“هل أصبح الاحتجاج جريمة؟ قصة سعيد أيت مهدي وزلزال الحوز الذي كشف المستور”

0
89

في ظل تداعيات زلزال الحوز وما خلفه من أزمات إنسانية واجتماعية، تبرز قضية سعيد أيت مهدي، رئيس تنسيقية ضحايا زلزال الحوز، كاختبار حقيقي لمدى التزام المغرب بحرية التعبير والحق في الاحتجاج.

اعتقاله أثار جدلًا واسعًا حول شرعية مطالباته وحقه في كشف معاناة المتضررين، وسط اتهامات بأن اعتقاله محاولة لإسكات صوت المطالبين بالعدالة الاجتماعية.

جذور القضية: صوت المظلومين يُحاصر

بدأت فصول هذه القضية يوم 11 ديسمبر 2024، عندما رفع عامل إقليم الحوز شكاية ضد سعيد أيت مهدي، مستندًا إلى فيديوهات وصور منشورة على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي. الوثائق المرفقة بالشكاية تضمنت تسجيلًا لوقفة احتجاجية أمام مقر عمالة تحناوت، حيث رُفعت شعارات تندد بالرشوة والمحسوبية وتنتقد بطء عملية الإعمار والدعم.

مطالب أيت مهدي: دعوة للشفافية أم تحدٍ للسلطة؟

كان سعيد أيت مهدي واضحًا في أهدافه، إذ طالب بـ:

  • التحقيق في توزيع الدعم: أكد أيت مهدي في أحد الفيديوهات أن هناك مستفيدين لا يستحقون الدعم، بينما تم إقصاء المتضررين الفعليين.

  • الإسراع بإعادة الإعمار: شدد على ضرورة معالجة أوضاع المتضررين الذين لا يزالون يعيشون في الخيام بعد مرور أكثر من عام ونصف على الزلزال.

  • تعزيز المقاربة التشاركية: اقترح تعيين مسؤول حكومي يتحاور مع السكان ويتابع مشاريع إعادة الإعمار بشفافية.

هل كانت هذه المطالب تتعارض مع المصلحة العامة، أم أنها جاءت كصرخة لإنصاف المتضررين؟

ازدواجية التعامل مع الاحتجاج: مركز مقابل هامش

أثارت اللجنة الوطنية للتضامن مع أيت مهدي تساؤلات حول اختلاف التعامل مع الاحتجاجات بين المناطق المركزية والهامشية. فالشعارات التي رفعها أيت مهدي أمام العمالة هي ذاتها التي تُردد يوميًا أمام البرلمان في الرباط دون أن يتعرض المحتجون لأي مساءلة.

  • لماذا تُعتبر الاحتجاجات في العاصمة حقًا مشروعًا، بينما تُقمع في المناطق النائية؟

  • هل يعكس هذا الواقع تمييزًا مجاليًا حتى في الحقوق الأساسية كالتعبير والاحتجاج؟

الاعتقال: قانوني أم سياسي؟

وصفت اللجنة اعتقال سعيد أيت مهدي بالتعسفي، مؤكدة أنه يهدف إلى إسكات صوته بعد أن وثّق بالصوت والصورة معاناة المتضررين. واعتبرت أن التهم الموجهة له، ومنها السب والقذف والتحريض على الاحتجاج، تفتقر إلى أدلة قاطعة أو شهود محايدين.

القضية في ميزان العدالة

يتزامن اعتقال أيت مهدي مع شكايات متعددة تقدم بها أعوان سلطة وقائد تلات نيعقوب، مما أثار الشكوك حول وجود حملة منظمة لإضعاف نشاطه الحقوقي.

  • لماذا تم استهداف أيت مهدي وحده، بينما كان هناك محتجون آخرون رفعوا الشعارات ذاتها؟

  • هل يمكن اعتبار هذا الاعتقال محاولة لطمس الحقائق المتعلقة بتوزيع الدعم وإعادة الإعمار؟

الرسائل الأعمق: حينما يتحول الاحتجاج إلى جريمة

قضية أيت مهدي تسلط الضوء على معضلة أعمق تتعلق بتوازن السلطة وحقوق المواطنين، لا سيما في المناطق التي تعاني من الهشاشة.

  • كيف يمكن للدولة أن تحقق التوازن بين حفظ النظام العام وضمان حرية التعبير؟

  • ما هي الضمانات التي يجب توفيرها للنشطاء الحقوقيين حتى يتمكنوا من أداء دورهم دون خوف من الملاحقة؟

الختام: هل سينصف التاريخ سعيد أيت مهدي؟

بينما يواصل نشطاء حقوقيون المطالبة بإطلاق سراحه، تبقى قضية أيت مهدي رمزًا لنضال الإنسان البسيط في وجه سلطة يراها البعض متغطرسة وغير منصفة. هل ستُعيد العدالة الاعتبار له، أم ستظل أصوات الضحايا معلقة في فضاء من التهميش والصمت؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد ليس فقط مستقبل سعيد أيت مهدي، بل أيضًا مصير حق الاحتجاج والتعبير في المغرب.