هل يقود التقارب العسكري المغربي الإثيوبي إلى انسحاب إثيوبيا من دعم البوليساريو؟

0
208

بين الدبلوماسية العسكرية والأمنية: كيف سيعيد التعاون المغربي الإثيوبي تشكيل المشهد الإفريقي؟

شهدنا في الفترة الأخيرة تقاربًا لافتًا بين المملكة المغربية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، وهو تقارب يمتد إلى المجال العسكري والأمني. لكن هل سيعني هذا نهاية الانفصاليين؟ وكيف ستؤثر هذه العلاقة على المشهد الإقليمي؟




السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن يؤدي هذا التعاون العسكري إلى تغيير جذري في موقف إثيوبيا من قضية الصحراء المغربية، خاصة مع احتمالية سحب الاعتراف بـ”البوليساريو”؟ هذه الخطوة إن تحققت، قد تكون بمثابة الهدف الذهبي الذي يحسم المباراة لصالح الرباط.

التقارب الأخير بين الرباط وأديس أبابا لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسيرة طويلة من التعاون الاقتصادي والسياسي. منذ زيارة الملك محمد السادس إلى إثيوبيا عام 2016، والتي كانت بمثابة توقيع لعقد طويل الأمد بين البلدين، وها نحن نشهد اليوم تفعيل هذا العقد على أرض الواقع في مجالات متعددة، من بينها التعاون العسكري.

النقاط المحورية:

  1. هل سيعيد هذا التقارب إثيوبيا إلى صف المغرب في قضية الصحراء؟ هذا السؤال يحمل وزنًا كبيرًا في ميزان العلاقات الإقليمية، وخاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة.

  2. كيف ستتأثر التحالفات في إفريقيا بهذا التقارب؟ وهل سيكون لهذا التعاون الجديد تأثير على العلاقات المغربية مع دول أخرى مثل مصر، التي تراقب عن كثب تحركات أديس أبابا في سياق أزمة سد النهضة؟

في سياق متصل، من المهم أن نلاحظ أن إثيوبيا كانت تاريخيًا داعمًا قويًا لجبهة “البوليساريو”. لكن مع تغير الظروف السياسية في العقد الأخير، ومع بروز الدبلوماسية المغربية كلاعب رئيسي في القارة، يبدو أن أديس أبابا تعيد تقييم موقفها.

هل يمكن أن تكون هذه الشراكة الأمنية هي المفتاح الذي يفتح بابًا جديدًا للعلاقات المغربية الإثيوبية؟ فالخبراء يرون أن هذا التعاون يمكن أن يقود إلى تغييرات كبيرة في ميزان القوى الإقليمي.

على الجانب الآخر، لا يمكن تجاهل ردود الفعل في مصر. فالخطوة المغربية الأخيرة قد تثير القلق في القاهرة، خاصة في ظل التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة. ومع ذلك، يؤكد الخبير العسكري إحسان حفيظي أن المغرب ليس طرفًا ثالثًا في هذا النزاع، بل يسعى إلى تعزيز علاقاته الثنائية دون الإضرار بمصالح مصر.

هل سيكون هذا التقارب العسكري بين المغرب وإثيوبيا هو الضربة القاضية التي تنهي اللعبة لصالح الرباط؟ أم أن هناك جولات أخرى ستشهدها الساحة الدبلوماسية الإفريقية؟ فقط الوقت سيخبرنا بالإجابة.

وكانت أديس أبابا قد اعترفت لأول مرة بجبهة البوليساريو عام 1979،  إبان الحكم الشيوعي برئاسة منغستو هايلي مريام، وظلت من أهم مناصريها قبل أن يتباطأ مستوى الدعم في العقد الأخير الذي تزامن واقتحام الدبلوماسية المغربية لمعاقل الجبهة في القارة عقب التحول الكبير الذي شهده خطابها والذي جعل بوصلة الرباط لا تقتصر على منطقة غرب إفريقيا، بل تنفتح على إفريقيا الوسطى والشرقية.

وعلينا أن نذكر أن إثيوبيا كانت من أكبر المؤيدين لعودة المغرب لمنظمة الاتحاد الافريقي الذي تحتضن مقره ظلت طيلة السنوات الماضية، ملتزمة سياسيا بموقف متوازن من النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما أنها نأت بنفسها عن المحور الذي تقوده الجزائر وجنوب أفريقيا داخل التكتل الاقليمي، وهو ما يجعل من هذا التقارب العسكري والأمني الجديد، مصدر إزعاج كبير لمعاديي مصالح المملكة، وخطوة إيجابية هامة من شأنها تقريب وجهات النظر في ملف الصحراء في إطار ما يعرف بـ “الدبلوماسية العسكرية والأمنية”.

وبالتالي فإن التقارب العسكري بين البلدين والمعلن عنه أخيرا، سيشكل مدخلا لتعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي وأيضا وتعزيز الاستقرار بالقارة، سيما وأن القوات العسكرية للمملكة المغربية تشارك اليوم في أكثر من خمس تجريدات أممية لحفظ السلام.