“هل الدراجة والمشي يُهددان الاقتصاد أم يُنقذان الكوكب؟”

0
77

في تصريح صادم أثار جدلًا واسعًا، قال الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الكبرى إن ركوب الدراجة والمشي ليسا مفيدين للاقتصاد، بل إنهما يمثلان “موتًا بطيئًا” له.

هذا الرأي المثير يدفعنا للتفكير في التناقض بين المصالح الاقتصادية قصيرة المدى والصحة العامة واستدامة الموارد. فهل يمكن فعلاً أن تكون الأنشطة الصحية والبسيطة كالرياضة تهديدًا للاقتصاد؟

اقتصاد الدراجة: وجهة نظر اقتصادية مثيرة للجدل

وفقًا للرئيس التنفيذي، راكب الدراجة لا يساهم في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية:

  • لا يشتري السيارات ولا يتحمل تكاليف قروضها.

  • لا يستهلك الوقود، مما يضعف عائدات قطاع الطاقة.

  • لا يحتاج إلى الصيانة الدورية للسيارات أو التأمين عليها.

  • لا يُنشئ طلبًا على مواقف السيارات أو مشاريع الطرق الضخمة.

الآثار الاقتصادية للصحة الجيدة

الرأي الأكثر استفزازًا جاء عندما أشار المتحدث إلى أن الأشخاص الأصحاء يُشكلون “عبئًا” على الاقتصاد. فهم:

  • لا يشترون الأدوية بكميات كبيرة.

  • لا يزورون الأطباء والمستشفيات.

  • لا يساهمون في دعم الصناعات المرتبطة بالسمنة وأمراض القلب، والتي تُعد محركًا اقتصاديًا مهمًا في بعض الدول.

هل هذا منطق أم تضليل؟

هذه النظرة تستند إلى منطق أن الاستهلاك والإنفاق المحفز للاقتصاد هو ما يخلق النمو. لكن:

  1. ماذا عن التكاليف طويلة المدى؟
    الصناعات التي تعتمد على أمراض القلب والسمنة والأزمات الصحية مكلفة للدول. الإنفاق على العلاج والوقاية يُشكل عبئًا كبيرًا على الموازنات الوطنية، ويُفقد القوى العاملة إنتاجيتها.

  2. الدراجة والمشي: استثمارات مستدامة
    حين يركب الناس الدراجة أو يمشون، فإنهم يساهمون في تقليل التلوث، خفض أزمات المرور، وتقليل الضغط على أنظمة الصحة العامة. هذه الفوائد لا تُحتسب بسهولة في الناتج المحلي الإجمالي لكنها ذات أهمية استراتيجية.

  3. الاقتصاد الأخضر يطرح نموذجًا مختلفًا
    بينما ينتقد البعض تأثيرات “الدراجة والمشي”، فإن الاقتصاد الحديث يتجه نحو الاستدامة. هل يمكن أن يُعاد تشكيل الاقتصاد ليُكافئ السلوكيات الصحية بدلًا من الاعتماد على استدامة الأزمات؟

ما هي التحديات التي يواجهها الاقتصاد الجديد؟

  • إعادة توجيه الصناعات: الانتقال من نموذج الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الأخضر يتطلب إعادة هيكلة قطاعات مثل النقل والطاقة والصحة.

  • الإدراك العام: إقناع الشعوب والحكومات بأن الربح الحقيقي يكمن في صحة المواطنين واستدامة الموارد، وليس فقط في تحقيق مكاسب قصيرة المدى.

أسئلة تفرض نفسها

  • هل الاقتصاد الحالي مرن بما يكفي لتبني التحولات الصحية والبيئية؟

  • كيف يمكن للحكومات أن تُشجع النشاط البدني المستدام دون الإضرار بالقطاعات الاقتصادية التقليدية؟

  • هل يُمكن أن تُصبح الدراجة والمشي رموزًا لاقتصاد جديد قائم على الاستدامة، بدلًا من النظر إليهما كتهديد؟

خلاصة: إعادة التفكير في الأولويات

الدراجة والمشي لا “يُدمران الاقتصاد”، بل يدعوان إلى إعادة التفكير في هيكلية الاقتصاد وأهدافه.

هل يجب أن يُبنى النمو الاقتصادي على استدامة الأزمات الصحية، أم على صحة المواطن واستدامة الكوكب؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج الجميع إلى الإجابة عنه.