تسمى الأحياء الصفيحية بالمغرب “دواوير” أو “براريك” أو “كاريانات”، تعددت التسميات لكن الواقع البائس واحد، ويوجد في مدينة الصخيرات-تمارة أكثر من عشرين ألف براكة حسب بيانات وزارة الإسكان، وهي ثاني تجمع صفيحي بالمغرب بعد العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء (أكثر من 36 ألف براكة).
واعترفت وزيرة الإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري، خلال جلسة بالبرلمان بفشل مخططات وزارتها ووعودها في القضاء على السكن غير اللائق، وقالت إنه رغم المجهودات التي بذلت “لم نستطع وضع حد لدور الصفيح والمباني العشوائية”.
في هذا الصدد ، كشفت وزيرة الإسكان فاطمة الزهراء المنصوري، عن معطيات مقلقة بخصوص “برنامج مدن بدون صفيح”، إذ أكدت أن 150 ألف أسرة مغربية لا تزال تقطن في أحياء صفيحية رغم مرور 17 عاما على إطلاق البرنامج الحكومي.
https://www.youtube.com/watch?v=wNXByKNNGqA
وقالت الوزيرة وعمدة مراكش (وسط البلاد ) في معرض ردها على أسئلة النواب البرلمانيين، خلال جلسة عمومية، بداية الأسبوع الجاري، إن البرنامج نجح في إخراج 300 ألف أسرة من دور الصفيح.
في المقابل، استعرضت المنصوري جملة من الإكراهات التي تعيق تحقيق أهداف البرنامج الذي رصدت له الحكومة المغربية 40 مليار درهم، من بينها “الانتشار المستمر للسكن الصفيحي الذي لا يسمح بضبط الإحصاء” و”ضعف القدرة الشرائية للسكان”.
ووعدت الوزيرة بتجاوز ذلك خلال الولاية الحكومية من خلال الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة في إحصاء وضبط ومراقبة المساكن الصفيحية وإعادة إسكان الأشخاص المعنيين بعين المكان بالإضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأطلق المغرب عام 2004 برنامج “مدن بدون صفيح” بعد تفجيرات 16 مايو/أيار2003 بالدار البيضاء.
وكان هذا البرنامج يرمي إلى تحسين ظروف سكن ما يزيد على مليون وثمانمئة ألف شخص في 85 مدينة، والقضاء نهائيا على دور الصفيح في المغرب في أفق 2020.
وبعد 17 سنة من إطلاقه، أعلنت وزارة الإسكان 59 مدينة بدون صفيح، والقضاء على 282 ألف براكة.
غير أن أعداد دور الصفيح التي أحصيت مند انطلاق البرنامج تضاعفت، وتحدث وزير الإسكان خلال تقديمه خارطة طريق للنهوض بالإسكان أمام المجلس الحكومي العام الماضي عن تزايد السكن الصفيحي في بعض المناطق.
وحصرت السلطات العمومية عدد الأسر المعنية بالاستفادة من البرنامج عند انطلاقته في 270 ألف أسرة، لكن تزايد الأسر المركبة رفع العدد إلى حوالي 454 ألف أسرة، فهل فشل البرنامج الحكومي في تحقيق أهدافه؟
جوابا على هذا السؤال، يقول النائب البرلماني عن حزب الاستقلال (أغلبية) نور الدين مضيان إن البرنامج “وإن واجهته بعض العثرات إلا إنه نجح في اجتثاث عدد من الأحياء الصفيحية في عدد من المدن المغربية”، منوها في السياق بـ”جهود الحكومات المتعاقبة في تدبير الملف”. موضحا أن “صعوبة ترحيل المقيمين في الأحياء الصفيحية من بين العوامل التي أدت إلى بطء وتيرة إنجاز أهداف البرنامج”، موضحا أن ما تبقى من المساكن العشوائية “ضئيل مقارنة بعددها قبل إطلاق البرنامج”.
و يرى الباحث الاقتصادي رشيد أوراز أن الدولة ببرامجها وخططها لا يمكنها القضاء على دور الصفيح دون التعاون مع الفاعلين في القطاع الخاص لتقديم منتج سكني يناسب هذه الفئة.
وقال أوراز في تصريح سابق إن سكان الصفيح لم يختاروا الإقامة في مساكن قصديرية، لكنهم اضطروا لذلك بسبب غياب بدائل تضمن لهم السكن اللائق، فالعقار في المغرب مرتفع التكلفة ولا يتأثر بالأزمات الاقتصادية على غرار بعض الدول.
وأطلقت الدولة ضمن برنامج “مدن بدون صفيح” عروضا للسكن الاجتماعي بـ 140 ألف درهم (نحو 15 ألف دولار) و250 ألف درهم (نحو 26 ألف دولار)، تبنيها شركات العقارات مقابل إعفاءات جبائية مهمة.
غير أن الواقع -يقول أوراز- أظهر فشل هذه البرامج، فلائحة المستفيدين من السكن الاجتماعي تضم في أغلبها فئات اجتماعية أخرى تقتني هذه المساكن بهدف ادخار المال أو الاستثمار فيها.
وكشف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات صدر العام الماضي عن جملة من الاختلالات في برنامج السكن الاجتماعي، ولفت إلى أن الأسر التي تدخل في إحصاءات العجز السكني، خاصة تلك التي تعيش في دور الصفيح والمساكن الآيلة للسقوط، لم تستفد إلا جزئيا من البرنامج.
ولام رشيد أوراز المسؤولين المحليين، وحملهم مسؤولية فشل القضاء على هذه الظاهرة، وهو “المشكل معقد ولا يمكن حله مركزيا، بل يجب إشراك الفاعلين المحليين ومراقبتهم، فهم الذين سيحددون فشل أو نجاح هذه السياسة كونهم في الميدان”.
ويلفت الباحث الاقتصادي الانتباه إلى أن سكانا كثيرين من أحياء الصفيح بالمدن، خاصة محور طنجة الدار البيضاء، مهاجرون من القرى، لذلك يرى أن تنمية المجال القروي وتوفير تعليم جيد وخدمات صحية وفرص شغل؛ من شأنه تخفيف الهجرة القروية والظواهر المرتبطة بها، مثل دور الصفيح.
وفي انتظار وعود أعطيت منذ سنوات ونقضت وبرامج أطلقت وفشلت، تمضي أيام 150 ألف أسرة مغربية بعدما تبخرت أحلامهم في تغيير قريب وصاروا يتطلعون لحدوث معجزة تنتشلهم من واقعهم البائس نحو مساكن وأحياء لائقة، ينهون فيها ما تبقى من أعمارهم ويبني فيها أحفادهم حياة أفضل من تلك التي عاشها آباؤهم وأجدادهم.
تحدث “أخنوش رئيس الحكومة” في كل شيءٍ لأنه لم يقل شيئاً ؟!.. 100 يوم الأولى من حكمها