هدم منازل في الرباط يتحول إلى قضية دولية.. فاروق المهداوي يتصدى للتهجير القسري في حي المحيط – من المستفيد؟

0
283

في قلب الرباط، حيث تتقاطع الأزقة العتيقة بذكريات أجيال لم تعرف وطناً غير حي المحيط، يعلو صوت الجرافات على أنين الجدران العتيقة، ويختلط الغبار بحسرات سكان يُجبرون على ترك منازلهم تحت غطاء “البيع الطوعي”. وسط هذا المشهد، يقف فاروق المهداوي، كصوت لا يلين في مواجهة ما أسماه بـ”التهجير القسري”، مدافعاً عن حق السكان في البقاء، ورافضاً طمس تاريخ المدينة لصالح مشاريع عقارية مجهولة المستفيد.

فهل ينتصر صوت السكان، أم أن المال والسلطة سيحسمان المعركة على حساب الذاكرة والمصير؟

في حلقة مثيرة من برنامج “وجهاً لوجه” على قناة فرانس 24، تم مناقشة عمليات هدم المنازل في حي المحيط بمدينة الرباط، والتي أثارت جدلاً واسعاً بين الحقوقيين والسياسيين. العمليات التي وصفها نشطاء بأنها “تهجير قسري مقنع”، وجاءت على لسان العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ألقت الضوء على ما اعتبره المعارضون ضغوطاً غير قانونية تمارس على السكان. في المقابل، حاول ضيوف الحلقة الدفاع عن الشرعية القانونية لهذه الإجراءات. من بين هؤلاء، كان المناضل فاروق المهداوي، مستشار عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي أصر على أن هذه العمليات تمثل تهجيراً قسرياً، بينما حضر أيضاً الكارح بوسالم، الذي تم تقديمه كـ “مدير العلاقات العامة والإعلام بالاتحاد العربي للبناء والتنمية العقارية”، رغم أنه ادعى أنه “صحفي دولي”، وهو ما أثار تساؤلات حول مصداقيته، خاصةً أنه لم يوضح أنه صحفي مغربي معترف به من طرف المجلس الوطني للصحافة.

المنظور الحقوقي: من أبرز المشاركين في النقاش كان فاروق المهداوي، الذي وصف عمليات الهدم بأنها جزء من “تهجير قسري” للسكان تحت غطاء “البيع الطوعي”. المهداوي، الذي يمثل المعارضة في مجلس مدينة الرباط، أكد أن المنازل التي طالها الهدم في حي المحيط تمثل جزءاً من التراث التاريخي للمدينة، مشيراً إلى أن بعض المنازل تجاوز عمرها المئة عام، وكان من الأفضل ترميمها وتحويلها إلى مواقع سياحية بدلاً من هدمها. وأكد أن هذه العمليات تهدف إلى تصفية التاريخ المحلي لصالح مشاريع عقارية قد تستفيد منها جهات خاصة.

أسئلة قانونية:

  • هل كانت هذه العمليات تتم بموافقة المواطنين فعلاً، أم أن هناك ضغوطاً غير معلنة؟

  • لماذا لم تتم حماية المباني التاريخية؟ وهل كان من الممكن دمجها في خطط التنمية المحلية؟

  • هل توجد آلية قانونية تكفل حقوق السكان المتضررين؟ وما هي حقوقهم في ظل هذه الإجراءات؟

الموقف الحكومي: من جهة أخرى، كان الضيف الآخر في الحلقة، الكارح بوسالم، الذي قدم نفسه كـ “صحفي دولي” دون أن يشير إلى كونه صحفي مغربي معترف به من طرف المجلس الوطني للصحافة. هذا الأمر أثار تساؤلات حول مصداقيته، خاصة في سياق موضوع حساس مثل هذا.

بوسالم دافع عن الإجراءات، مؤكداً أنها تمت وفقاً للخطط المعتمدة والمتفق عليها في المجالس الجماعية. وأضاف أن هذه العمليات تمّت بناءً على “تصميم التهيئة” الذي تم التصويت عليه قانونياً من قبل المجلس الجماعي وتوافقت عليه الوزارات المعنية.

أسئلة بخصوص الحضور الإعلامي:

  • لماذا لم يتم توضيح وضع الكارح بوسالم الصحفي بشكل دقيق؟ وهل هناك معايير تحدد من يمكن أن يمثل الصحافة الوطنية في هذا النوع من النقاشات؟

  • كيف تؤثر غياب بعض الأطراف الحكومية في هذه النقاشات على مصداقية الردود على الاتهامات؟

التحليل السياسي والاجتماعي: إن الجدل حول عمليات الهدم في حي المحيط ليس مجرد قضية قانونية، بل هو معركة على المصالح والحقوق. بينما تعتبر السلطات أن هذه الإجراءات قانونية، يرى المعارضون أن هناك مصالح خفية وراء هذه القرارات، ولا سيما مع ظهور الحديث عن ضغوط على السكان للتخلي عن ممتلكاتهم لصالح مشاريع عقارية قد تخدم جهات خاصة. مع ذلك، تبقى تساؤلات كبيرة حول كيف يمكن تحسين هذه العمليات لتشمل المزيد من الشفافية وتمنح المواطنين الفرصة للمشاركة الفعلية في القرارات التي تؤثر على حياتهم.

التداعيات المستقبلية: القضية ليست مجرد صراع حول منزل أو قطعة أرض، بل تتعلق بمستقبل المدينة نفسها. كيف يمكن للسلطات أن توازن بين عملية تحديث المدن والحفاظ على التراث التاريخي؟ هل ستكون هناك سياسات أكثر شفافية واعترافاً بحقوق المواطنين في المستقبل؟

خاتمة: كما يظهر من خلال هذه النقاشات، فإن عمليات هدم حي المحيط في الرباط تثير العديد من الأسئلة حول شرعيتها وأهدافها.

وبينما يستمر الجدل حول “التهجير القسري” وحماية التراث، تبقى الحاجة إلى مزيد من النقاش المستنير والمشاركة الفعالة من جميع الأطراف لتحقيق تنمية مستدامة تحترم حقوق السكان وتحافظ على تاريخهم.