مع اقتراب انتخابات 2026، عاد الجدل حول رفع عدد مقاعد مجلس النواب المغربي إلى الواجهة، وسط مطالب من بعض الهيئات السياسية لتعزيز التمثيلية النسائية والشبابية. لكن المصادر الرسمية تؤكد أن هذا المقترح “غير عملي وغير موضوعي”، واصفة إياه بأنه مظهر من مظاهر الاستهلاك السياسي، يستغل أحياناً لتلميع صور قيادات شبابية أو نسائية، من دون معالجة حقيقية لأداء النواب أو فعالية المؤسسة التشريعية.
الوضع الراهن للبرلمان المغربي
يضم مجلس النواب المغربي 395 نائباً منذ عام 2011، موزعين بين 305 مقاعد محلية و90 مقعداً للنساء والشباب. وتشير مصادر مطلعة إلى أن العدد الحالي لا يضمن حضوراً كافياً ولا مردودية عالية للبرلمان، إذ تُسجل ظاهرة الغياب المتكرر للنواب، حتى خلال جلسات مناقشة قوانين محورية وتاريخية.
الأستاذ الجامعي كمال الهشومي يرى أن الأزمة ليست في العدد، بل في الالتزام والحضور والمردودية التشريعية. بالمقابل، الباحثة مريم إبليل تؤكد أن البنية المادية للمجلس والمرافق الإدارية لا تتيح حالياً رفع العدد، وأن الأولويات يجب أن تكون تعزيز النجاعة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وليس توسيع التمثيلية اعتباطياً.
السياق الدولي ومعدلات التمثيلية
على المستوى الدولي، عدد 395 مقعداً لا يُعد استثنائياً مقارنة بعدد السكان (~38 مليون نسمة)، إذ يمثل كل نائب نسبة أدنى مما هو معمول به في دول مشابهة. التركيز المؤسساتي العالمي لا يكون على العدد وحده، بل على الفعالية التشريعية والنظام البرلماني المتوازن.
المغرب سبق أن انتقل من 306 مقاعد في 2002 إلى 395 في 2011 ضمن إصلاحات دستورية لتعزيز التمثيلية، لكن العدد ظل ثابتاً رغم التغير الديمغرافي، ما يفرض البحث عن حلول نوعية بدلاً من رفع العدد شكلياً.
التمثيل النسائي والشبابي
-
عدد النائبات الحالي 95 نائبة (24.3%)، وهو تقدم ملموس مقارنة بالماضي، لكنه لا يزال دون سقف الثلث (~33%) المستهدف دولياً.
-
تمثيل الشباب أقل وضوحاً: القانون يخصص 30 مقعداً ضمن اللوائح الوطنية، لكن التمثيلية العملية لا تعكس عدد الشباب الفعلي في المجتمع.
-
بعض الأحزاب، وخصوصاً الاستقلاليات، تقترح رفع التمثيل النسائي إلى ثلث المقاعد، عبر دوائر انتخابية مخصصة أو قوائم وطنية أو برامج تكوينية.
عدد الدوائر الانتخابية وأثرها على التمثيل
يبلغ عدد الدوائر الانتخابية في المغرب 92 دائرة، منها 67 محلية و25 وطنية للنساء والشباب.
في المدن الكبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، ومراكش، هناك عدة دوائر انتخابية، وهو ما يطرح تساؤلاً حول توزيع المقاعد وتأثيره على التمثيل النسائي والشبابي. فمثلاً، في الرباط هناك 6 دوائر انتخابية، موزعة على مناطق مثل المحيط، اليوسفية، أكدال، شالة، يعقوب المنصور وتابريكت.
إعادة النظر في التقطيع الانتخابي تسمح بتحويل بعض المقاعد في المدن الكبرى إلى لوائح وطنية للشباب أو لوائح إقليمية للنساء، بما يضمن تمثيلاً أوسع دون زيادة عدد النواب بشكل غير فعّال.
مقترحات الدكتور عبد النبي العديوي لإصلاح القانون التنظيمي 57-11
اتصلنا بالدكتور عبد النبي العديوي، النائب عن حزب الحركة الشعبية المعارض، الذي قدم رؤية متكاملة للإصلاح:
1. مادة 1 – التمثيلية النسائية والشبابية
-
رفع عدد مقاعد النساء من 90 إلى 120، مع اعتماد الكفاءة أولاً بدل المحسوبية والزبونية.
-
العودة إلى اللائحة الوطنية للشباب بنفس مبدأ الكفاءة.
-
اقتراح تجميع الدوائر في المدن الكبرى في لائحة واحدة، مع نقل نصف أعضاءها إلى لوائح النساء والشباب، بما يحقق تمثيلاً أوسع دون زيادة شكلية في العدد الكلي للنواب.
-
الهدف: ضمان تمثيل حقيقي وفعال للنساء والشباب مع تعزيز الكفاءة.
2. مادة 13 – توسيع دائرة المنافسة
-
تشمل جميع رؤساء الجماعات والغرف المهنية والأمرين بالصرف المنتخبين، ما يفتح المجال أمام تمثيلية أكثر شمولاً ويجعل المنافسة الانتخابية عادلة ومتوازنة.
3. مادة 18 – تعزيز استقلالية البرلمان
-
يبقى تجريد النواب من العضوية من اختصاص مكتب مجلس النواب حصرياً، مع إبعاد وزير العدل عن القرار لتفادي أي تأثير سياسي.
-
الهدف: حماية البرلمان من التدخلات الخارجية وضمان النزاهة في الإجراءات الداخلية.
4. مادة 21 – مواعيد تقديم الاقتراحات
-
تمديد الفترة من 45 إلى 60 يوماً لإتاحة الوقت الكافي للتحضير، ما يعزز جودة التحضير والتخطيط للانتخابات.
5. مادة 23 – شروط الترشح
-
إلغاء شرط التسجيل بنفس الجهة للنساء في اللوائح الجهوية، والاكتفاء بشهادة الولادة الخاصة بالمرشحة أو الأب/الجد.
-
اشتراط شهادة الباكلوريا في ملفات الترشح، لضمان كفاءة تعليمية وسياسية.
6. مادتا 32 و43 – الإعلانات الانتخابية
-
إلغاء الإعلانات الحائطية حفاظاً على البيئة، واستبدالها بالإعلانات الإلكترونية في الفضاء الرقمي.
-
إعادة النظر في العقوبات بما يتوافق مع النشر الإلكتروني.
7. مادة 78 – عملية التصويت
-
إلغاء الوكالة من التصويت، وتحديد يوم الاقتراع في غشت، لضبط الإجراءات الانتخابية وتحقيق شفافية أكبر.
التحليل المؤسساتي والاستراتيجي
-
رفع عدد النواب وحده لن يحل مشكلة ضعف الالتزام والغياب المتكرر أو ضعف القدرات التشريعية.
-
البدائل الأكثر فعالية تشمل:
-
إصلاح مؤسسي داخلي: دعم إداري أفضل، برامج تكوينية، ربط التمويل العام بالحضور والمردودية.
-
تحسين التمثيلية دون رفع العدد: اعتماد quotas فعالة في اللوائح المحلية والوطنية، نظام تناوب جندري وشبابي.
-
استقلالية البرلمان: حماية القرارات الداخلية من النفوذ السياسي المباشر.
-
مراجعة التقطيع الانتخابي: تحويل بعض المقاعد في المدن الكبرى إلى لوائح وطنية للشباب والنساء.
-
الخلاصة والتوصيات
المقترح | التقييم | البديل المقترح |
---|---|---|
رفع عدد النواب | مقبول نظرياً ولكن غير عملي حالياً | تعزيز النجاعة داخل العدد الحالي |
تحسين التمثيلية النسائية/الشبابية | يستدعي إعادة تنظيم القوائم | اعتماد quotas فعالة في اللوائح المحلية والوطنية |
التوسع المكاني والإداري للمجلس | غير متوفر الآن | تطوير البنية التحتية والإدارية أولاً |
تعزيز دور البرلمان فعلياً | مطلوب | ربط التمثيلية بالمصاريف وتقييم الأداء |