة في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات حوالي 120 قضية مع توقيف 1270 شخصا منهم 53 قاصرا.
وأوضح بنموسى أن الوزارة تعتمد على إدماج مفاهيم محاربة التعاطي والإدمان على المخدرات في المناهج الدراسية، والتحسيس والتوعية والتربية من خلال تنظيم أنشطة المهارات الحياتية، علاوة على مقاربة التثقيف بالنظير داخل النوادي الصحية والتكوين في مجال محاربة التدخين والمخدرات.
وأشار إلى أن عدد المستفيدين من الحملات التحسيسية المنجزة بتعاون المصالح الأمنية بلغ أزيد من 243 ألف تلميذا وأكثر من 960 جمعية.
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن قرابة 50 في المئة من التلاميذ استهلكوا مواد مخدرة وخصوصا الحشيش أو القنب الهندي وأيضا الأقراص المخدرة أو حبوب الهلوسة، وأن لهذا الاستهلاك علاقة كبيرة بانتشار الجريمة في الوسط المدرسي في السنوات الأخيرة. وتؤكد الإحصائيات ذاتها على أن 40 في المئة من المستهلكين هن من الإناث اللواتي بتن يجدن في الإعداديات والثانويات مكانا آمنا للإفلات من عين الرقيب العائلي الذي يكون عادة بالمرصاد لكل حيف.
وتفيد الإحصائيات أن الفئة العمرية الأكثر استهلاكا لهذه المواد هي التي تتراوح أعمارها بين 13 و18 سنة وهي فئة المراهقين التي لم تعد تجد في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية الرقابة الصارمة التي كانت تتوفر في السابق. والقنب الهندي هو الأكثر استهلاكا في صفوف التلاميذ تليه الأقراص المخدرة ويقوم بترويج هذه المواد أحيانا تلاميذ يعملون لصالح مروج محترف مقابل حفنة من المال وقد تم القبض على حالات كثيرة والحصول على اعترافات.
وتفيد الإحصائيات المذكورة أن هناك من التلاميذ من استهلك أيضا مادتي الكوكايين والهيرويين ومن أقبل على الحقن المخدرة دون تقديم تفاصيل عن كيفية الحصول على هذه المواد عالية الثمن والتي لا قبل للتلميذ عديم الدخل بها. وتنتشر أيضا في صفوف التلاميذ ظاهرة استنشاق روائح بعض المواد المصنعة المستخرجة من البترول بهدف الشعور بالانتعاش والغياب عن الوعي، وهي طريقة تتماشى مع القدرة المالية للتلميذ.
جميعا نعلم أن التلميذ في سن المراهقة عادة ما يميل إلى التمرد على السائد والمألوف ويستهويه كل ما هو ممنوع ومحرم ويشعره بأنه صاحب قرار مستقل ولم يعد ذلك الطفل الذي تفرض عليه العائلة والمجتمع قيودها الخانقة. لذلك يسهل، على صاحب هذه الشخصية التي هي في طور التشكل أن يقع فريسة لإدمان المخدرات التي إما يدخنها “مثل الكبار” فيشعر أنه “كبير” أو يبتلعها أو يشمها أو يحقنها في تحد صارخ للأب “القهار” أو الأم “اللجوجة” التي لا تكف عن تضييق الخناق وكذلك المدرس الذي “يصم الآذان” (من منظور المراهق) بالحديث عن مكارم الأخلاق كلما كانت الفرصة سانحة.
كما “يميل المراهقون عادة إلى تقليد بعضهم، وكلما أتى أحدهم ببدعة سارعت الأغلبية إلى النسج على منواله والاقتداء به خصوصا إذا تعلق الأمر بمجموعة متماسكة وأفرادها قريبون من بعضهم البعض. ولعل هذا ما يفسر انتشار ظاهرة استهلاك المخدرات في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية انتشار النار في الهشيم.
فشخصية التلميذ المراهق هشة وضعيفة وعادة ما تفعل المؤثرات الخارجية فعلتها فيها فتتقاذفها يمينا وشمالا خاصة إذا لم تجد التأطير اللازم والرقابة على السلوك من قبل العائلة. وكم من حالة تم تسجيلها دفع فيها الأبوان الثمن غاليا بسبب الغفلة المؤقتة على ابنهما المراهق أو ابنتهما المراهقة الذي أنساق أو التي انساقت لا إراديا مع التيار الجارف”.
ومن أسباب انتشار المخدرات في المدارس والمعاهد حسب خبراء، تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وكثرة المشاكل العائلية وفي حالات كثيرة الانفصال بين الأبوين. فيجد التلميذ، وفي رأيهم في المخدرات ملاذا آمنا وهروبا من الواقع المرير، من الفقر المدقع والآفاق المسدودة وغياب الأمل، وهروبا من الصراخ المستمر والعراك بين الأبوين أو بينهما وبين باقي أفراد الأسرة المتفككة مع غياب تام للتأطير والرقابة من المدرسة التي تخلت عن دورها التربوي في السنوات الأخيرة.
حلول
ويرى محمد درغام رجل القانون والباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق في حديث سابق، أن الحل الأمني يعتبر قاصرا على معالجة هذه الظاهرة خاصة وأن الأمر يتعلق بطفل قاصر. فلو سلطنا، بحسب محدثنا، خطية مالية على المستهلك فإن والد الطفل أو والدته هما من سيعاقبان في النهاية بدفع مبلغ الخطية ولن يردع هذا الطفل المستهلك للمخدرات، وإذا فرضنا عقوبة سالبة للحرية فإننا سنفتح باب الإجرام على مصراعيه لهذا الطفل خاصة وقد أثبتت التجربة ان السجون المغربية لا تردع وإنما هي مدارس للجريمة ومن يدخلها يغادرها أكثر عدوانية.
ويضيف: “وجب أن تتظافر جهود الجميع لمعالجة هذه المعضلة بداية من العائلة ثم المدرسة وصولا إلى الدولة التي عليها ان تراقب مسالك توزيع هذه المواد وتلاحق المروجين الكبار الذين يقومون بإيصال هذه السموم إلى الأطفال. كما أن على الدولة أن تكثف من الأنشطة الثقافية والرياضية وتدعم الجامعات الوطنية الرياضة الجادة وليس التي تتجار في الرياضة وأن تنسق مع منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالطفولة للخروج من هذا المأزق الذي يهدد الإنسان المغربي في وجوده.
https://www.maghrebalaan.com/بين-المخدرات-والتطرف-يضيع-شبابنا-السل/