التناقض بين الداخل والخارج: أخنوش من أزمة الأمن الغذائي في المغرب إلى قيادة التنمية الإفريقية
في خطابه اليوم خلال القمة الرابعة لمنتدى التعاون الإفريقي-الصيني (FOCAC) في بكين، قدم رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، نفسه كجسر استراتيجي بين الصين وإفريقيا، مؤكدًا على دور المغرب في تعزيز التصنيع، تحديث الزراعة، والطاقات المتجددة في القارة الإفريقية. أخنوش لم يتردد في الحديث عن الجهود التي يبذلها المغرب لدعم التنمية الزراعية والأمن الغذائي في إفريقيا، مشيرًا إلى مبادرات مثل إنشاء مصانع الأسمدة في نيجيريا وإثيوبيا، وجهود “المكتب الشريف للفوسفاط” لتعزيز تواجد المغرب في الأسواق الإفريقية.
ولكن، ماذا عن الداخل؟ كيف يُمكن لأخنوش أن يُقدّم نفسه كقائد لشراكة استراتيجية بين الصين وإفريقيا في وقت لم ينجح فيه في تأمين الأمن الغذائي لمواطنيه على مدى 17 عامًا من توليه حقيبة وزارة الفلاحة والصيد البحري؟ فالواقع في المغرب يعكس صورة مغايرة تمامًا لما يحاول أخنوش تصديره في المحافل الدولية.
المغرب الأخضر: طموح كبير ونتائج محدودة
أطلق عزيز أخنوش “مخطط المغرب الأخضر” بهدف تحويل القطاع الزراعي إلى قاطرة للتنمية الاقتصادية، وزيادة الإنتاجية وتعزيز الصادرات. لكن هذا المخطط تعرض لانتقادات شديدة، إذ وُجهت له اتهامات بأنه ساهم في تكريس الزراعة الكبرى، التي تستنزف الموارد المائية في البلاد دون أن تحقق الأمن الغذائي المنشود. تشير التقارير إلى أن المغرب يواجه أزمة مائية خطيرة، حيث أدت السياسة الزراعية التي تعتمد على زراعة منتجات كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل البطيخ والطماطم، إلى استنزاف المخزون المائي في البلاد، ما يهدد مستقبل الأجيال القادمة.
فشل في الأمن الغذائي
رغم الوعود الكبيرة التي قدمها مخطط “المغرب الأخضر”، ما زال المغرب يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتأمين الغذاء لمواطنيه، وهو ما تجلى بوضوح خلال أزمات الغذاء التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة. في ظل توليه مسؤولية وزارة الفلاحة لسنوات طويلة، لم ينجح أخنوش في تحقيق اكتفاء ذاتي غذائي، بل إن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا مع تصاعد أسعار المواد الغذائية وتدهور القوة الشرائية للمواطنين المغاربة. إذا لم ينجح أخنوش في تأمين الغذاء لبلاده على مدى 17 عامًا، فكيف يمكن أن يعد بتحقيق الأمن الغذائي في إفريقيا؟
استنزاف الموارد المائية
إحدى أكثر الانتقادات الحادة التي توجه إلى السياسات الزراعية التي اعتمدها أخنوش خلال ولايته كوزير للفلاحة هي استنزاف الموارد المائية في المغرب. قطاع الفلاحة، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المغربي، يعتمد بشكل كبير على المياه، ومع ندرة الأمطار والجفاف المتكرر، تعرضت الفرشات المائية للاستنزاف الحاد، وهو ما يهدد مستقبل الزراعة في البلاد.
التناقض بين الأداء المحلي والدور الإقليمي
من المثير للسخرية أن يسعى أخنوش لتقديم نفسه كلاعب محوري في الشراكة الإفريقية الصينية، في حين فشل في إدارة ملف الزراعة والمياه في بلاده. هذا التناقض الواضح بين الوعود الكبيرة على الساحة الدولية والنتائج المحلية يدفع للتساؤل: هل يسعى أخنوش لتعزيز مكانته الشخصية على الساحة الدولية على حساب احتياجات شعبه الأساسية؟
التحديات التي تواجه إفريقيا
بينما يعرض أخنوش مشاريع تعاونية في إفريقيا، مثل إنتاج الأسمدة وتحديث الزراعة، فإن القارة الإفريقية تواجه تحديات ضخمة على مستوى الأمن الغذائي والمائي. ومع أن الشراكة الصينية الإفريقية قد تفتح أفاقًا جديدة للتنمية، يبقى السؤال حول مدى قدرة المغرب على تقديم حلول عملية وفعالة للدول الإفريقية في ظل التحديات المحلية التي يواجهها.
الاستنتاج
عزيز أخنوش يسعى لتقديم المغرب كنموذج للتعاون الإقليمي في مجالات الزراعة والتنمية، لكن الواقع الداخلي يظهر عكس ذلك. فشل المغرب في تحقيق الأمن الغذائي واستنزاف موارده المائية يعكس صورة قاتمة عن السياسات التي تبناها أخنوش، مما يثير التساؤل حول مدى قدرته على لعب دور فعال في القارة الإفريقية. إذا كان أخنوش يسعى لتحقيق الازدهار والاستقرار في إفريقيا، فهل عليه أولًا أن يُعيد النظر في سياساته المحلية؟