“هل يُشكِّل إحداث المجلس الأعلى للرياضة منعطفًا حقيقيًا في مكافحة الفساد الرياضي بالمغرب؟”

0
110

في ظل استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الرياضة عن خطوات طموحة لتعزيز النزاهة والشفافية في القطاع الرياضي. البيان الصحفي الصادر عن الهيئة، والذي جاء بعد اجتماع المكتب التنفيذي في الرباط، يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة هذه الإجراءات على تحقيق إصلاح حقيقي في قطاع يعاني من تفشي الفساد وسوء الحكامة.

السياق العام: الفساد الرياضي كعقبة أمام التطور

الفساد في القطاع الرياضي ليس ظاهرة جديدة، بل هو تحدٍّ عالمي يواجهه العديد من الدول. في المغرب، تظهر مظاهر الفساد في تسيير الجامعات الرياضية، وإبرام الصفقات المشبوهة، وتوزيع حقوق البث التلفزيوني، وإدارة الموارد المالية للهيئات الرياضية. هذه الممارسات لا تقوِّض فقط مصداقية الرياضة، بل تُعيق أيضًا تطورها كقطاع استراتيجي يمكن أن يسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المجلس الأعلى للرياضة: حلٌّ أم وهم؟

أبرز ما جاء في البيان الصحفي هو الدعوة إلى إحداث “المجلس الأعلى للرياضة”، وهيئة وطنية مستقلة تُعنى بالتخطيط الاستراتيجي والتنسيق والمراقبة في القطاع الرياضي. يُفترض أن يعمل هذا المجلس على ضمان احترام مبادئ الحكامة الجيدة والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. ولكن، هل يكفي إنشاء مجلس جديد لتحقيق هذه الأهداف؟

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي الصلاحيات الفعلية التي سيتمتع بها هذا المجلس؟ وهل ستكون قراراته ملزمة للجهات الرياضية المختلفة؟

  2. كيف سيتم ضمان استقلالية المجلس عن التأثيرات السياسية والمصالح الخاصة؟

  3. ما هي الآليات التي سيتم وضعها لضمان شفافية عمل المجلس ومساءلته؟

التحديات الراهنة: الفساد وسوء الحكامة

البيان أشار إلى تفشي مظاهر الفساد وسوء الحكامة في القطاع الرياضي، وهو ما يتطلب إصلاحات عاجلة. ولكن، ما هي الخطوات العملية التي ستتخذها الهيئة لمواجهة هذه التحديات؟ هل سيتم إصلاح الإطار القانوني الحالي، أم أن الأمر سيقتصر على إجراءات تنظيمية دون تغييرات جذرية؟

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي الإجراءات المحددة التي ستتخذها الهيئة لمعالجة الفساد في الجامعات الرياضية وإدارة الصفقات؟

  2. كيف سيتم التعامل مع حالات الفساد التي تم الكشف عنها سابقًا؟ وهل سيتم محاسبة المتورطين؟

حرية التعبير ودور المجتمع المدني

أكد البيان على أهمية حرية التعبير في فضح الفساد، ودعم الفاعلين الذين يسعون إلى تعزيز النزاهة. ولكن، في ظل وجود تقارير عن محاولات للتضييق على حرية الصحافة والإعلام، كيف ستضمن الهيئة حماية هؤلاء الفاعلين من أي انتهاكات؟

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي الآليات التي ستضعها الهيئة لحماية الصحفيين والمدافعين عن النزاهة من الترهيب أو الملاحقة القضائية؟

  2. كيف ستتعامل الهيئة مع الجهات التي تحاول إعاقة جهود الإصلاح؟

الإصلاح الهيكلي: هل يكفي لمواكبة كأس العالم 2030؟

مع استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030، يكتسي إحداث المجلس الأعلى للرياضة أهمية خاصة. ولكن، هل سيتمكن هذا المجلس من إحداث إصلاح هيكلي يواكب هذا الحدث العالمي؟ أم أن الأمر سيقتصر على إجراءات شكلية دون تأثير حقيقي؟

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي الخطط الاستراتيجية التي سيضعها المجلس لضمان نجاح تنظيم كأس العالم 2030؟

  2. كيف سيتم تمويل هذه الإصلاحات، وهل ستكون الموارد المالية كافية لتحقيق الأهداف المرجوة؟

الخطوات التنفيذية: بين الطموح والواقع

قرر المكتب التنفيذي تشكيل لجان موضوعاتية لمتابعة ملفات الفساد، وإحداث لجنة خاصة بالمالية واللوجستيك لتأمين الموارد المالية. كما أعلن عن تنظيم ندوة وطنية حول النزاهة والشفافية في الرياضة المغربية. ولكن، هل ستكون هذه الخطوات كافية لتحقيق الإصلاح المنشود؟

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي المعايير التي سيتم اعتمادها لاختيار أعضاء اللجان الموضوعاتية؟

  2. كيف سيتم ضمان مشاركة فعالة من قبل المجتمع المدني والخبراء في هذه الندوة؟

الخاتمة: بين الأمل والتشكيك

بيان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الرياضة يطرح رؤية طموحة لإصلاح القطاع الرياضي، ولكن يبقى السؤال الأكبر: هل ستترجم هذه الرؤية إلى إجراءات ملموسة وفعالة؟ في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها القطاع، يحتاج المغرب إلى إصلاحات جذرية تعتمد على الشفافية والمساءلة، وليس فقط على إنشاء هيئات جديدة.

الخطوات المقترحة تبدو واعدة، ولكن نجاحها سيعتمد على مدى استقلالية هذه الهيئات، ومدى التزام جميع الفاعلين بمعايير النزاهة. فقط عندها يمكن أن تصبح الرياضة المغربية نموذجًا للشفافية والمصداقية، بدل أن تبقى مرتعًا للفساد والتجاوزات.