في لقاء نظمه المجمع الشريف للفوسفاط بالمغرب، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابًا يسلط الضوء على قضايا المياه والزراعة في إفريقيا.
تأتي تصريحاته في وقت تواجه فيه القارة تحديات متزايدة مرتبطة بندرة المياه، وضعف البنية التحتية الزراعية، والاقتصاد غير الرسمي الذي يسيطر على جزء كبير من النشاط الزراعي. لكن ما الرسالة التي يريد ماكرون إيصالها لإفريقيا؟ وهل تقف تصريحاته عند حدود الدعوة للتعاون، أم أنها تخفي أجندة أعمق؟
غياب البنية التحتية الزراعية وضرورة نموذج زراعي جديد
أكد ماكرون على الحاجة إلى نموذج زراعي جديد في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مشيرًا إلى أن غياب البنية التحتية الزراعية المتقدمة في إفريقيا يعيق الاستفادة من الإمكانات الزراعية للقارة. وفقًا لماكرون، “إذا لم يكن هناك نظام زراعي أولي، فسيتجه رأس المال والمبتكرون إلى الدول التي تمتلك سلاسل إنتاج أكثر تطورًا”. هذا التصريح يثير تساؤلات حول رؤية ماكرون للدور الفرنسي في بناء هذه البنية التحتية:
-
هل يسعى ماكرون لفرض نموذج فرنسي على الزراعة الإفريقية؟
-
وهل يرى في إفريقيا مجرد سوق للابتكارات الفرنسية، أم شريكًا متساويًا في التنمية الزراعية؟
التحدي المائي وإشكالية الاستدامة
أعرب الرئيس الفرنسي عن مخاوفه من تأثير ندرة المياه على القطاع الزراعي في إفريقيا، محذرًا من أن غياب التعاون الدولي قد يمنع إيجاد حلول مستدامة لمشاكل المياه والري. أكد ماكرون على ضرورة بناء سلاسل إنتاج مستدامة، مشيدًا بالمبادرات التي أطلقها المجمع الشريف للفوسفاط. لكنه لم يحدد بوضوح الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا أو الاتحاد الأوروبي في دعم هذه الحلول:
-
هل سيقتصر الدعم الفرنسي على مبادرات محددة، أم سيتبنى نهجًا أوسع لإصلاح النظم الزراعية والمائية في إفريقيا؟
-
وما هي الضمانات التي يمكن تقديمها لضمان أن هذه الحلول لا تأتي على حساب سيادة الدول الإفريقية واستقلالية سياساتها الزراعية؟
التعاون مع المؤسسات الدولية وتحدي الاقتصاد غير الرسمي
تحدث ماكرون عن صعوبة بناء سلاسل إنتاج زراعي مستدامة في ظل الاقتصادات غير الرسمية التي تنتشر في إفريقيا. وأشار إلى مبادرات مثل مشروع “فارم” والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (FIDA) لدعم هذا التحول. لكن هذه التصريحات تطرح تساؤلات حول فعالية الدعم الخارجي في اقتصاد لا يزال يعتمد بشكل كبير على العمل غير الرسمي، حيث يفتقر الكثير من الأفارقة إلى وسائل التمويل والتدريب على تقنيات الزراعة الحديثة:
-
كيف يمكن تجاوز تحديات الاقتصاد غير الرسمي في إفريقيا للوصول إلى نظام زراعي مستدام؟
-
وهل يمكن للتعاون مع المؤسسات الدولية وحده تحقيق تغيير حقيقي، أم أن إفريقيا بحاجة إلى حلول محلية تستند إلى خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية؟
الاستفادة من خبرات المجمع الشريف للفوسفاط: نموذج للتعاون الإفريقي
في كلمته، أشار مصطفى التراب، الرئيس المدير العام للمجمع الشريف للفوسفاط، إلى أهمية التغذية المثلى للتربة عبر الاستخدام الموجه للأسمدة، مشيرًا إلى أن هذه الطريقة لا تزيد الإنتاجية فحسب، بل تساهم أيضًا في احتجاز الكربون داخل التربة. ورغم أن هذه الخبرة المغربية قد تثبت جدواها، إلا أن هناك تساؤلات حول إمكانات توسيعها لتشمل كامل القارة:
-
هل يمكن للمجمع الشريف للفوسفاط أن يقدم نموذجًا للتعاون الزراعي المستدام في إفريقيا؟
-
وما هي العوائق التي قد تواجه مثل هذه المبادرات، خاصة في ظل عدم توفر البنية التحتية الكافية والموارد اللازمة في العديد من الدول الإفريقية؟
السيادة الزراعية وأبعاد الهيمنة
أثارت تصريحات ماكرون حول بناء سلاسل إنتاج متكاملة أسئلة حول مدى استقلالية إفريقيا في تطوير نظامها الزراعي. فبينما يتحدث عن دعم فرنسا لإفريقيا، يتساءل البعض إذا ما كانت هذه المبادرات تندرج تحت إطار “الهيمنة الزراعية” التي تفرضها الدول الكبرى على دول الجنوب.
-
هل سيحترم ماكرون الخصوصيات الزراعية للدول الإفريقية، أم أن هذا الدعم سيأتي بشروط وقيود تفرض هيمنة فرنسية على القطاع الزراعي الإفريقي؟
-
وما هي الضمانات التي يجب أن توفرها الدول الإفريقية لضمان استدامة هذا التعاون دون التبعية؟
خاتمة: إلى أين يقود ماكرون التعاون الزراعي الإفريقي-الفرنسي؟
في ختام حديثه، شدد ماكرون على ضرورة التعاون الإقليمي لمكافحة التصحر والهجرة القسرية، مشيرًا إلى مشاريع تمتد من خليج غينيا إلى المغرب مرورًا بإثيوبيا. لكن هذا الطموح يطرح تساؤلات حول جدية هذا التعاون ومدى التزام فرنسا بوعودها تجاه القارة. فإفريقيا، التي عانت طويلًا من تدخلات الدول الكبرى، قد تحتاج إلى ضمانات حقيقية تثبت أن الشراكة الفرنسية-الإفريقية هي شراكة متكافئة تهدف لتحقيق التنمية المستدامة وليس مجرد امتداد للمصالح الفرنسية.
-
هل تنظر فرنسا إلى إفريقيا كشريك استراتيجي أم كسوق استثمارية؟
-
وهل يمكن لهذه المبادرات أن تساهم حقًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي لإفريقيا أم أنها مجرد وسيلة لجعل القارة تعتمد على التكنولوجيا والخبرة الفرنسية؟