في قلب الرباط، العاصمة المغربية التي تُعرف بجمالها المعماري وتاريخها العريق، تشهد منطقة “غربية” على أطراف المدينة مشهدًا مأساويًا: منازل تُهدم، عائلات تُطرد، وأسئلة تطفو على السطح دون إجابات واضحة.
عمدة الرباط، فتحية المودني، تصر على أن هذه العمليات تتم “لمصلحة الوطن”، لكن الساكنة والمتتبعين يطرحون علامات استفهام كبيرة.
هل نحن أمام مشروع تنموي حقيقي؟ أم أن هذه العمليات تخفي وراءها مصالح أخرى؟ لنغوص في تفاصيل هذا الملف الشائك، الذي يمس حياة العشرات من العائلات ويُثير جدلاً واسعًا.
“لمصلحة الوطن”: خطاب العمدة بين التبرير والغموض
في ندوة صحافية حاولت فيها تبرير عمليات الهدم، أكدت فتحية المودني أن هدم حي غربية “لا يدخل في إطار تصميم التهيئة”، بل هو نتاج “علاقة تعاقدية بين البائع والمشتري”. لكنها لم تكشف عن الجهة التي تقوم بشراء الأراضي بعد التفاوض مع الملاك وطرد المستأجرين.
هذا الغموض أثار تساؤلات كثيرة: من هو المشتري؟ وما هي طبيعة المشروع الذي سيُقام على أنقاض المنازل المهدمة؟ العمدة لم تقدم إجابات، بل اكتفت بالقول إن العملية تتم “بالتراضي”، دون أن توضح كيف يتم هذا التراضي في ظل شكاوى السكان من الترهيب والإجبار.
الصحة والسلامة أم مصالح ضيقة؟
ذهبت المودني أبعد من ذلك، مؤكدة أن الهدف من الهدم هو “توفير ظروف الصحة والسلامة للساكنة”. وأضافت: “هؤلاء لهم الحق في المسكن، ونحن نسعى للحفاظ على كرامة الساكنة.”
لكن هذه التصريحات تصطدم بواقع مرير يعيشه سكان الحي، الذين يؤكدون أن رجال السلطة قاموا بترهيبهم لإفراغ منازلهم وبيع عقاراتهم. فكيف يمكن التوفيق بين خطاب الحفاظ على الكرامة وممارسات الترهيب؟
جهة خليجية أم مزايدات سياسية؟
أحد أكثر النقاط إثارة للجدل هو الحديث عن وجود جهة خليجية مستفيدة من عمليات الهدم. هنا، كانت ردود المودني حاسمة: “لمن يقول إن هناك جهات أجنبية، أجيبهم الآن: لا يوجد أي شيء.”
لكن هذه التأكيدات لم تقنع الجميع، خاصة في ظل غياب الشفافية حول الجهة المشترية. هل نحن أمام محاولة لإسكات الأصوات الناقدة؟ أم أن العمدة تحاول حماية مصالح وطنية حقيقية؟
الرباط والتظاهرات الدولية: هل الهدم جزء من التحضيرات؟
ربطت المودني عمليات الهدم بالاستعدادات لتنظيم تظاهرات دولية وعالمية في الرباط، مؤكدة أن ما يحدث في غربية “لمصلحة الوطن”. لكن هذا التبرير يطرح أسئلة أخرى: هل يعني ذلك أن سكان الحي يجب أن يضحوا بمنازلهم من أجل استضافة فعاليات دولية؟ أين العدالة في ذلك؟
معاناة الساكنة: أصوات تُغيّب
وسط كل هذه التصريحات، يبقى صوت الساكنة هو الأكثر غيابًا. عائلات تُفقد منازلها، أطفال يُجبرون على ترك مدارسهم، وحياة تُقلب رأسًا على عقب. هل يمكن أن تكون “مصلحة الوطن” على حساب معاناة المواطنين؟
خاتمة: أين الحقيقة؟
في النهاية، تبقى الأسئلة معلقة في الهواء: ما هي الحقيقة الكامنة وراء هدم حي غربية؟ هل هي فعلاً لمصلحة الوطن، أم أن هناك مصالح أخرى تختبئ وراء هذا الخطاب؟
خطاب العمدة، رغم محاولاته التبريرية، لم يقنع الجميع. فتحية المودني تؤكد أن العملية تتم “بشفافية”، لكن غياب المعطيات الملموسة يترك الباب مفتوحًا للتساؤلات والشكوك.
أسئلة تبحث عن إجابات:
-
من هي الجهة التي تشتري أراضي حي غربية؟
-
كيف يمكن التوفيق بين مصلحة الوطن وحقوق الساكنة؟
-
هل ستكشف السلطات عن تفاصيل المشروع الذي سيُقام على أنقاض الحي؟