هل تتحول قاعدة بيانات الدعم الاجتماعي إلى أداة انتخابية؟ سؤال يحرج الحكومة ويكشف ثغرات الحكامة

0
88

في سياق يزداد فيه الجدل حول الشفافية في تدبير برامج الحماية الاجتماعية بالمغرب، طرحت البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالاً كتابياً موجهاً لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، تطالبه فيه بتوضيحات حول طبيعة العلاقة السياسية والمهنية التي تربطه بمديرة الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، وما إذا كانت هناك شبهات باستغلال هذه المؤسسة الحساسة لأغراض انتخابية أو سياسية.

الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، التي أُنشئت في إطار تنزيل الورش الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية، تُعنى بإدارة قاعدة معطيات دقيقة وواسعة حول ملايين الأسر المغربية المستفيدة من برامج الدعم المباشر، مثل “تيسير” و”راميد” و”دعم الأرامل”. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول حياد هذه المؤسسة وحصانة معطياتها ضد أي استغلال محتمل.

فهل هناك ما يبرر فعلاً التخوف من تسييس العمل الاجتماعي؟ وهل يستطيع المواطن المغربي أن يطمئن إلى أن المساعدات الاجتماعية لا تُستخدم كورقة ضغط انتخابية، خاصة في ظل هشاشة الثقة العامة في الفاعلين السياسيين؟

غموض في التعيينات وتقاطعات المصالح؟

في قلب هذا الجدل، تشير التامني إلى ما تعتبره “شبه تضارب مصالح” بين رئيس الحكومة ومديرة الوكالة، في غياب معايير شفافة لتعيين المسؤولين في مناصب استراتيجية. ويُعيد هذا الطرح إلى الواجهة النقاش القديم الجديد حول منطق الولاءات مقابل الكفاءة في تعيين الأطر العليا بالمؤسسات العمومية.

وإذا ما ثبت وجود علاقات ذات طابع سياسي أو مهني مؤثر بين المسؤولين، فهل يُعد ذلك خرقاً لمبادئ الحكامة الجيدة التي نص عليها دستور 2011، والتي تقتضي المساواة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى المسؤوليات العمومية؟ وهل يمكن الوثوق في أن سياسة الدولة الاجتماعية تسير بمنأى عن الحسابات السياسوية؟

التحديات الرقمية وحماية المعطيات الشخصية

جانب آخر لا يقل أهمية يتعلق بسلامة المعطيات الشخصية لملايين المغاربة الذين أصبحوا ضمن قاعدة بيانات الدعم الاجتماعي. فمن يضمن عدم توجيه هذه المعطيات في لحظات انتخابية حاسمة؟ وماذا تقول التقارير الوطنية، مثل تقارير اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP)، حول مستوى الحماية والتأطير القانوني لمثل هذه البيانات؟

في الدول الديمقراطية، يتم عزل الهيئات المسؤولة عن تقديم الدعم الاجتماعي عن أي تدخل سياسي مباشر، ويتم إخضاعها لرقابة صارمة من مؤسسات مستقلة. فهل يحقق النموذج المغربي هذا المستوى من الاستقلالية؟ أم أن الخيط بين السلطة السياسية والإدارة الاجتماعية لا يزال هشاً ومفتوحاً على التأويلات؟

أسئلة معلّقة في أفق انتخابات قادمة

يأتي هذا النقاش في وقت تقترب فيه الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وهو ما يزيد من حساسية الموضوع، ويدفع العديد من المراقبين إلى المطالبة بضمانات مؤسساتية تمنع أي توظيف سياسي للبرامج الاجتماعية، خصوصاً في الأوساط القروية والهشة، حيث تُعتبر المعونات الشهرية مورد العيش الوحيد للعديد من الأسر.

هل ستتجاوب رئاسة الحكومة مع السؤال الكتابي وتقدم معطيات شفافة للرأي العام؟ أم أن الصمت سيكون سيد الموقف، كما في قضايا مشابهة طويت دون مساءلة؟ والأهم: هل نحن أمام حالة فردية أم مؤشّر على اختلال هيكلي في كيفية تدبير الدولة الاجتماعية بالمغرب؟