هل يُصلح التعليم خلف الأبواب المغلقة؟ المفتشون يفضحون المستور!

0
152

في غرف مغلقة، بعيدًا عن أعين الرأي العام، تُدار حوارات مصيرية حول مستقبل التعليم في المغرب. ولكن، هل تُدار هذه الحوارات بمنطق تربوي وبيداغوجي، أم أنها مجرد مناقشات شكلية في زوايا ضيقة لا تُلامس جوهر الأزمة؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل تحذيرات نقابة مفتشي التعليم من أن القضية التربوية، التي تُعتبر القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية، تُدار بعيدًا عن أي اعتبارات تربوية حقيقية.

في بيان صادر عن المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم، تم تسليط الضوء على تناقضات صارخة بين الخطاب الرسمي لوزارة التربية الوطنية والممارسات الميدانية التي تُوصف بـ”الكارثية”. هذه التناقضات، بحسب النقابة، أدت إلى تدهور جودة النظام التعليمي وانتشار ممارسات غير لائقة في أوساط القطاع، أصبحت موضوع نقاش عام.

أزمة داخلية: مفتشون محاصرون بغياب الدعم والرؤية

لا تقتصر الأزمة على الخطاب والممارسة فحسب، بل تمتد إلى الظروف المهنية الصعبة التي يعمل فيها المفتشون. ضعف الدعم اللوجستيكي، ارتفاع معدل التأطير، شح وسائل التنقل، وتأخر صرف المستحقات المالية، كلها عوامل تُعيق تنفيذ مشاريع الإصلاح بفعالية. النقابة تُشير إلى أن هذه الظروف تُضعف من قدرة المفتشين على القيام بمهامهم، مما يُهدد مستقبل الإصلاح التربوي برمته.

ولكن، هل يكفي تحسين الظروف المهنية لإنقاذ المنظومة؟ النقابة تُحذر من أن المشكلة أعمق من ذلك. فإصدار توجيهات خارج الضوابط المرجعية، وغياب رؤية واضحة لبرامج الإصلاح، وخاصة برنامج “مؤسسات الريادة”، يُفاقم من الأزمة. البرنامج، الذي دخل سنته الثالثة، ما زال يعاني من ضبابية في التصور وتغيير مستمر في التوجهات، مما يُضعف الثقة في قدرة الوزارة على قيادة التغيير.

غياب الحكامة التربوية: هل تُدار المنظومة بمنطق الارتجالية؟

أحد أبرز الانتقادات التي وجهتها النقابة هو غياب المقاربة التشاركية في تنزيل مشاريع الإصلاح. فبدلًا من إشراك جميع الفاعلين التربويين، يتم احتكار المعلومات في دوائر ضيقة، مما يُفقد المشروع شموليته ويُضعف فرص نجاحه. النقابة تُحذر من أن هذا النهج يُهدد مفهوم الحكامة التربوية، ويُؤدي إلى تداخل المهام وتأخر التنفيذ.

ولكن، ماذا عن التغذية الراجعة؟ النقابة تُشير إلى محدودية التفاعل معها، رغم أهميتها في تصويب المسار وتجويد الممارسات. هذا الإهمال يُفاقم من حالة التخبط والارتجالية التي تعيشها العديد من المؤسسات التعليمية، التي تُضطر أحيانًا إلى اعتماد تدابير محلية رغم افتقارها إلى الوسائل والموارد الضرورية.

مستقبل مجهول: هل تُدار المنظومة نحو الهاوية؟

في ظل هذه الأوضاع، تُطالب النقابة بضرورة التفاعل الإيجابي مع مطالب المفتشين، بما في ذلك الالتزام بتنزيل توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وتوضيح أدوار هيئة التفتيش في إطار تنظيمي واضح. ولكن، هل ستستجيب الوزارة لهذه المطالب، أم أن المنظومة ستستمر في الانزلاق نحو الهاوية؟

النقابة تُحذر من أن الاستمرار في تجاهل هذه المطالب قد يُؤدي إلى تصعيد احتجاجي من قبل المفتشين، الذين يُطالبون بتأجيل عملية التحقق المتعلقة بروائز المراقبة المستمرة، استعدادًا لخوض معركة دفاعًا عن الهوية المهنية والمستقبل التربوي للهيئة.

أسئلة تبحث عن إجابات

في النهاية، تبقى الأسئلة المطروحة أكثر من الإجابات الجاهزة: هل تُدار المنظومة التربوية بمنطق الإصلاح الحقيقي، أم أننا أمام إدارة ارتجالية تفتقر إلى الرؤية والاستراتيجية؟ وهل ستستجيب وزارة التربية الوطنية لمطالب المفتشين، أم أن الأزمة ستتفاقم لتُهدد مستقبل التعليم في المغرب برمته؟

القصة لم تنتهِ بعد، ولكنها تُشير إلى أن المنظومة التربوية على المحك، وأن مستقبلها قد يكون أكثر إثارة للقلق مما نتصور.